الثمرة من مجموع آیات علم الغیب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
جمع الآیات وتفسیرهاروایات علم الغیب:

أوضحنا إلى الآن طائفتین من الآیات التی تتحدّث عن علم الغیب، طائفة تنفی علم الغیب عن الأنبیاء(علیهم السلام) على الإطلاق والاُخرى تُثبِتُهُ. وحینما نضعهما إلى جانب بعضهما البعض، ونجمع بینهما ندرک مفهومهما الأصلی النهائی (وهذا ما یمکن أداؤه عن طریق التفسیر الموضوعی بسهولة) وهو الطریق الأوّل للجمع بینهما.

أجل، یستفاد من مجموع هذه الآیات بوضوح أنّ علم الغیب بإطلاقه وبلا قید أو شرط مختصّ بـ «الذات» المقدّسة فحسب.

هو المحیط بکلّ عالم الغیب والشهود، وهذا العلم قائم بذاته المقدّسة غیر منفکّ عنها أبداً.

أمّا الآخرون (کالأنبیاء والأئمّة المعصومین والملائکة) فالطریق الوحید لاطّلاعهم على علم الغیب هو الالهام الإلهی فحسب.

وبعبارة اُخرى أنّ أشهر طریق للجمع بین هذه الآیات هو القول: إنّ المراد باختصاص علم الغیب بالله تعالى هو «العلم الذاتی الإستقلالی»، ولذا فلا اطّلاع لأحد غیره على أسرار الغیب مستقلا، بل لابدّ أن یکون منه تعالى وعن طریق تعلیمه ولطفه وعنایته، وهذا فی الواقع له «میزة غیر استقلالیة».

الأدلّة على الجمع بین الآیات المذکورة کثیرة یمکن الإحاطة بها بالتحقیق والتدقیق فیها ثانیة.

کما أنّ الأحادیث الشریفة أیضاً تشیر إشارة لطیفة إلى هذا الأمر:

منها: ما ورد فی نهج البلاغة أنّ علیّاً (علیه السلام) خلال حدیثه للإخبار عن وقائع المستقبل (وتوقّعه لهجوم المغول على الدول الإسلامیة) قال: کأنّی أراهم قوماً کـأنّ وجوههم المجـان المطرّقة ... فقـال أحد أصحابه: لقد أعطیت یاأمـیر المؤمنین علم الغیب.

فابتسم (علیه السلام) وقال: لیس هو بعلم غیب، وإنّما هو تعلّم من ذی علم (أی من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله))(1).

الطریق الثانی: للجمع بین هذین القسمین من الآیات هو القول: إنّ علم الغیب الذی یختصّ بالله هو الإطّلاع على اللوح المحفوظ، الذی یتحقّق کلّ ما فیه بلا زیادة ولا نقیصة لا محالة، (وهو فی الواقع علم بالعلل التامّة للأشیاء التی لا تنفکّ أبداً عن معلولاتها).

وأمّا الأنبیاء والأئمّة المعصومون (علیهم السلام) فلهم اطّلاع على لوح المحو والإثبات القابل للتبدیل والتغییر، لأنّه علم بـ «العلل الناقصة» لا «العلل التامّة».

وبعبارة اُخرى: إنّ من المحتمل أن تتواجد هناک موانع تعترضها وتغیّرها، أو تغیب شروط تکاملها، کما جاء فی حدیث عن الإمام علی بن الحسین (علیه السلام) أنّه قال: «لولا آیة فی کتاب الله لحدثتکم بما کان وما یکون إلى یوم القیامة! فقلت له: أیّة آیة؟ فقال: قول الله:

یمحو الله ما یشاء ویثبت وعنده اُمّ الکتاب» (أی اللوح المحفوظ)»(2).

الطریق الثالث: للجمـع بین هذه الآیات هو القـول بانقسام أسرار الغیب إلى قسمین: أحدهما یختصّ به تعالى ولا یعـرفه أحد سواه، والآخر هو الذی یعلّمه لأنبیائه وأولیائه، کما جاء فی نهج البـلاغة ذیـل الخطبة المتقدّمة أنّه(علیه السلام)قال: (وَاِنَّمـا عِلْمُ الغَیبِ عِلْـمُ السـاعَةِ وَمـا عَدَّدَهُ الله سُبْحـانَهُ بِقَـولِهِ: إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَیُنَزِلُ اَلْغَیث (آخر آیة من سورة لقمان)، (لا اطّلاع لأحد على کمّه وکیفه وجزئیاته وإن کـان أصـل نزوله قـابلا للإحتمال ) وَیَعْلَمُ ما فِی الأرْحام (لم یکن اطّلاعه على جنسیته وهل أنّه ذکر أو اُنثى فحسب، بل على کلّ القابلیات والممیّزات التی تکمن فی جسمه وروحه) وَما تَدْرِی نَفْسٌ ماذا تَکْسِبُ غَدَاً وَما تَدری نَفْسٌ بِاىِّ اَرض تَمُوتُ) (المراد هو العلم التفصیلی بهذه الاُمور).

ثمّ یضیف فی خاتمة هذا الکلام: «فیعلم الله سبحانه ما فی الأرحام من ذکر أو اُنثى وقبیح أو جمیل، وسخی أو بخیل، وشقی أو سعید، ومن یکون فی النار حطباً، أو فی الجنان للنبیین مرافقاً، فهذا علم الغیب الذی لا یعلمه أحد إلاّ الله، وما سوى ذلک فعلم عَلَّمه الله نبیّه فعلَّمنیه، ودعا لی بأن یَعِیَهُ صدری، وتضطَمُّ علیه جوانحی»(3).

وعلى هذا فالذی یختصّ بالذات المقدّسة هو العلم بکلّ خصوصیات وتفاصیل الأجنّة الروحیة والبدنیة.

نفس هذا الکلام یمکن تطبیقه على نزول المطر وأعمال الإنسان أو مکان موته والذی لا یعلم جزئیاته إلاّ الله تعالى.

الطریق الرابع للجمع بین هذه الآیات هو التفریق بین «العلم الفعلی» و «العلم الشأنی والإستعدادی»، إذ لا یخفى شیء عن علمه اللامحدود، فی حین أنّ الکثیر من أسرار الغیب یمکن أن تغیب عن الأنبیاء والأولیاء فعلا، لکن الله یعلمهم ذلک متى ما أرادوا (طبعاً هذه الإرادة لا تتحقّق إلاّ بإذنه تعالى ورضاه (تأمّل جیّداً).

هذا المطلب یشابه حالة کون کلّ الأسرار العسکریة لدولة ما مدوّنة فی کتاب ضخم محفوظ عند شخص أو أشخاص منتخبین من قبل الدولة بحیث یمکنهـم الإطّلاع علیـه بإذن من القائد العام للقوات المسلحة، فالقائد هنا له إحاطة تامّة بهذا الکتاب کما ویمکن للآخرین أیضاً الإطّلاع علیه متى شاؤا (على فرض کون مراجعتهم للکتاب مرهونة بإذن القائد وإجازته طبعاً).

الدلیل على هذا الکلام هو الروایات التی جمعها المرحوم الکلینی فی کتاب الکافی فی فصل تحت عنوان «إنّ الأئمّة إذا شاؤا أن یعلموا علموا»(4).

نستنتج من مجموع ما قیل أنّ للأنبیاء والأولیاء اطّلاعاً على عالم الغیب بلا شکّ، کما ویمکن استخلاص طرق الجمع بین الروایات المرتبطة بعلم الغیب بأربعة:

1 ـ العلم الذاتی المستقلّ خاصّ بالله، وعلم الأنبیاء والأولیاء یرتبط به تبعاً.

2 ـ العلم التفصیلی هو من شأنه تعالى، والعلم الإجمالی من شأن الأولیاء والأنبیاء.

3 ـ العلم باللوح المحفوظ خاصّ بالله، والعلم بلوح المحو والإثبات من شأن الأنبیاء والأولیاء (علیهم السلام).

4 ـ العلم الفعلی خاصّ بالله، والعلم بالقوّة من شأن الأنبیاء والأولیاء.


1. نهج البلاغة، الخطبة 128.
2. تفسیر نور الثقلین، ج 2، ص 512، ح 170.
3. نهج البلاغة، الخطبة 128.
4. اُصول الکافی، ج 1، ص 258.

 

 

جمع الآیات وتفسیرهاروایات علم الغیب:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma