تمّ البحث فی سورتین من القرآن المجید حول اختراع الدرع المناسب، الذی کان یعدّ وسیلة دفاعیة مهمّة لحروب الأزمنة الغابرة، وذلک من قبل داود النبی الإلهی العظیم الشأن.
یقول تعالى فی أحد المواضع: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوس لَکُمْ لِتُحْصِنَکُمْ مِنْ بَأْسِکُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاکِرُونَ). (الأنبیاء / 80)
یتّضـح جیّداً من هذه الآیة أنّ إبداع هذه الوسیـلة الدفاعیة قد تمّ فی عهد داود (علیه السلام)وبتعلیم ربّانی، فی حین انّنا نعلم بعدم ضرورة أن یکون نبی إلهی مبتکراً لمثل هذا الموضوع.
کما ونقرأ فی قوله تعالى: (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ). (سبأ / 10 ـ 11)
لا شکّ أنّ هذا الأمر یکشف عن أنّ إقدام داود (علیه السلام) على صنع شیء فرید من نوعه، کان بأمر إلهی وأنّه تعالى هو الذی علّمه کیفیة الصنع وسبل تلیین الحدید، سواء کانت لهذه المسألة صفة إعجاز أم تعلیم إلهی بالاستفادة من المعدّات والأسباب، وعلى أیّة حال فابتکار هذا الأمر (صنع الحلقات الدقیقة والقویّة لغرض نسج الدرع فی ذلک الزمان، بحیث لا یعیق حرکة المقاتل، کما ویسهل ارتداؤه بالإضافة إلى مقاومته لضربات وأسنّة السهام والسیوف والرماح فی نفس الوقت) کان عملا شاقّاً ومعقّداً للغایة، ولم تکن أهمیّته فی ذلک العصر أدنى من إبداع الأسلحة المتطوّرة فی عالم الیوم.
کما ویحتمل أن تکون الآیة 15 من سورة النمل إشارة إلى نفس علم ومعرفة داود بصناعة هذه الوسیلة الدفاعیة أیضاً، أو أن تکون مضافة إلى العلوم الأولى حیث یقول تعالى: (وَلَقَدْ آتَیْنَا دَاوُدَ وَسُلَیْمانَ عِلْماً).(1)
لقد تناولنا هذا البحث فیما سبق أیضاً ـ بمناسبة أخرى .