بدیهی أنّ لکلّ واحد من الأنبیاء اُولی العزم (طبقاً للتفسیر الأخیر الذی ذکرناه) کتاباً سماویاً حیث إنّ اسم البعض منها معروف بالکامل، فالقرآن المجید هو الکتاب السماوی لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) والإنجیل کتاب المسیح (علیه السلام) والتوراة کتاب موسى (علیه السلام).

لکن ما هو اسم الکتاب السماوی لنوح وإبراهیم؟ بالإمکان الإستنتاج من الآیة19 من سورة الأعلى (صحف إبراهیم وموسى) أنّ اسم کتاب إبراهیم هو الـ «صحف»، بالضبط کما ذکروا اسم الـ «صحف» لکتاب نوح أیضاً.

کما ورد اسم البعض من الکتب الاُخرى فی القرآن من جملتها الـ «زبور» الذی أنزله الله على داود (وَآتَیْنَا دَاوُدَ زَبُوراً). (النساء / 163)

و الظـاهر أنّ الإسم الآخر للـزبور هو المـزامیر (جمع مزمور أی الأشعـار الروحیة بالصوت الجذاب).

«الزبُور»: لم یکن کتاباً سماویاً حاویاً على الأحکام والشریعة الجدیدة.

وبعبارة اُخرى فالکتب السماویة النازلة على الأنبیاء على ضربین:

1 ـ الکتب السماویة الحاویة على الأحکام التشریعیة الجدیدة، والتی تعلن عن دین جدید کالکتب الخمسة النازلة على الأنبیاء الخمسة اُولی العزم.

2 ـ الکتب الخالیة من الأحکام الجدیدة، المشتملة على النصائح والمواعظ والوصایا والأدعیة والمناجاة، کتاب «الزبور» أو الکتاب المنسوب لـ «إدریس» (علیه السلام) هو من هذا القبیل.

نختم هذا البحث بروایة عن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله):

یقول أبو ذرّ: قلت یارسول الله کم الأنبیاء؟ فقال: «مائة الف نبی وأربعة وعشرون الفاً. قلت کم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر».

ثمّ یضیف قائلا: فسألته: کم أنزل الله من الکتب السماویة؟ قال: «104 کتب، 10 کتب على آدم و 50 کتاباً على شیث و 30 کتاباً على إدریس و 10 کتب على إبراهیم (التی یبلغ مجموعها مائة کتاب) والتوراة والإنجیل والزبور والفرقان»(1).

1. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 476.