8 ـ رفع الاختلاف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
7 ـ إتمام الحجّة9 ـ التذکیر (بالنسبة للبدیهیات والمستقلات العقلیّة)

الـمجتمعات البشریة کانت ولا تـزال تعانی الأمرّین من الاختلاف وتحترق بنـاره، وتضیّع المـزید من القدرات والإمکانات الهائـلة بسببه، تلک الإمـکانات التـی لو وضعت فی مکانها المناسب لغدت الدنیا جنّة الفردوس.

ومن جهة اُخرى فإنّه من المُسلّم أنّ الناس لا یستطیعون تسویة الاختلافات التی تقع بینهم، وذلک بسبب قصور ومحدودیة علمهم بکل جوانب الحیاة، بالإضافة إلى الأنانیة والتکبر الذی یمنعهم من الاذعان والرکون إلى بعضهم البعض.

أمّا الأنبیاء(علیهم السلام) الذین ینبع علمهم من بحر علم الله تعالى اللامتناهی والذی لا یُقارَن بمستوى علم البشر، فإنّهم یتمکّنون من أداء دور فعّال فی حلّ تلک الاختلافات وإزالتها.

صحیح أنّ عـالم المادّیات هـو عالم الحجب، إذ لا یـمکن رفـع الاختلافات کلیّاً بین الناس بأیّ طریقة، ولکنّه من المؤکّد إمکان إزالتها نسبیّاً فی ظلّ تعالیم الأنبیاء (علیهم السلام).

ولذا أشارت الآیة التاسعة من البحث إلى هذا الهدف، قال تعالى: (کَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّـرِینَ وَمُنذِرِینَ وَأَنـزَلَ مَعَهُـمُ الْکِتَابَ بِـالْحَقِّ لِیَحْکُمَ بَیْنَ النَّاسِ فِیَما اخْتَلَفُوا فِیهِ).

و«الاُمّة»: فی الأصل على ما ذهب إلیه الراغب فی مفرداته تطلق على کلّ جماعة یجمعهم أمرٌ ما، إمّا أن یکون دین واحد أو زمان واحد أو مکان واحد، سواء کان ذلک الأمر الجامع قسریّاً أو اختیاریّاً، وجمعها اُمم.

لکـنّ هـذه اللفظة وردت بمعنـى العقیدة أیضاً: (بَـلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَـا آبَاءَنَـا عَلَـى أُمَّة وَإِنَّا عَلَـى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَکَذَلِکَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ فِى قَرْیَة مِنْ نَذِیر إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ). (الزخرف/22 ـ 23)

وأحیاناً جاءت بمعنى نفس الزمان قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِى نَجَا مِنْهُمَا وَادَّکَرَ بَعْدَ أُمَّة أَنَا أُنَبِّئُکُمْ بِتَأْوِیلِهِ فَأَرْسِلُونِ). (یوسف / 45)

وکذلک قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّة مَعْدُودَة لَیَقُولُنَّ مَا یَحْبِسُهُ أَلاَ یَوْمَ یَأْتِیهِمْ لَیْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا کَانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ). (هود / 8)

وفی الآیة مورد البحث یبدو أنّ «الاُمّة» جاءت بمعنى الجماعة الواحدة.

لکن ما هی هـذه الاُمّة الواحدة التی عاشت فی بـدایة الخـلقة یا ترى؟ ومـا هی عقیدتها؟ یـوجد بین المفسّرین حدیث طـویل وعریض حـول هذا الموضوع، ولهم احتمالات عدیدة فی تفسیر لفظ «الاُمّة» ومصیرها، وأهمّها ثلاثة احتمالات:

الأوّل: أنّها کانت اُمّة مهتدیة، وکانت هدایتها نابعة من الفطرة الإلهیّة المودعة لدیها، ثمّ اختلفت ذلک الاختلاف الناشیء من علمها المحدود، وذلک لعجز أحکام الفطرة والمستقلات العقلیة عن الأخذ بزمام الاُمور لوحدها، ومن هنا بعث الله تعالى الأنبیاء(علیهم السلام)إلى البشریة لتخلیصها من مشکلة الاختلافات الناشئة من الجهل ومحدودیة معرفتها.

فبعث الله الأنبیاء(علیهم السلام) ووضـعوا حدّاً لهذه الاختلافات وبیّنـوا الحقائق، لکنّه ظهر بعد ذلک اختلاف آخر نشأ من البخـل والظلم والفساد، وهنـا أیضاً شملت الألطاف الإلهیّة المؤمنین المخلصین، فسلکوا الطریق إلى الحقّ مهتدین بنور إیمانهم وتقواهم إلى أن بلغوا الصراط المستقیم، بینما بقی الآخرون غارقین فی ظلمات الاختلاف.

وطبقاً لهذا التفسیر، فالاُمّة الواحدة التی ظهرت أوّلا کانت على الحقّ، لکنّ محدودیة إدراک العقل البشری کانت سبباً فی الاختلافات، ثمّ أعلن الأنبیاء(علیهم السلام) عن خاتمة هذه الاختلافات عن طریق الوحی المعصوم من الخطأ، لکنّ هوى النفس والمیول والتکبّر والعجب کان السبب وراء بروز اختلافات جدیدة، ولم ینج من هذه الاختلافات سوى المؤمنین الصالحین.

والـدلیل علـى هذا التفسیـر هو مضمـون الآیة التی تذکر نوعین من الاختلاف فی الاُمّة، الاختلاف الذی کان السبب فی بعثة الأنبیاء(علیهم السلام) وذلک لرفعه، والاختلاف الذی ظهر بعد نزول الکتب السماویة والبیّنات، أمّا إصرار بعض المفسّرین على کون هذه الاُمّة الواحدة ضالّة منحرفة بمجموعها منذ البدایة، لا ینسجم مع لحن الآیة وفطرةِ الإنسان التوحیدیة التی یصرّح بها القرآن (خصوصاً تلک الفطرة الملموسة عند الناس السذّج فی أوّل الخلقة الذین لم تکن المیول والرغبات النفسانیة قد هیمنت علیهم بشکل خطیر بعد).

أمّا فیما یتعلّق بالعصر الذی استوعب المجتمع البشری الأوّل الذی عبّر عنه القرآن بـ «الاُمّة الواحدة»، فقد ذهب البعض إلى أنّه إشارة إلى الفترة ما قبل بعثة نوح(علیه السلام) وبعد هبوط آدم(علیه السلام) وبناءً على هذا فـ «الاُمّة الواحدة» هی نفس تلک الاُمّه التی ظهرت منذ زمن تناسل ذرّیة آدم(علیه السلام)، والتی کان الإیمان والتوحید حاکمین علیها إلى أن اتّسعت فیها آثار الشرک یوماً بعد آخر، بسبب الجهل وقلّة المعرفة، ممّا هیّأ الأرضیة المناسبة لرسالة نوح(علیه السلام).

ومن الطبیعی أنّ استثناءً من قبیل وجود «قابیل» بین أولاد آدم(علیه السلام) لا یحول دون إطلاق کلمة «الاُمّة الواحدة» على مجموعة أولاده، وهناک احتمالات اُخرى حول هذا الموضوع لا تفی بالغرض بحسب الظاهر.

على أیّة حال یستفاد من مجموع ما جاء حول تفسیر الآیة أعلاه أنّ أحد أهداف بعثة الأنبیاء(علیهم السلام) هو رفع الاختلافات الناشئة من جهل الناس، ولا یخفى أیضاً أنّ الاختلافات الناشئة من هوى النفس والعجب والتکبّر ستبقى ما بقی الإنسان بالرغم من أنّ الأنبیاء(علیهم السلام)قد خفضوا من نسبتها بتعلیماتهم القیّمة.

7 ـ إتمام الحجّة9 ـ التذکیر (بالنسبة للبدیهیات والمستقلات العقلیّة)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma