6 ـ داود (علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
5 ـ موسى (علیه السلام) 7 ـ سلیمان (علیه السلام)

هناک آیات فی القرآن الکریم تشیر إلى أنّ نبی الله العظیم داود (علیه السلام) قد استغفر ربّه لعمل قام به، وأنّ الله تعالى قد غفر له وذلک قوله: (وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاکِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِکَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب). (ص / 24 ـ 25)

ألم یکن استغفار داود والعفو عنه من قبل الله سبحانه وتعالى دلیلا على صدور الذنب منه؟ وهل یتلاءم هذا ومقام عصمته؟

للحصول على جواب هذا السؤال لابدّ من الرجوع إلى القرآن، والبحث قبل کلّ شیء عن العمل الذی یرتبط به هذا الإبتلاء وتلک المغفرة.

تحـکی الآیات التی سبقت آیات بحثنـا أنّ خصمین تسـوّرا محراب داود(علیه السلام)، ودخلا علیه على حین غـرّة، ففزع لدخولهمـا المفاجیء علیه: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُـمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَـانِ بَغَـى بَعْضُنَـا عَلَى بَعْض فَاحْکُمْ بَیْنَنَـا بِالْحَـقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَـا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَـذَا أَخِـى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَکْفِلْنِیهَـا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ). (ص / 22 ـ 23)

فقال داود بدون تحقیق أو استفسار: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَکَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِکَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ کَثِیراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَیَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِیلٌ مَا هُمْ...). (ص / 24)

هذه هی القصّة التی ذکرت فی آیات القرآن بأکملها بلا زیادة أو نقصان.

هنـاک تفاسیر مقبولة قدّمت تفسیراً مقنعاً لهذه الآیات، کما أنّ هناک روایات موضوعة وردت فی بعض الکتب، تعرّضت لمعانی هذه الآیات بشکل مسیء ومشوّه.

أمّا ما یتّفق ومحتوى الآیات المذکورة، فهو القول: إنّ الشیء الوحید الذی صدر من داود(علیه السلام) کان فقط ترکه للأولى وذلک بتسرّعه فی القضاء، لکن لا بتلک السرعة التی تکون على خلاف «واجبات» موازین القضاء، إذ « یستحبّ» للقاضی التمعّن أکثر ما یمکن، فلو ترک الأکثر واکتفى بالحدّ الأوسط أو الأقل فقد ترک الأولى، وهذا ما فعله داود، فقد قضى بظلم الأخ لأخیه الفقیر، وربّما کان السبب وراء هذا التسرّع هو ذعره من دخولهما المفاجیء علیه فی خلوته، فضلا عن أنّ اجحافاً کهذا من قبل أخ لأخیه یبعث على الأسف والشفقة.

صحیح أنّ داود (علیه السلام) أصغى لادّعاء طرف واحد فقط، لکن سکوت الطرف الآخر وعدم التفوّه بأی کلام، أو اعتراض یعدّ فی نفسه دلیلا على اعترافه، وعلى أیّة حال فمن آداب مجلس القضاء أن یطلب القاضی توضیحاً أکثر من الطرف المقابل وهذا ما لم یفعله داود.

وما استغفار داود إلاّ لترکه الأولى، وقد تقبّل الله تعالى توبته وغفر له.

وهو أفضل دلیل على عدم صدور أی ذنب عن داود (علیه السلام)، والجملة الواردة فی ذیل نفس هذه الآیات: (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب) تشیر إلى ذلک، کما أنّ هناک أوصافاً أخرى کثیرة فی حقّه قد وردت فی الآیات السابقة، ونُعت بتلک المنزلة الرفیعة عند الله تعالى بحیث غدت سیرته نموذجاً لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)یقتدى به، ولا شکّ أنّ هذا المعنى لا یتناسب مع العصیان والذنب أبداً.

حینـما یصرّح القرآن فی ذیل هـذه الآیـات ویقـول: (یَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاکَ خَلِیفَةً فِى الاَْرْضِ ...). (ص / 26)

یتبیّن بکلّ وضوح أنّ خلیفة الله لا یذنب، ومسألة ردعه من اتّباع هوى النفس إنّما هی بمثابة الأمر ولا تدلّ على ارتکاب معصیة، ومن هنا یتّضح مدى تفاهة تلک القصّة التی أبرزتها التوراة بشکل مُشوَّه، وبالغت فی تضخیمها أکثر من الوضع الطبیعی، وربطت هذه القضیّة بحادثة مختلقة وهی عشق داود (علیه السلام) لزوجة أحد ضبّاط جیشه وهیامه فی حبّها، والتدبیر لقتله فی خاتمة المطاف وأخذ زوجته.

تشتمل التوراة التی حُرِّفت عن مواضعها على بعض العبارات التی تبیّن مدى فضاعة هذه القصّة، والتی لا تسمح عفّة القلم ومنزلة الأنبیاء(علیهم السلام)(1) بذکرها.

هذه القصص الموضوعة، والعبارات البذیئة تعدّ بنفسها أفضل دلیل على تحریف التوراة الحالیة.

مـن الطبیعی أنّ مثل هذا التحریف لیس غریباً بالنسبة لمحقّقی تاریخ التوراة على مدى آلاف السنین، لکنّ العجب إنّما هو من کیفیة إقدام بعض المفسّرین المسلمین على نقل تلک الخرافات القبیحة فی کتبهم، فی الوقت الذی نقرأ فی روایة عن علی أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنّه قال: «لا اُوتى برجل یزعم أنّ داود تزوّج امرأة أُوریا إلاّ جلدته حدّین حدّاً للنبوّة وحدّاً للإسلام»(2).

کما احتمل البعض کون هذه الحادثة إشارة إلى أنّ داود (علیه السلام) لم یأسف لنبأ مقتل اُوریا فی میدان القتال کأسفه على غیره، وذلک لرغبته فی الزواج من امرأته بعد مصرعه، ولکن من دون (اتّفاق مسبق) حول الموضوع.

لکن وکما أشار المرحوم السیّد المرتضى أیضاً، فانّ هذه التصرّفات وإن لم تعدّ ذنباً لکنّها ممّا تشمئزّ منها النفوس، ومعلوم أنّه لا ینبغی للأنبیاء والأئمّة القیام بمثله(3).

کما احتمل بعض المفسّرین أنّ العادة فی ذلک الزمان کانت جاریة على عدم تزویج المرأة الأیّم أبداً، وأنّ داوداً قد تزوّج زوجة اُوریا بعد موته لتحطیم هذه السنّة الخاطئة.

لکنّ هذا التفسیر أیضاً لا یتناسب بدوره مع ظاهر الآیات التی تبیّن صدور ترک الأولى من داود، لأنّ تحطیم هذه السنّة الخاطئة یعدّ واجباً فضلا عن عدم کونه ترکاً للأولى، إلاّ أن یقال: إنّ هذا العمل کان سبب العناء الروحی لاُوریا، کما جاء فی إحدى الروایات(4).

لکن التفسیر الأوّل هو الأنسب من بین هذه التفاسیر.


1. لمزید من الإطلاع راجع الکتاب الثانی لـ «اسموئیل» (من کتب التوراة) الفصل الحادی عشر، الجملة الثانیة إلى السابعة والعشرین، ثمّ نقدها وتحقیقها من التفسیر الأمثل ذیل الآیات 21 إلى 25 من سورة ص.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیات من سورة ص، کما ذکر الفخر الرازی نفس هذا الموضوع بعبارة اُخرى.
3. تنزیه الأنبیاء، ص 91 و92.
4. عیون أخبار الرضا، ج 1، الباب 14، ص 154.
5 ـ موسى (علیه السلام) 7 ـ سلیمان (علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma