4 ـ یوسف (علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
3 ـ إبراهیم (علیه السلام) 5 ـ موسى (علیه السلام)

امّا فی شأن النبی یـوسف (علیه السلام) فنحن نواجه بعض الآیـات التی تبـدو لأوّل وهلة غیـر منسجمه مع منزلة عصمته، من أهمّها ماجاء فی القرآن الکریم: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَآ بُرْهَانَ رَبِّهِ کَذَلِکَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِینَ).(یوسف / 24)

إذ یتصوّر القارىء فی البدایة أنّ هذه الآیة تجعل من یوسف شریکاً لزلیخا فی قصد المعصیة.

الجواب :

یکفی التمعّن فی نصّ هذه الآیة لرفع هذا الالتباس، لأنّ القرآن یقول: (لَوْلاَ أَنْ رَآ بُرْهَانَ رَبِّهِ) ومفهوم هذا الکلام هو بالضبط أنّه لم یقصد المعصیة لأنّه رأى برهان ربّه.

مـا هو المراد بهذا البرهان؟ (علماً أنّ البرهان یعنی کلّ دلیل قوی ومحکم یتبنّى بیان الحقیقة وإیضاحها، وهو مأخوذ من مادّة «بره» التی تعنی: إبیضّ).

للمفسّـرین هنا احتمالات متعدّدة، أفضلها هو القول: إنّ المراد من برهان الربّ، هو اطّلاعه على أسماء الله تعالى وصفاته وکونه تعالى عالماً قادراً سمیعاً بصیراً.

أو بعبارة اُخرى: المراد بالبرهان هو الإمدادات الإلهیّة، والتأییدات الربّانیة التی تسرع لنجدة المؤمنین والمتّقین فی اللحظات الحرجة والمصیریة، إذ تمدّهم بالقوّة أمام جنود الشیطان ووساوس النفس.

الدلیل على هذا الکلام هو ما جاء فی آخر الآیة حیث یقول تعالى: (کَذَلِکَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِینَ).

یتّضح من هذا الکلام أنّ عباد الله المخلصین مشمولون بالألطاف والعنایات الإلهیّة الخاصّة، فی مثل هذه اللحظات الحسّاسة، والتی هی فی الواقع ثمن إیمانهم الخالص وأعمالهم الطاهرة.

وهنـا نقل بعض الغافـلین خرافات تحت عنوان «الروایات» لا تکاد تخرج عن حدّ الإسرائیلیات، وذهبوا بیوسف ظلماً إلى حافّة الهاویة والإقدام على ذلک العمل الفاحش إلى أنّ منعه جبرئیل من هذا العمل بضربه على صدره! أو رؤیته لشبح أبیه یعقوب وهو یعضّ على یدیه لهذا العمل!.

وهـذا کلام لا علاقة له بالقرآن مطلقاً، وخرافات لا تستحقّ الإجابة عنها، وذیـل الآیة التی تعتبره من عباد الله المخلصین خیر دلیل على بطلان مثل هذه الإحتمالات القبیحة، وذلک طبقاً لآیات القرآن التی تصرح بأن لا سبیل للشیطان إلى عباد الله المخلصین.

أما الاشکال الثانی الذی اثیر حول یوسف(علیه السلام) ومقام عصمته فهو ما ورد فی الآیة السبعین من سورة یوسف (علیه السلام)، والتی جاء فیها أنّه حینما شدّ رحال اخوته وضع السقایة، أی الاناء الذی یشرب فیه أو المکیال الذی یکیل فیه فی رحل أخیه، ثمّ أذّن مؤذّن: (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَایَةَ فِى رَحْلِ أَخِیهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّکُمْ لَسَارِقُونَ). (یوسف / 70)

فهل یجوز أن یقوم الإنسان بعمل ما، ویتّهم بریئاً وخاصّة إذا کان ذلک البریء أخاه؟ وهل یعقل أنّ المؤذّن قد نسب هذه النسبة (نسبة السرقة) إلى اخوة یوسف بدون علم یوسف، واطّلاعه؟ ولماذا رضی النبی المعصـوم باتّهام الأبریاء بمثل هذه التهمة؟!

وحاولوا أحیاناً توسیع دائرة الإشکال فقالوا: لماذا لم یکشف یوسف (علیه السلام)النقاب عمّا جرى له بسرعة لیطّلع اخوته على حقیقة الأمر ولیوصلوا خبر حیاته وعظمـة مکانته إلى أبیه الشیخ؟، لیطمئن ویتخلّص من ألم الفراق الذی أضناه کثیراً، فهل أنّ مثل هذا التصرّف یتناسب مع الوضع الذی کان یعیشه ذلک الأب المسنّ؟ ثـمّ ما هـی عقـوبة السـارق فی ذلک الزمن لیبقـى أخو یوسف عندهـم کرهینة بتهمة السرقة؟ هـل کان هذا حکماً إلهیّاً، أم سنّة أهل مصر الخرافیة؟ لو کانت سنّة أهل مصر، فلماذا وافق یوسف على تطبیق هذا الحکم الجائر بحقّ أخیه؟

الجواب :

من الممکن العثور على أجوبة هذه الأسئلة بشکل واضح، من خلال الآیات الواردة فی سورة یوسف وقرائن اُخرى.

أوّلا: یبدو حسب الظاهر أنّ هذا الأمر قد تمّ بموافقة «بنیامین نفسه» (اَلأخ الأصغرلیوسف)، إذ إنّ آیات هذه السورة تشهد کاملا على أنّ یوسف قد عرّف نفسه لبنیـامین قبل ذلک، فعلم بنیامین أنّ هذه الخطّة قد وضعها یوسف للإحتفاظ به عنده فوافق على هذه الخطة.

ثانیاً: إنّ القائل: «إنّکم لسارقون» مجهول؟ غایة ما نعرفه عنه أنّه کان من حاشیة یوسف(علیه السلام)، وحینما وجدوا الوعاء المخصوص داخل متاع أحد اخوة یوسف تیقّنوا من کونه هو السارق، وبدیهی أنّ ارتکاب عمل ما من قبل أحد الأفراد فی مجموعـة واحدة، یُعرِّض کلّ أعضاء تلک المجموعة لخطاب: إنّکم قمتم بهذا العمل.

على أیّة حال فهذا الکلام والتشخیص إنّمـا یتعلّق بحاشیة یوسف ولاعلاقة له به، بل الشیء الوحید الذی قام به یوسف هو وضع الوعـاء فی رحل أخیه لإثـارة ذلک الإتّهام، الذی کان السبب وراء خـلاص وراحة أخیـه الذی وافق على ذلک، کما تقدّم.

ثالثاً: هذا المخطّط بمجمـوعه سواء فـیما یتعـلّق بالاخوّة أو الأب، کان إتماماً لاختبار إلهی لهم، وبعبارة اخرى کان یوسف طبقاً للأمر الإلهی الذی تلقّاه عن طریق الوحی سبباً لإختبار مقاومة یعقوب مقابل فقد ولده الثانی الذی کان ولهاناً بحبّه، ولتتمّ من خلال ذلک دائرة تکامله ومکافأته وثوابه، کما تمّ هنا وضع الاخوّة ثانیة فی بودقة الاختبار، لمعرفة مدى استعدادهم للوفاء بالعهد الذی عقدوه مع أبیهم فی عدم ترک «بنیامین» وحیداً؟ ولیُعرف من جهة اُخرى الأشخاص الذین قالوا: (إِنْ یَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ). (یوسف / 77)

وأراد اخوته من هذا الکلام یوسف (علیه السلام).

الخلاصة: إنّ قصّـة یوسف (علیه السلام) ملیئة بالإختبـارات، سواء فـیما یتعـلّق بیوسف، أو أبیه، أو اخوته، وفی الآیة أدناه إشارة إلى هذا القول:

(کَذَلِکَ کِدْنَا لِیُوسُفَ مَا کَانَ لِیَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِینِ الْمَلِکِ إِلاَّ أَنْ یَشَاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجَات مَنْ نَشَاءُ). (یوسف / 76)

کـما أنّ هذا التعبیر یکشف النقاب عن السؤال الأخیـر أیضاً ویجیب عـنه، وهو أنّ تطبیق خطّة «عبودیة السارق» کان أمراً إلهیّاً إلى یوسف (لإکمال الإمتحان المذکور) فی خصوص هذا المـورد «تأمّل جیّداً»، وبناءً على هذا فلا نجد فی البین إشکالا یمکن توجیهـه إلى هذا النبی العظیم فیما یتعلّق بمنزلة العصمة.

3 ـ إبراهیم (علیه السلام) 5 ـ موسى (علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma