جمع الآیات وتفسیرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
النتیجة: الثمرة من مجموع آیات علم الغیب:

وصف الله فی أوّل آیة بأنّه: (عَالِمُ الْغَیْبِ) المطلق، أی المطلع على کلّ الأسرار الخفیّة، یقول تعالى: (عَالِمُ الْغَیْبِ) ثمّ یستثنی قائلا: (إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُول).

أی أنّ الله یطـلع مثل هؤلاء الرسل على ما شـاء من أسرار الغیب، وبناءً على هذا فهم بأنفسهم لا یعلمون شیئاً عـن الغیب، لکنّهم یطّلعـون علیه بتعلیم إلهی.

ثمّ یضیف: (فَإِنَّهُ یَسْلُکُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (لیحفظه من کلّ انحراف)).

هذا التعبیر دلیل على مقام عصمة الأنبیاء، وکذلک تأکید على علمهم بأسرار الغیب.

هذا طبعاً فی حالة کون (رَصَداً) بمعنى «المراقب» أو «المراقبین» من الملائکة الإلهیین، لکن هناک تفاسیر اُخرى أیضاً لهذه الجملة، من جملتها أنّ المراد بـ «رصداً» هو الطرق التی رسمها للماضین، أو الذین سیأتون فی المستقبل و (جملة (مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ)إشارة إلى الحوادث السابقة و (وَمِنْ خَلْفِهِ) إشارة إلى الحوادث اللاحقة).

وقیل أحیاناً إنّه إشارة إلى الحفظة من الملائکة الذین یحفظون الأنبیاء من شرّ الأعداء(1).

لکن على أیّة حال فلا شکّ فی دلالة الآیة على اطّلاع الأنبیاء على أسرار الغیب عن طریق التلقین الإلهی.

أمّا فیما یتعلّق بجملة (لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا ...)، التی جاءت بعد هذه الآیة، وکیفیة ارتباطها بالآیة التی قبلها، فللمفسّرین احتمالات کثیرة معظمها على خلاف ظاهر الآیة، وتؤدّی إلى انعدام الإنسجام بین الضمائر، بل وحتّى بین الجمل فی الآیة.

والذی یبدو أقرب إلى الصواب هو أنّ الضمائر فی (لِیَعْلَمَ) و (أَحَاطَ بِمَا لَدَیْهِمْ)و(أَحْصَى کُلَّ شَىْء عَدَداً) عائدة کلّها إلى لفظ الجلالة «الله»، وأنّ الضمیر فی (أَبْلَغُوا)إمّا إشارة إلى الأنبیاء أو إلى الملائکة الإلهیین المأمورین بإبلاغ الوحی، وبناءً على هذا فمفهوم الآیة بمجموعها هو: «إنّ الهدف من تعلیم أسرار الغیب أو مراقبة الملائکة لکی یعلم الله أنّ رسله قد أبلغوا رسالات ربّهم، وأنّه تعالى قد أحاط بما لدیهم وأحصى کلّ شیء عدداً».

طبعاً لیس المراد من جملة (لِیَعْلَمَ) أنّه لم یکن یعلم شیئاً ثمّ علم، بل المراد هو التحقّق العینی لعلم الله والذی یُعبَّر عنه بالعلم الفعلی، أی أنّ الهدف کان حصول علم الله حول إبلاغ الرسالة وتجسّده خارجاً.

فالنتیجة هی أنّ علم الأنبیاء (علیهم السلام) بأسرار الغیب عن طریق الله تعالى أو الملائکة، یکون السبب وراء إکمال إبلاغ الرسالة وتحکیم اُسس النبوّة (تأمّل جیّداً).

والآیة الثانیة وبعد نفیها لاطّلاع عامّة الناس على الغیب استثنت الأنبیاء (علیهم السلام)، یقول تعالى: (وَمَا کَانَ اللهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَى الْغَیْبِ وَلَکِنَّ اللهَ یَجْتَبِى مِنْ رُسُلِهِ مَنْ یَشَاءُ).

مع أنّه لم تبد هناک إشارة صریحة فی هذه الآیة إلى مسألة اطّلاع الأنبیاء (علیهم السلام)على أسرار الغیب للوهلة الاُولى، لکن نظراً لکون جملة (ولکِنَّ اللهَ ...) مشعرة بالإستدراک والإستثناء، فسیکون مفهوم الآیة هو أنّه ینتخب فریقاً من الرسل ویعلّمهم من أسرار الغیب(2).

صحیح أنّ بدایة الآیة إشارة إلى الحوادث التی میّزت صفوف المنافقین عن فریق المؤمنین، وفضحت ما یکنّونه فی قلوبهم، لکن من الواضح أنّ شأن النزول هذا لا یحدّد المفهوم الکلّی للآیة، لأنّ الکلام إنّما هو عن عدم اطّلاع عامّة الناس على الغیب، واطّلاع الأنبیاء على ذلک التعلیم الإلهی.

کمـا ویستفاد من هذه الجملة أنّ الإطّلاع على الغیب مقام رفیع یمنح للأنبیاء الإلهیین فقط، وهو فی الواقع مکمّل لبرامجهم وسبب لتحقّق أهدافهم (تأمّل جیّداً).

وهنا یرد سؤالان :

1 ـ إنّ هذه المرتبة لا تنحصر بالأنبیاء والأئمّة المعصومین(علیهم السلام)فحسب، بل أن بعض الصلحاء ذوی القلوب النورانیة الذین بلغوا درجات سامیة من الشهود، مطّلعون على زاویة من أسرار الغیب، فکیف یتلاءم هذا الشیء مع النفی المطلق لاطّلاع عامّة الناس على أسرار الغیب الواردةِ فی الآیة الآنفة الذکر؟

الجواب :

نظراً لکون هذا الإطّلاع محدوداً غیر ذی شأن قیاساً باطّلاع الأنبیاء (علیهم السلام)، فلم یؤخذ فی الآیة بنظر الإعتبار، وبعبارة اُخرى أنّ المراد هو نفی المعرفة الواسعة عن أسرار الغیب، وهو ما یصدق فی حقّ غیر الأنبیاء (علیهم السلام).

کما یحتمل أیضاً أن یکون لهاتین الآیتین مفهوم واسع بحیث یشمل کلا من الأنبیاء وکذلک الملائکة وأصحاب الکشوف والشهود، الذین بلغوا مقاماً عالیاً عن طریق المجاهدات النفسیة والریاضات المشروعة وإرشادات المعصومین، لأنّهم إنّما یحصلون على معارفهم عن طریق الإرتباط بالأنبیاء والأئمّة أو الملائکة، وبناءً على هذا فانّ الله یضع علم غیبه عند أنبیائه فقط ثمّ یستعین الآخرون بهم، أی بالضبط مثلما أنّ «مریم» مثلا، أو امرأة إبراهیم «سارة» اطّلعتا عن طریق الملائکة الإلهیین على البعض من أسرار الغیب فیما یتعلّق بولادة عیسى أو إسحاق ویعقوب (علیهم السلام).

کما ویحتمل أیضاً کون العلوم العینیة على ثلاثة أقسام: قسم منها خاصّ بذاته تعالى، لم یطّلع علیها سواه حتّى الأنبیاء المرسلین والملائکة المقرّبین (کالعلم بزمان قیام الساعة وأمثالها).

الثانی: العلوم الغیبیة الخاصّة التی یودعها الله عند المعصومین (الأنبیاء والأئمّة والملائکة المقرّبین)، والقسم الثالث: العلوم التی یودعها عند فریق من الأتقیاء الذین یبلغون مقام الشهود، وتزال الحجب عن قلوبهم کما ورد عن بعض أصحاب النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)وأصحاب أئمّة الهدى (علیهم السلام)، مثل سلمان وأبی ذرّ ومیثم التمّار ورشید الهجری وأمثالهم، أو ما نقل فی عصرنا عن فریق من العلماء المتقدّمین أو المتأخّرین، وبالإمکان إطلاق اسم «خاصّ الخاصّ» على القسم الأوّل و «الخاصّ» على الثانی و «العام» على الثالث.

ویمکن أن تکون العبارات من قبیل (فَلاَ یُظْهِرُ عَلَى غَیْبِهِ) إشارة إلى نفس هذا المعنى، لأنّ لفظة «غیبه» لها دلالة على الأسرار الغیبیة الخاصّة.

2 ـ إنّه فضلا عمّا قیل عن الصلحاء من أرباب الکشف والشهود، فلقد سمعنا مراراً وتکراراً أنّ فریقاً من الکهنة فی العصر الجاهلی، أو المرتاضین فی عصرنا، الذین لم یکونوا من أهل الإیمان والتقوى، یخبرون أحیاناً عن أسرار الغیب أو الاُمور الخافیة عن أنظار الناس، ویتوقّعون اُموراً تحدث بعد ذلک، ألیس هذا منافیاً لما قیل آنفاً حول تفسیر الآیات؟

لکن الإلتفات إلى نکتة واحدة یکشف الإجابة عن هذا السؤال، وهی إنّ توقّعات المرتاضین وإخبارات الکهنة الغیبیة لم تکن أبداً إخبارات یمکن الإعتماد علیها، فضلا عن عدم خلوّها من الإشتباه بأی حال من الأحوال، فقد تصدق أحیاناً وقد تکون کاذبة أحیاناً اُخرى، وهناک أمثلة کثیرة جدّاً علیها، وبناءً على هذا فلا یمکن أبداً اعتبار هذه الأخبار والمعلومات من علم الغیب، بل إنّهم یعترفون بأنفسهم أحیاناً بأنّ هذه الأخبار هی تلقین الشیاطین الذین لا یصدقون القول معهم أبداً!

وبعبارة اُخرى أنّ هناک أشباحاً تتراءى فی اُفق أذهانهم بسبب ریاضتهم، فیفسّرون هذه الأشباح من عندهم، لتقع تارةً صحیحة واُخرى خاطئة، مثل الأحلام التی یراها الناس، والتی تکون تفاسیرهم لها صحیحة أحیاناً واُخرى غیر صحیحة.

هذه المعلومات والمواضیع الخاطئة والتی یخالطها الشکّ لا یمکنها أبداً أن تعدّ من علم الغیب، أو أن تخدش فی تفسیر الآیة.

اما فی الآیة الثالثة فیدور الکلام عن معرفة المسیح(علیه السلام) بأسرار الغیب، وإظهاره لها صراحةً کمعجزة، وقوله لمن شکّ فی دعوته: (... أَنِّى قَدْ جِئْتُکُمْ بِآیَة مِنْ رَبِّکُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَکُمْ مِّنَ الطِّینِ کَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَکُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الاَْکْمَهَ وَالاَْبْرَصَ وَأُحْىِ الْمَوْتَى ...). (آل عمران / 49)

ثمّ یضیف قائلا: (وَأُنَبِّئُکُمْ بِمَا تَأْکُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُیُوتِکُمْ).

وبهذا فلقد وضع مسألة خلق الطائر الحی من الطین، ومعالجة المرضى الذین یستحیل علاجهم، وإحیاء الموتى، إلى جانب الإخبار عن أسرار الغیب واعتبرها جمیعاً أدلّة على نبوّته.

وبدیهی أنّ الطعام الذی یأکله الناس، أو الذی یدّخرونه فی بیوتهم یتعلّق بحیاتهم الشخصیة، فلیس للآخرین اطّلاع علیه عادةً، فاطّلاع أحد على هذه الجزئیات، والحالة هذه دلیل على اطّلاعه على الغیب.

قال بعض المفسّرین إنّ هذین الموردین هما مجرّد مثال، ولا یمکن أن تتحدّد بهما معرفة المسیح(علیه السلام) أبداً، فقد کان یعلم الکثیر من أسرار الغیب.

مضافاً إلى ما قیل، فهناک العدید من آیات القرآن تعدّ مصداقاً جلیّاً لإطّلاع نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) على بعض أحداث المستقبل، والتی تعتبر من أسرار الغیب، کالآیات الاُولى من سورة الروم: (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِى أَدْنَى الاَْرْضِ وَهُمْ مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ * فِى بِضْعِ سِنِینَ). (الروم / 2 ـ 4)

ومن الواضح أنّ الإخبار عن انتصار دولة مغلوبة على أمرها فی المستقبل القـریب (خلال بضع سنین) وبکلّ هذه الصراحة والثقة، لیس بالشـیء الذی یمکن الإحاطة به بالطرق الإعتیادیة، ولهذا فهو مصداق بارز لعلم الغیب.

وفی موضع آخر یخاطب القرآن الکریم المسلمین (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِینَ). (الفتح / 27)

وکان هذا الکلام فی وقت أحکم فیه المشرکون سیطرتهم على مکّة، وقویت شوکتهم بدرجة بحیث تمکّنوا من فرض شروط صلح الحدیبیة على النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)بحسب الظاهر، إذن فالإخبار عن النصر السریع للمسلمین علیهم بشکل یمکنهم من إزالة أکبر عقبة تعترض طریقتهم، ودخول مکّة بکل اطمئنان لم یکن سوى إخبار غیبی.

وفی موضع آخر حینما علم النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) بأنّ إحدى زوجاته قد أطلعت الاُخریات سرّاً على أمر کان أودعه عندها، سألته قائلة: (مَنْ أَنْبَأَکَ هَذَا).

قال (صلى الله علیه وآله): (نَبَّأَنِىَ الْعَلِیمُ الْخَبِیرُ). (التحریم / 3)

وکذلک حینما أخفى فریق من المنافقین أعمالهم الشنیعة، وجاءوا بأعذار واهیة لغرض عدم الإشتراک فی غزوة تبوک، قال لهم الرسول: (لاَ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُّؤْمِنَ لَکُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِکُمْ). (التوبة / 94)

کما یخبر تعالى فی موضع آخر عن حتمیة هزیمة المشرکین صراحةً، مع أنّهم کانوا بکامل قوّتهم، حیث یقول: (أَمْ یَقُولُونَ نَحْنُ جَمِیعٌ مُّنْتَصِرٌ).

ویضیف على الفور: (سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَیُوَلُّونَ الدُّبُرَ). (القمر / 44 ـ 45)

لا شکّ أنّ المسلمین کانوا قلّة قلیلة حین نزول هذه الآیات والعدوّ فی أوج القـدرة والغطرسـة، وتوقّع مثل هذا النصر المؤزّر والسریع غیر ممکن بالطرق الإعتیادیة، ولکن لم یمض وقت حتّى وجّهوا ضربة قاصمة إلى العدو فی أوّل حرب طاحنة معه، أی فی معرکة (بدر) ثمّ توالت الإنتصارات الواحدة تلو الاُخرى، وأصبحت کلّ الجزیرة العربیة تحت رایة الإسلام خلال فترة قصیرة.

ونظیر هذا المعنى جاء فی قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَیْدِیکُمْ وَیُخْزِهِمْ وَیَنْصُرْکُمْ عَلَیْهِمْ وَیَشْفِ صُدُورَ قَوْم مُّؤْمِنِینَ * وَیُذْهِبْ غَیْظَ قُلُوبِهِمْ). (التوبة / 14 ـ 15)

وورد نفس هذا المعنى فی القرآن الکریم حیث یخاطب أصحاب النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)ویقول: (وَإِنْ یُقَاتِلُوکُمْ یُوَلُّوکُمُ الاَْدْبَارَ ثُمَّ لاَ یُنْصَرُونَ). (آل عمران / 111)

کلّ التعابیر التی فی هذه الآیات تخبر بشکل قاطع عن انتصار المسلمین وهزیمة الأعداء، ذلک الإخبار الذی لم یکن یصدّق به أحد فی ذلک الزمان.

ونفس هذا المعنى ورد بقالب آخر فی سورة القصص الآیة85، عندما اضطرّ الرسول(صلى الله علیه وآله) إلى ترک أرض مکّة المقدّسة، نتیجة للضغط الشدید الذی تعرض له من قبل المشرکین، الذین کانوا بکامل قدرتهم فی ذلک الوقت حیث نزلت الآیة: (إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَیْکَ الْقُرْآنَ لَرَادُّکَ إِلَى مَعَاد).

هذه البشارة القطعیة فی تلک الفترة العصیبة حین کان المسلمون أضعف ما یکونون بحسب الظاهر لم تکن سوى خبر غیبی.

وفی آیة اُخرى حینما کان یستبشر الأعداء بانقراض ذرّیة النبی، وعدم وجود من یحافظ على دینه باعتبار انحصار عقبه فی ابنته فاطمة الزهراء (علیها السلام)فقط، وقالوا: إنّ «محمّداً أبتر»، نزلت سورة الکوثر وبشّرت النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) بخبر حتمی بأنّنا أعطیناک خیراً کثیراً ... وأنّ عدوّک هو الأبتر الذی لا عقب له بکلّ تأکید: (إِنَّا أَعْطَیْنَاکَ الْکَوْثَرَ ... إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَْبْتَرُ).

والیوم نجد أنّ نسل ذلک العظیم قد انتشر عن طریق ابنته فاطمة الزهراء(علیها السلام)فی کلّ أرجاء المعمورة، وظهر منهم الکثیر من القادة الذین وظّفوا أنفسهم لخدمة الإسلام طیلة عمرهم.

فی حین أنّ من کان یؤذی النبی ویعیره(صلى الله علیه وآله) بذلک وهم (مشرکو قریش)، قد اضمّحلوا ولم یبق لهم الیوم أثر یذکر، ولو بقی شیء على سبیل الفرض فهو غیر معروف. وبهذا فقد أمسى کلّ واحد منهم أبتراً، والنبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) ذا نسل عظیم.

ونلاحظ فی قوله تعالى: ملاحظة اُخرى تعدّ من إخبارات القرآن الغیبیة، حیث قال: (وَالْخَیْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِیرَ لِتَرْکَبُوهَا وَزِینَةً وَیَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). (النحل / 8)

مع أنّ الکثیر من المفسّرین یعتبرون جملة (وَیَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) إشارة إلى الحیوانات التی ستخلق مستقبلا، أو التی ستؤلف عند الإنسان، أو کلّ الأشیاء الضروریة التی سیخلقها الله فی المستقبل سواء الحیوانات أم غیرها، ولکن إدراک مفهوم هذه الجملة بالنسبة لنا نحن الذین نعیش فی عصر التکنلوجیا المتطورة یعد أمراً یسیراً ـ کما أشار إلى ذلک بعض المفسّرین المتأخّرین کالمراغی والسیّد قطب فی تفسیر «فى ظلال القرآن»، بل هو إخبار القرآن عن عصرنا، ولا منافاة بین عبارة (یخلق) مع اختراعها من قبل الإنسان، إذ إنّ عمل الإنسان لیس سوى ترکیب المواد التی خلقها الله تعالى، هذا أوّلا.

وثانیاً: إنّ إبتکار الإنسان فی صنع هذه الوسائل ناتج من الإستعداد الذی وهبه الله تعالى له! کلّ هذه الآیات تبیّن أنّ الله قد وضع بعضاً من العلم الغیبی تحت تصرّف نبیّه (صلى الله علیه وآله).


1. یجب ألاّ یفوتنا أنّ «الرصد» یعنی فی الأصل المراقب الذی یکمن فی موضع لیراقب الأحداث عن کثب أی الإستعداد للترقّب وربّما کان إطلاق هذه اللفظة على الطریق لنفس هذا السبب، وإلاّ فأصلها هو ما قیل أعلاه طبقاً لقول صاحب مقاییس اللغة; والراغب فی المفردات. 2. جمهور المفسّرین اتّخذوا هذا المعنى فی تفسیر الآیة، لکن البعض ذکر احتمالات واهیة لتلک الآیة لا علاقة لها بمسألة اطّلاع الأنبیاء على علم الغیب، وسبب النزول الذی ورد فی البعض من التفاسیر مثل روح المعانی شاهد على ذلک التفسیر المشهور أیضاً.
النتیجة: الثمرة من مجموع آیات علم الغیب:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma