حدود علم الغیب وکیفیته:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
روایات علم الغیب:إثبات علم القادة الإلهیین عن طریق العقل

لا کلام فی مسألة اطّلاع الأنبیاء والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) على علم الغیب عن طریق التعلیم الإلهی، وقد تقدّمت أدلّتها مفصّلة فی الأبحاث السابقة.

لکنّ هناک کلاماً مطوّلا حول کیفیة هذا العلم ومساحته، وهذه المسألة تعدّ من أعقد المسائل التی تواجه الباحث فی مثل هذه الأبحاث، وقد وردت بحقّها أخبار متفاوتة، کما وتلاحظ هنالک آراء متنوّعة من قبل العلماء أیضاً، ومجموع هذه الإحتمالات الأساسیة فی هذه المسألة کالتالی:

1 ـ إنّهم یرون کلّ شیء «بالفعل» باستثناء القسم الخاصّ بالذات المقدّسة، کالعلوم الخمسة الواردة فی آخر سورة لقمان والتی تمّت الإشارة إلیها سابقاً، وکالعلم بکنه ذات الباری جلّت قدرته وکنه أسمائه وصفاته.

الـدلیل على هذا الکـلام هو الروایات المتظافرة التی تقول صـراحة: إنّ للأئمّة «علم ما یکون وما هو کائن حتّى تقوم الساعة»، ومن البدیهی أنّ للنبی ذلک العلم بطریق أولى.

المرحوم الکلینی وفی اُصول الکافی ذکر باباً تحت عنوان: «إنّ الأئمّة (علیهم السلام) یعلمون علم ما کان وما یکون وأنّه لا یخفى علیهم شیء»(1).

2 ـ إنّهم یعلمون کلّ هذه الاُمور لکن «بالقوّة» لا «بالفعل»، أی أنّهم کلّما شاؤا أن یعلموا شیئاً من أسرار الغیب ألهمهم الله به، أو أنّهم یمتلکون قواعد واُصول یستندون علیها للإطّلاع على کلّ أسرار الغیب، أو أنّ معهم کتباً یطّلعون على أسرار الغیب من خلال التأمّل فیها، أو أنّهم یعلمون بهذه الأسرار کلّما شاء الله ذلک، أی کلّما منحهم حالة البسط اصطلاحاً، فی حین أنّ هذه العلوم تختفی عند عودة المشیئة وحصول حالة القبض کما یصطلح على ذلک.

الدلیل على هذا القول (فی الحالة الاُولى) هو الروایات القائلة: إنّ الأئمّة والقادة المعصومین إذا أرادوا أن یعلموا شیئاً علموه، وقد عقد المرحوم الکلینی فی اُصول الکافی باباً حول هذا الموضوع تحت عنوان: «إنّ الأئمّة إذا شاؤا أن یعلموا علموا»(2).

هـذا البیان یحلّ الکثیر من المشـاکل المتعلّقة بعلم الأنبیاء والأئمّة أیضاً، من جملتها أنّه لماذا شرب الإمام الحسن (علیه السلام) مثـلا من ماء الجرّة المسموم؟ وتناول الإمام الثامن (علیه السلام) العنب أو الرمّـان المسمـوم؟ لماذا انتخبـوا فلاناً المنـاسب للقضاء أو القیـادة؟ ولماذا کان یعقوب قلقـاً إلى ذلک الحـدّ على إبنه؟ مع أنّ ابنه کان یتدرّج فی المناصب الحسّاسة، ثمّ استبدل الفراق إلى الوصال فی خاتمة المطاف، لماذا ...، ولماذا ...؟

یمکن القول أنّهم وفی کلّ هذه الموارد لو شاؤا أن یعلموا لعلموا، لکنّهم کانوا یعلمون أنّ الله لم یجز لهم الإطّلاع إمّا اختباراً أو لمصالح اُخرى.

و یمکن توضیح هذه المسألة بذکر هذا المثال: لو أعطى أحد رسالة حاویة على أسماء أشخاص أو مناصبهم أو على حقائق سرّیة اُخرى، لشخص آخر فبإمکان ذلک الشخص الإطّلاع على هذه الحقائق بمجرّد فتح الرسالة، لکن حیث إنّها لم تفتح بعد فلیس له اطّلاع على محتواها، کما أنّ الشخص الرئیسی الذی أعطاه الرسالة کان قد خوّله فتح الرسالة متى شاء.

3 ـ المراد من اطّلاع المعصومین على علم الغیب هو الإطّلاع على کلّ المسائل ذات العلاقة بهدایة البشریة بصورة مباشرة أو غیر مباشرة، وبناءً على هذا فهم مطّلعون بالفعل على کلّ المعارف والأحکام، وتواریخ الأنبیاء ومسائل الخلق والحوادث السابقة واللاحقة إلى کلّ ما یرتبط بهدایة الناس، لکن لیس من الضروری القول بما هو خارج عن نطاق هذه الدائرة فی حقّهم.

الروایات المتعدّدة التی أشرنا إلیها والقائلة: «إنّ الله أحکم وأکرم وأجلّ وأعظم وأعدل من أن یحتجّ بحجّة (للخلق) ثمّ یغیّب عنه شیئاً من اُمورهم»(3).

ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «من زعم أنّ الله یحتجّ بعبد فی بلاده (بین خلقه) ثمّ یَستُر عنه جمیع ما یحتاج إلیه فقد افترى على الله!»(4).

هذه کلّها إشارة إلى العلوم الضروریة لهدایة الخلق.

4 ـ إنّهم مطّلعون على کلّ أسرار الغیب، لکنّ اطّلاعهم هذا مبتن على اُصول کلّیة، فهم یعلمون بکلّیات کافّة الاُمور، فی حین أنّ العلم بکلّیات العالم وجزئیاته کلّها خاصة بذاته تعالى.

هذا الکلام فی الواقع یشبه ما ورد فی روایات متعدّدة من أنّ علیّاً (علیه السلام) قال: «إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) علّمنی الف باب من الحلال والحرام وممّا کان وممّا یکون إلى یوم القیامة، کلّ باب منها یفتح الف باب فذلک الف الف باب»(5).

العدد (الف) فی هذا الحدیث سواء کان للعدد أو کنایة عن الکثرة فهو دلیل على الکثرة، التی تفوق الحدّ لأبواب العلم التی علّمه إیّاها النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، وکذلک إشارة إلى اشتمال هذه الأبواب على سلسلة من الاُصول الکلّیة التی تطلّ علیها مئات بل آلاف الأبواب الاُخرى.

والملاحظة الجدیرة بالإعتبار هی أنّ الحدیث، (إذا شاؤا أن یعلموا علموا) یمکن أن یکون إشارة إلى نفس هذا المعنى وهو أنّهم إذا شاؤا أن یعلموا بعضاً من الجزئیات، لراجعوا الاُصول الکلّیة التی علّمهم إیّاها الله تعالى أو النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)واطّلعوا علیها.

5 ـ إنّ علمهم یکون بکلّ حقائق العالم لکن من خلال «لوح المحو والإثبات»، فی حین علم الله بکلّ الحقائق هو من خلال «اللوح المحفوظ».

بیان ذلک: حوادث الکون لها مرحلتان: المرحلة القطعیّة التی لا سبیل لأی تـغییر إلیها، أی أنّ حادثة مـا بکلّ أسبـابها وعللها حاضرة عند العـالم، وحیث إنّه مطّلع على کلّ أسبابها وعللها وموانعها وعلاقتها بالماضی والمستقبل، فهو یعلمها قطعاً ویخبر عنها بجدّیة، وقد تمّ التعبیر عن هذه المرحلة على لسان الآیات والروایات بـ «اُمّ الکتاب» أو «اللوح المحفوظ».

والمرحلة الاُخرى هی «المرحلة غیر القطعیة» أو بعبارة اُخرى «المرحلة المشروطة»، فالشخص العالم مطّلع على علل الحوادث فی هذه المرحلة، لکن من الممکن عدم وضوح کلّ شروطها وموانعها لدیه، ولذا لا یمکنه البتّ فی وقوع الحوادث إنّما یمکنه ذلک مشروطاً، وهذا ما تمّ التعبیر عنه على لسان الآیات والروایات بـ «لوح المحو والإثبات».

الاختلاف بین علم الله وعلوم الأنبیاء والأولیاء هو نفس الاختلاف بین هاتین المرحلتین، أی أنّه وفضلا عن کون أحدهما ذاتیاً ومستقلا دون الآخر فانّ لأحدهما صفة القطع والبتّ دون صاحبه.

6 ـ آخر کلام ونظریة یمکن بیانها فیما یتعلّق بکیفیة اطّلاع الأنبیاء والأولیاء(علیهم السلام) على أسرار الغیب، هو القول باطّلاعهم علیها إجمالا، لکن ما هی مساحة ذلک یاترى؟ فلا نعلم ذلک بالدقّة، وما نعلمه فقط هو أنّ الله العالِم یعلّمهم کلّما وجد فی ذلک مصلحة وضرورة، لکن کیف؟ وکم؟ فهذا ما لا نعلمه.

کانت هذه هی الطرق الستّة التی یمکن ذکرها للإجابة عن مسألة کیفیة اطّلاع الأنبیاء والأولیاء(علیهم السلام) على أسرار الغیب وحدود ذلک.

ونظـراً إلى أنّ البحث حول کلّ الجزئیات المرتبطة بعلم الغیب قد أفرد فی کتاب مستقلّ، فضلا عن أنّ هدفنـا الرئیس من عرض هذه المبـاحث شیء آخر (وهو رفع التضادّ الذی ربّما یتوهّمه بعض المغفّلین بین الآیات المرتبطة بعلم الغیب) فسنوکل مزیداً من الشرح والتفصیل حول هذا الموضوع، واختیار النظریة الأقوى من بین هذه النظریات إلى بحثه الخاصّ به.


1. أصول الکافی، ج 1، ص 25 (ذکر المرحوم الکلینی فی هذا الباب ست روایات) کما أنّ المرحوم العلاّمة المجلسی قد تعرّض لشرح هذه الروایات فی مرآة العقول، ج 3، من ص 129 ـ 134.
2. المصدر السابق، ص 258 (ذکرت فی هذا الباب ثلاث روایات بنفس هذا المضمون) کما أشار إلیها المرحوم العلاّمة المجلسی فی مرآة العقول، ج 3، ص 118.
3. بحار الأنوار، ج 26، ص 138، ح 5 (ورد هذا الحدیث قبل عدّة صفحات بتفاوت ضئیل).
4. المصدر السابق، ص 139، ح 8.
5. المرحوم العلاّمة المجلسی عقد فی المجلّد الأربعین باباً تحت نفس هذا العنوان (إنّ النبی (صلى الله علیه وآله) علّمه الف باب) وذکر 82 حدیثاً حول هذا الموضوع والذی ذکرناه أعلاه هو الحدیث السادس (بحار الأنوار، ج 40، ص 130).

 

روایات علم الغیب:إثبات علم القادة الإلهیین عن طریق العقل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma