5 ـ منطق منکری الإعجاز

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
4 ـ السحر لا یضاهی المعجزة2ـ التحقیق فی مضمون دعوة الأنبیاء (علیهم السلام)

یتشبّث منکرو الإعجاز فی بعض الأحیان بدلائل عقلیة ظاهریة، وقد ذکرنا فیما سبق نماذج لها وأجبنا علیها، کما تمسّک البعض أیضاً بقسم من آیات القرآن ظنّاً منه بنفیها لمسألة معجزة الأنبیاء، خصوصاً معجزة نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، أو إنکارها للمعجزات من غیر القرآن، وأهمّ الآیات التی تمسّکوا بها أو التی یحتمل البحث فیها هی الآیات التالیة:

1 ـ نقرأ فی سورة الإسراء: (وَقَالُوا لَنْ نُّؤْمِنَ لَکَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاَْرْضِ یَنْبُوعاً * أَوْ تَکُونَ لَکَ جَنَّةٌ مِنْ نَّخِیل وَعِنَب فَتُفَجِّرَ الاَْنهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِیراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ کَمَا زَعَمْتَ عَلَیْنَا کِسَفاً (قطعاً) أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِکَةِ قَبِیلا * أَوْ یَکُونَ لَکَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُف أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاءِ وَلَنْ نُّؤْمِنَ لِرُقِیِّکَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَیْنَا کِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى (من هذا الکلام الفارغ) هَلْ کُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولا). (الإسراء / 90 ـ 93)

وکما نلاحظ فنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) لم یستجب أبداً لواحدة من خوارق العادات والمعجزات التی طلبها هذا الفریق من مشرکی قریش، بل اقتصر جوابه على القول: (سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ کُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولا).

2 ـ کما ونقرأ فی نفس هذه السورة: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُّرْسِلَ بِالاْیَاتِ إِلاَّ أَنْ کَذَّبَ بِهَا الاَْوَّلُونَ). (الإسراء / 59)

إذ إنّ هذه الآیة أیضاً تبین أنّ الله لم یعط المعجزة لنبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)وذلک لأجل تکذیب الأوّلین بالآیات الإلهیّة!

3 ـ وجاء فی سورة هود: (فَلَعَلَّکَ تَارِکٌ بَعْضَ مَا یُوحَى إِلَیْکَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُکَ أَنْ یَقُولُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَیْهِ کَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَکٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِیرٌ وَاللهُ عَلَى کُلِّ شَىْء وَکِیلٌ). (هود / 12)

هذه الآیة کالاُولى أیضاً التی تقول فی قبال طلب الکفّار: «إنّما أنت نذیر».

4 ـ وجاء فی سورة الرعد أیضاً: (وَیَقُولُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِکُلِّ قَوْم هَاد). (الرعد / 7)

ألا تصرّح هذه الآیات بعدم استجابة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) لطلباتهم بشأن الاتیان بالمعجزة؟

5 ـ ونقرأ فی سورة الأنعام أیضاً: (وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ یُنَزِّلَ آیَةً وَلَکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لاَ یَعْلَمُونَ). (الأنعام / 37)

یقول المفسّر الکبیر المرحوم أمین الإسلام الطبرسی فی ذیل هذه الآیة: وقد اعترض جمعٌ من الملاحدة على المسلمین بهذه الآیة فقالوا: إنّها تدلّ على أنّ الله تعـالى لم یُنَزّلْ على محمّـد آیة، إذ لو نزّلها لذکرها عند سؤال المشرکین إیّاها (ثمّ یتعرّض بعد ذلک للردّ على هذه الشبهة وهو ما سنشیر إلیه فیما بعد).

یتّضح من کلام هذا المحقّق أنّ مثل هذه الوساوس حول المعجزات کانت منذ قدیم الأیّام، ولم تقتصر على عصرنا هذا.

کما أنّ هنالک عدّة روایات ذکرت حول هذا الموضوع، لکن ضعف استدلالها دفعنا لغضّ الطرف عنها.

الجواب :

الإلتفات إلى بعض الملاحظات یکفی لتوضیح تفسیر هذه الآیات، کما ویضع نهایة لهذه الحجج أیضاً.

1 ـ من الواضح أنّ أیّاً من هذه الآیات لا ینفی المعجزات بشکل مطلق، وعلى فرض دلالتها على ما توهّمه المستدلّون فهی لا تتعدّى أکثر من نفی المعجزة عن نبی الإسلام فحسب، فضلا عن بداهة عدم نفیها لمعجزة القرآن، وذلک لأنّ الکثیر من آیات القرآن قد اعتبرت هذا الکتاب السماوی معجزة خالدة، کما ودعت کلّ المخالفین للمنازلة، لکنّهم عجزوا عن مقابلتها، فأیّة معجزة أکبر وأرفع من دعوة الإنس والجن للمقابلة وعجزهم عن ذلک(1).

وبناءً على هذا فعلى فرض صحّة کلّ هذه الإستدلالات ستنحصر معجزة نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) بالقرآن المجید، وهذه المسألة (وعلى فرض صحّتها) لا تخدش فی مسألة نبوّة نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، کما أنّها لن تخدم مخالفی النبوّة بأی وجه.

آیـات القرآن ملیئة بمعجزات الأنبیـاء السابقین وخرقهم للعادات، وبهذا فمعجزاتهم هی ممّا لا یمکن إنکاره، امّا فیما یتعلّق بنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) فانّها تصرّح بإعجاز القرآن، وهکذا لن یبقى سوى نفی باقی المعجزات عن نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، وهذا على فرض صحته لا یؤثّر فی المسائل الإعتقادیة باعتباره مسألة فرعیة وتأریخیة لا غیر.

2 ـ لسان هذه الآیات یکشف عن أنّ الهدف لیس نفی المعجزات الحقیقیة بل الإقتراحیة.

بیان ذلک: إنّ الواجب على کلّ الأنبیاء هو إثبات صدق دعواهم عن طریق المعجزات أو طرق اُخرى، وبناءً على هذا فکلّما جاءوا بالمعجزة بما فیه الکفایة لم یبق هناک دافع یدفعهم لإظهار المزید من المعجزات، إذ إنّ مهمّة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) لم تکن خرق العادة فقط، لیجلس فی زاویة ویقترح علیه کلّ شخص معجزة طبقاً لهواه، ثمّ لیقترح اُخرى بعد مشاهدتها لو طاب له ذلک ویعبث بقوانین الخلقة، وبعد کلّ هذا أیضاً فإمّا أن یذعن لدعوة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) أو یرفضها لو لم یرغب فیها.

وبعبارة اُخرى، فالنبی مکلّف بإبداء المعجزات لطالبی الحقّ، بما یکفی لإقامة الحجّة ولیس مسؤولا أبداً للإستجابة للمعجزات الإقتراحیة التی یثیرها المتذرّعون طبقاً لأهوائهم، لا لتحقیق الحقّ، بل للحصول على منفذ یخلصهم من الحقیقة.

الإقتراحات التی ذکرت فی أوّل آیة دلیل واضح على هذا الموضوع، فهم من جهة قد طلبوا سبع معجزات! مع أنّ واحدة تکفی للباحث عن الحقیقة.

وطلبوا من جهة اُخرى معجزات یکمن فیها فناؤهم، إذ قالوا مثلا: (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ کَمَا زَعَمْتَ عَلَیْنَا کِسَفاً)، ومن الواضح أنّ طالب الحقیقة لا یطلب تلک المعجزة التی فیها فناؤه أبداً، إذ الهدف من المعجزة هو الإیمان لا الموت والفناء.

ومن جهة ثالثة فقد طلبوا المحال، کاقتراحهم مثلا نزول الله والملائکة علیهم: (أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِکَةِ قَبِیلا)، وعدم وجود الله فی مکان معیّن لیترکه ویأتی إلى هؤلاء المتعلّلین هو ممّا لا یخفى.

ومن جهة رابعة نراهم یصرّحون بعد طلبهم للمعجزة المقترحة بأنّهم لا یؤمنون به، حتّى تؤدّی العمل الفلانی الآخر أیضاً: (أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّکَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَیْنَا کِتَاباً (من الله) نَقْرَؤُهُ).

ومع الأخذ بنظر الإعتبار لما تقدّم نفهم بوضوح أنّ هدفهم لم یکن سوى المعجزات الإقتراحیة، ولیس هناک أی نبی یستجیب لمثل هذه الطلبات.

اللطیف هو ما نقرأُهُ فی الکثیر من الحوادث التأریخیة المرتبطة بعصر ظهور الأنبیاء، خصوصاً نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) أنّ الکفّاروبعد مشاهدتهم للمعجزات نراهم یتوسّلون بذریعة کونها سحراً، تهرّباً من المسؤولیة وتحاشیاً للرضوخ لها، وهو ما قام به بالضبط فرعون وأتباعه أیضاً فی قبال موسى (علیه السلام)، حیث إنّهم وحتّى بعد مشاهدتهم لغلبة موسى(علیه السلام)بمفرده على کلّ اُولئک السحرة الماهرین المرتاضین وإیمان السحرة به، والذی یدلّ بما لا یدع مجالا للشکّ على إعجاز موسى (علیه السلام)، واعتماده على القدرة الإلهیّة، لم یتنازلوا عن کلامهم أیضاً، بل قالوا:

(إِنَّهُ لَکَبِیرُکُمْ الَّذِى عَلَّمَکُمُ السِّحْرَ). (طه / 70)

وکذلک یقول: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَیْهِمُ الْمَلاَئِکَةَ وَکَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَیْهِمْ کُلَّ شَىْء قُبُلا مَا کَانُوا لِیُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ یَشَاءَ اللهُ (لیجبرهم على الإیمان)). (الأنعام / 111)

وکذلک یقول: (وَإِنْ یَرَوْا کُلَّ آیَة لاَ یُؤْمِنُوا بِهَا). (الأنعام / 25)

کما یصرّح وفی معرض الردّ على طلبهم لمعجزات مختلفة، بالقول: (أَوَلَمْ یَکْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَیْکَ الْکِتَابَ یُتْلَى عَلَیْهِمْ). (العنکبوت / 51)

مفهوم هذا الکلام هو أنّ المعجزة یجب أن تهدف إلى إثبات حقّانیة دعوة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وأنّ هذا الکتاب السماوی «القرآن» هو أفضل دلیل ومعجزة، فما الداعی بعد کلّ هذا للإصرار على المزید من المعجزات الواحدة تلو الاُخرى؟

3 ـ لا شکّ أنّ المعجزات هی من عند الله فی الواقع، وأنّ کلّ ما یملکه الأنبیاء منها إنّما هو بإذن الله وأمره، لکن ربّما یخطر على ذهن البعض أحیاناً تصوّر بأنّ الأنبیاء (علیهم السلام)، قد أصبحوا فیما یتعلّق بالمعجزات مصداقاً لـ «فعّال لما یشاء»، وأنّهم یفعلون کلّ ما یریدونه، وهذا ما ساعد على اتّساع رقعة الغلو فی الأنبیاء (علیهم السلام) ودفع بالکثیر إلى اعتبارهم کالإله، ولهذا السبب لم یستجب الرسل والأنبیاء (علیهم السلام) الإلهیّون لما یقترح علیهم من المعجزات، بل قالوا: إنّ هذا لیس من شأننا، إنّما هو منوط بإذن الله وأمره ویجب أن نعرف ما هی إرادته.

الدلیل على هذا الکلام هو ما نقرأه فی قوله تعالى: (وَمَا کَانَ لِرَسُول أَنْ یَأْتِىَ بِآیَة إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ). (الرعد / 38)

کما ورد نفس هذا المعنى بوضوح فی قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَیْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آیَةٌ لَیُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الاْیَاتُ عِنْدَ اللهِ وَمَا یُشْعِرُکُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ یُؤْمِنُونَ).(الانعام / 109)

هذه الآیة تکشف عن إلحاحهم فی طلب المعجزات من جهة، وارتباط المعجزات بإرادة الله المطلقه من جهة اُخرى.

آخر ما یتعلّق بهذا الموضوع هو أنّ القرآن قد ذکر الکثیر من معجزات الأنبیاء السابقین وخرقهم للعادات، ومن البدیهی أنّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) لم یتمکّن أبداً من ذکر هذه المعجزات فی کتابه السماوی، ویکشف الستار عن بعضها عن طریق الوحی الإلهی، لو لم یعکس هو بنفسه جزءاً منها فی وقت یعتبر نفسه خاتم الأنبیاء وأفضلهم، وکون دینه دینَ الخلود وأفضل الأدیان.

کیف یقتنع الناس بامتلاک باقی الأنبیاء (علیهم السلام) لکلّ تلک المعجزات دون نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)، مع کلّ ما یتمتّع به من منزلة وعظمة؟

هذا التحلیل یبیّن أنّ لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) بالإضافة إلى القرآن معجزات اُخرى کثیرة، لم تکن أقلّ أهمیّة من معجزات سالف الأنبیاء (علیهم السلام)، وهناک أیضاً آیات قرآنیة تشهد على هذا الموضوع ستأتی فی محلّها إن شاء الله، وبناءً على هذا فالإصرار على نفی باقی المعجزات من قبل بعض المغفّلین لا یبدو صحیحاً بأی وجه.


1. راجع الآیات یونس، 38 وهود، 13 والإسراء، 88.

 

4 ـ السحر لا یضاهی المعجزة2ـ التحقیق فی مضمون دعوة الأنبیاء (علیهم السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma