8 ـ یونس (علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
7 ـ سلیمان (علیه السلام) 9 ـ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)

وهنـاک آیة فی القرآن الکریم حول هذا النبی العظیم أیضاً، حیث تبیّن أنّه اعتـرف أمام الله تعالى بالظلم ثمّ طلب العفو والمغفرة وأنّ الله استجاب دعاءه وغفر لـه بعد اختبار طویل، یقـول تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبـاً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْـهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَکَ إِنِّى کُنتُ مِنْ الظَّالِمِینَ)ثمّ یضیف قائلا: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّیْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَکَذَلِکَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِینَ). (الأنبیاء / 87 ـ 88)

وهنا یثار هذا السؤال وهو: کیف یتناسب وضع یونس فی صفوف الظلمة مع منزلة عصمته، ولمن ظلم؟، وما هی نوعیة الظلم؟ ثمّ أنّ یونس (علیه السلام) على من غضب؟ ولماذا ظنّ أنّ الله لن یضیّق علیه؟ ألا یمکن لهذه الجهات الثلاث مجتمعة أن تکون بمثابة علامة إستفهام على مسألة عصمته؟

ورد نفس هذا المعنى بشکل غامض فی القرآن الکریم: (فَـاصْبِرْ لِحُکْمِ رَبِّـکَ وَلاَ تَکُنْ کَصَـاحِبِ الْحُـوتِ إِذْ نَـادَى وَهُوَ مَکْظُومٌ * لَـوْلاَ أَنْ تَدَارَکَهُ نِعْمَـةٌ مِنْ رَبِّـهِ لَنُبِذَ بِالْعَـرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِینَ). (القلم / 48 ـ 50)

کما یستفاد من هذا التعبیر أیضاً أنّه کان قد تسرّع فی أمره وأشرف على الهلاک لولا أن أسعفه لطفه تعالى.

ونفس هذا المعنى تکرّر أیضاً فی سورة الصافات، وذلک بعد الإشارة إلى قصّة هربه من قومه ورکوبه فی السفینة، وإلقاء القرعة ثمّ إلقائه فی فم حوت عظیم، یقول تعالى: (فَلَوْلاَ أَنَّهُ کَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ * لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى یَوْمِ یُبْعَثُونَ). (الصافات / 143 ـ 144)

مـا هو الذنب الذی اقتـرفه لیسجن فی بطن الحوت، ویلبث فیه مدّة مدیدة لولا تسبیحه لله تعالى؟، خلاصة القول: إنّ قصّة یونس (علیه السلام) التی جاءت فی ثلاث سور من القرآن الکریم (الأنبیاء، القلم، الصافات) وبعبارات مختلفة تثیر استفهامات شتّى حول مقام عصمة هذا النبی العظیم وتستدعی جواباً منطقیّاً.

الجواب :

صحیح أنّ التعابیر المختلفة للآیات المذکورة تبیّن أنّ ذنباً ما قد صدر من یونس (علیه السلام)، فالتعبیر بـ «الظالم» و «الملیم» (یأتی أحیاناً بمعنى ملامة النفس، أو القیام بعمل یستوجب ملامة الآخرین لفاعله، لأنّ لفظة «الملیم» قد فسّرت بکلا المعنیین)، وکذلک التعبیر بأنّ یونس (علیه السلام): (فلَوْلا أَنّهُ کَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ * لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ اِلى یَوْمِ یُبْعَثُونَ)، والتعبیر بـ (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّیْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ) وتعبیر (لاَ تَکُنْ کَصَاحِبِ الْحُوتِ)، الذی یأمر نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله): بأن لا یکون کیونس (علیه السلام)، وکذلک تعبیر: (لَوْلاَ أَنْ تَدَارَکَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)، کلّ هذه التعابیر تبیّن وقوع شیء ممّا لا ینبغی وقوعه.

لـکن القرائن تشیر إلى أنّ هذا العمـل المخالف لم یکن سوى تـرک الأولى، لأنّ الله تعالى وفی نفس هذه الآیات قد تحدّث عن یونس کنبی مرسل، موضع العنایة الإلهیّة الخاصّة، وفـی سورة ( الأنعام / 86) یعتبـره الله تعالى من الأنبیاء العظام الـذین فضّـلهم على العـالمین، کـما یعتبـره فی عداد الأنبیاء عظیمی الشأن کإبراهیم ونوح وإسمـاعیل وعیسى(علیهم السلام)، وذلک فـی سورة (النساء / 163).

امّـا ما هو ترک الأولى هذا؟ فهناک احتمـالات متنوّعة، یمکن لکلّ واحد منها منفـرداً فضلا عن مجمـوعها، أن یکون دلیلا على ترک الأولى فقط، من جملتها: أنّه تسرّع فی ترک قومه إذ کان الأجدر به أن یصبر أکثر، أو أنّه تعجّل بالدعاء علیهم، أو أنّه کان ینبغی علیه انتظار الأمر الإلهی حین خروجه من بین قومه حتى ولو کان قد یئس من هدایتهم على ما یبدو.

ولا یخفى أنّ أیّاً من هذه الاُمور لا یعدّ ذنباً، لکنّها لو لم تکن لکان أفضل، وبناءً على هذا فقد استحقّ العتاب والملامة، والتعبیر بـ «الظلم» أو «الإبتلاء بالعقاب الإلهی» إنّما هو من باب «حَسَناتُ الاَبْرارِ سَیِئاتُ الْمُقَرَّبینَ»، والذی تقدّم الکلام عنه مفصّلا عند البحث عن ترک آدم (علیه السلام) للأولى، کما یحتمل أیضاً تصوّره بأنّ الله تعالى لن یضیق علیه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَیْهِ)، أنّ تصوّره هذا کان بمثابة ترک الأولى، وذلک لأنّ تمتّع الأنبیاء (علیهم السلام) بمستوى عال من الإیمان یفرض علیهم الـعیش دائماً بین الخوف والرجاء لا اعتبار أنفسهم فی أمان من العقاب الإلهی، أو القنوط من رحمته.

أمّـا التعبیر بـ «مغاضباً» فواضح أنّه یعنی الغضب على أعمال قومه المذنبین، لا الغضب على الله تعـالى! کما ذهب إلیه بعض المغفّلین، لأنّ هذا لیس فقط متنافیاً مع مقام الأنبیاء، بل لا یتناسب وأدنى حدّ من الإیمان أیضاً لأنّ ما یقابل الغضب على الله هو الکفر بالله.

وعبـارة «مغاضباً لربّه» الـواردة فی الروایات أو کلمات بعض أقطاب أهل التفسیر إنّما تعنی «مُغَاضِباً لاَجْلِ رَبِّهِ» أی أنّه غضب لأجل الله تعالى نتیجة أعمال قومه.

ومـن هنا یتّضح سبب مکوثه فی سجن مظلم تتوالى ظلماته الواحدة بعد الأخـرى (ظلمة بطن الحوت، ظلمة البحر، وظلمة اللیالی)؟ وسبب عزمه على التضرّع والإستغفار وطلب العفو، بتلک العبارات الموزونة المتینة: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَکَ إِنِّى کُنتُ مِنَ الظَّالِمِینَ).

الملفت للنظر هو ما جاء فی البعض من الروایات، أنّ الإمام علی بن موسى الرضا(علیه السلام)قال: «حینما کان یونس فی خلوته فی بطن الحوت متوجّهاً بکلّ وجوده إلى العبادة مستجیراً بالله تعالى وحده، اعتبر نفسه من الظالمین لأنّه لم یأت بعبادة خالصة کهذه من قبل، فقال أن لا إله إلاّ أنت سبحانک انّی کنت من الظالمین، بترکی مثل هذه العبادة التی فرغْتَنی لها فی بطن الحوت، فقبل الله تعالى منه ذلک، وقال عزّوجلّ: (فلولا أنّه کان من المسبّحین للبث فی بطنه إلى یوم یبعثون)»(1).

امّا فیما یتعلّق بتفسیر الآیات المتعلّقة بـ « یونس » (علیه السلام) وما هو ذلک الحوت الذی تمکّن من الإحتفاظ به فی بطنه؟ وکیف یمـکن للإنسان البقاء حیّاً مدّة طویلة بلا ماء أو طعام أو هواء؟ وکیف یمکن لذلک الإنسان ألاّ یذوب ویهضم فی المعدة الواسعة للحیوان؟ واسئلة أُخرى من هذا القبیـل، فالکلام عنها خارج عن موضوع بـحث العصمة، ومن أراد الوقوف علـى أجوبة هذه الأسئلة یمکنه الرجوع إلى «التفسیر الأمثل»، الأجزاء13 و19 و24 فی تفسیر الآیات التی تتحدّث عن یونس (علیه السلام).


1. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 450، ح 137.

 

7 ـ سلیمان (علیه السلام) 9 ـ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma