أ) عجز الإنسان عن التقنین الدقیق

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
1 ـ فلسفة بعثة الأنبیاء والرسل فی الروایات الإسلامیةب) التنسیق بین التکوین والتشریع

هنـاک علاقة وثیقة وواضحة جدّاً بین بعثة الأنبیـاء (علیهم السلام) والهدف من خلق الإنسان، ولا یمکن لأحد الجمع بین الإیمان بالله وبین إنکار حکمته فی کلّ الکون، خصوصاً خلقة الإنسان، بناءً على هذا فلابدّ من وجود هدف وراء خلق الإنسان، ولیس هذا الهدف سوى تربیة مخلوق کامل یشعّ منه نور من صفات جمال الحقّ وجلاله، ویلیق بنیل القرب الإلهی.

ومن البدیهی أنّ تربیة موجود کهذا بدون تخطیط دقیق ومسبق فی کافّة أبعاد الحیاة غیر ممکن، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فهذه البرامج لیست بتلک السهولة التی یمکن للإنسان الإحاطة بجمیع أبعادها مستعیناً بعقله الناقص ولعدم تمکّن الجمیع من التعامل مع الوحی الإلهی بصورة مباشرة.

ویُفهم من هذه المقدّمات التی اُشیر إلى کلّ منها بصورة مختصرة، بداهة أن یختار الله تعالى نوّاباً من قبله لیحملوا مشعل الهدایة الإلهیّة إلى المجتمع البشری لیخرجوه من الظلمات إلى النور، ومن النقص إلى الکمال، ومن الجهل إلى العلم، ومن الإنحراف إلى التقوى ومکارم الأخلاق، ولا یخفى أنّ عدم تحقّق بعثة الأنبیاء یؤدّی إلى عبثیة خلق الإنسان وانتفاء الغایة والهدف.

وحیث إنّ الإنسان مدنی بالطبع یستأنس بالحیاة الاجتماعیة، فقد أودع الله تعـالى حبّ مثل هذه الحیاة فی باطنه لیقوده عن طریقها نحو الهدف الأسمى، إذ إنّ محدودیة القوّة البدنیة والفکریة للإنسان المنزوی لا یمکن إنکارها، فلو عاش لوحـده بعیداً عن أفراد نوعه لما وجدت هناک حضارة ولا اختراع واکتشاف ولا علوم ومعارف، إذ إنّ اجتماع وتلاقح عقول وأفکار وتجارب بنی الإنسان هی السبب وراء ظهور قوّة عظیمة وتوفیر الأرضیّة المناسبة للحرکة التکاملیة فی تمام الجوانب المادیّة والمعنویة وبسرعة خاطفة.

فلو عاش الإنسان على انفراد لبقی لحدّ الآن فی العصر الحجری، ولما تعلّم القراءة والکتابة على أکبر الظنّ، فضلا عن کلّ هذه العلوم والإختراعات والإکتشافات، وخلاصة القول هی أنّ أکبر إنجازین للإنسان هما حریّة التفکیر، والتمتّع بالإبتکار والابداع والاختراع، فضلا عن الرغبة فی حیاة اجتماعیة فی المرحلة المتقدّمة.

لکنّ من الواضح جدّاً أنّ الحیاة الجماعیة مع کلّ ما تحمله من برکات هی السبب من جهة اُخرى وراء خلق المشاکل والمصادمات والازمات وتعارض الأهواء الشخصیة، وإنّ طیّ المسیر التکاملی إنّما یتسنّى لذلک المجتمع الذی تشخّص فیه واجبات کلّ فرد وحقوقه، ومن هنا تظهر الحاجة إلى سنّ القوانین الاجتماعیة وتنظیم حقوق أفراد المجتمع، فالقانون هو الذی یعیّن واجبات کلّ فرد بالضبط کما یعیّن حقوقه، وأخیراً یقدّم خطّة القضاء على المشاکل وحلّ الخصومات ویبیّن کیفیّة مواجهة التخلّفات والانحرافات.

وبناءً على هذا فالحیاة الجماعیة بدون القانون السلیم والنظام الصحیح هی أسوأ من الحیاة الفردیة بعدّة مراتب، وذلک لزوال منافع المجتمع وبسبب التناقضات.

ولبّ الکلام یکمن فی السؤال عن الطرف الذی یسنّ هذه القوانین، فهل هو الإنسان أم الخالق؟

ویمکن الإجابة عن هذا السؤال بتحلیل مختصر: وهو أنّ المقنن الکامل یجب أن یتمتّع بالشروط أدناه لیتمکّن من سنّ أفضل قانون:

1 ـ یجب قبل کلّ شیء أن یکون المقنّن خبیراً بالإنسان عالماً بکلّ أسرار جسمه ونفسه وعواطفه وغرائزه ومیوله وأهوائه وأمانیه وفطرته وإدراکاته العقلیّة، وکذلک محیطاً بکلّ الاُصول الحاکمة على الروابط التی تجمع الناس مع بعضهم البعض لیتمکّن على ضوئها من وضع قوانین تنسجم معها.

2 ـ یجب أن یکون له علم تامّ بالماضی والمستقبل البعیدین، لیقف على جذور مسائل الیوم المعقّدة من خلال الماضی، ویتمکّن من تقییم آثار قوانین الیوم على مستقبل الحیاة البشریة، نظراً لاستحالة إمکانیة حلّ مشاکل الیوم مع الجهل بجذورها الماضیة، کما هو الحال تماماً فی استحالة فائدة قوانین الیوم مع عدم الأخذ بنظر الإعتبار مضاعفاتها فی الغد (تأمّل جیّداً).

3 ـ المقنّن المناسب یجب أن یتمتّع بـ «علم کامل» لیتمکّن عن طریق قوانینه من إخراج کلّ القابلیات والإمکانات والاستعدادات الکامنة فی داخل أفراد المجتمع إلى حیّز الـوجود، ویُضفی الفعلیة على ما هو کامن فی طبیعة الإنسان بالإمکان والقوّة، ویغذّی المجتمـع بأکبـر قدر ممکن من الإنجـازات وبأقلّ ثمن یکلّف طبیعـة الحیاة الجماعیة.

4 ـ یجب أن تکون القوانین ذات جنبة واقعیة لا خیالیة، وتتمتع بضمان تنفیذها بشکل واف من قبل مؤیّدیها، وبعیدة عن التعقید لیسهل على الجمیع إدراکها.

5 ـ المقنّن الحقیقی هو الذی لا یرتکب ذنباً وخطأً وسهواً، فضلا عن ضرورة کـونه رحیمـاً باُولئک الذین تُسنّ لهـم القوانین، وحازماً قوی الإرادة وشجاعاً فی نفس الوقت.

6 ـ المقنّن اللائـق مـن لیست له مصـلحة شخصیة فی ذلک المجتمـع، لأنّهـا إنّما تشغل فکر المقنّن وتجلبه نحوها، إذ إنّه لو تمکّن على سبیل المثال من اجتناب آثارها الظاهرة للعیان لعجز عن الوقوف على آثارها المخفیة بالتأکید، وإنّ أکبر معضلة لعالم الیوم، والتی تسبّبت فی خلق المواجهات والمشاحنات الدامیة هی هذه القوانین التی تسنّ من قبل ما یصطلح علیهم بمفکّری کلّ مجتمع على حده، إذ کلّ واحد منهم لا یأخذ بنظر الاعتبار سوى منافعه الشخصیة أو منافع أتباعه ووطنه، وبدیهی أنّ مثل هذا التکبّر والأنانیة وضیق النظر لا یحمل معه سوى زیادة فی حدّة الصراعات والمواجهات.

وهل تتوفّر یاترى هذه الحیثیّات الستّ المتقدّمة فی غیر ذات الباری جلّت قدرته؟ الذی لا نهایة لعلمه بالماضی والمستقبل المحیط بجذور وأسرار کلّ شیء وکلّ موضوع ونتائجه والذی لا یجد الخطأ والسهو والإشتباه طریقاً إلى ذاته المقدّسة.

وأخیراً هو الذی لا یحتاج لشیء ولا لأحد لضمان منافعه.

ومن هنا نستدلّ على نقص وعدم جدوى کلّ قانون غیر قانون الله تعالى، بل کلّ حکم دون حکمه تعالى زائل لا محالة ولا یمکن الاعتماد علیه، وحینما ندقّق النظر القویم نجد أنّ کلّ مشاکل الإنسان ومعضلاته نابعة من رغبته فی سنّ قانون لنفسه اعتماداً على علمه المحدود، وبدوافع هوى النفس! وهذا هو أحد الأدلّة العقلیّة على لزوم بعثة الأنبیاء(علیهم السلام).

 

1 ـ فلسفة بعثة الأنبیاء والرسل فی الروایات الإسلامیةب) التنسیق بین التکوین والتشریع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma