مصادر علم الأنبیاء (علیهم السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
2 ـ القرآن والعلوم الأخرى للأنبیاء (علیهم السلام)تمهید:

1 ـ یتلقّى أنبیاء الله (علیهم السلام) حقائق علومهم بالدرجة الاُولى عن طریق الوحی، الذی ینزل علیهم أحیاناً عن طریق «ملک الوحی»، کما نقرأ ذلک فی الآیة (192 ـ 195) من سورة الشعراء: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعَالَمِینَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِینُ * عَلَى قَلْبِکَ لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِینَ * بِلِسَان عَرَبِىّ مُّبِین)، أو عن طرق أخرى، فهناک أنواع وطرق متعدّدة للوحی وسیأتی تفصیلها فی محلّه إن شاء الله.

2 ـ الطریق الآخر لعلوم الأنبیاء (علیهم السلام) هو الإرتباط الروحی والمعنوی بعالم الغیب، فلقد جعل الله تعالى حقیقة أبصارهم قویّة بدرجة أنّها اخترقت حجب عالم الغیب لتجد سبیلها إلى ما وراء ذلک، کما یقول تعالى بالنسبة لإبراهیم الخلیل (علیه السلام): (وَکَذَلِکَ نُرِى إِبْرَاهِیمَ مَلَکُوتَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَلِیَکُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ). (الأنعام / 75)

أجل فقد کانت لهم معرفة بعالم «الملکوت»، فضلا عن معرفتهم بعالم «الملک»، وقد تلقّوا الکثیر من علومهم عن طریق المشاهدة النفسیة والباطنیة للملکوت، وبعبارة أخرى فإدراکاتهم وأبصارهم هی غیر تلک الظاهریة التی عندنا، وقد توصّلوا عن طریقها إلى حقائق کثیرة.

3 ـ الطریق الثالث هو السیر ومشاهدة الآفاق الذی عرض للبعض من الأنبیاء بأمر من الله عزّوجلّ، حیث اطّلعوا عن هذا الطریق على العوالم المختلفة لهذا الکون، بالضبط کما حدث ذلک لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) فی مسألة المعراج، یقول القرآن:

(سُبْحَـانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْـدِهِ لَیْلاً مِنَ الْمَسْجِـدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِـدِ الاَْقْصَى الَّذِى بَارَکْنَـا حَوْلَـهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیَاتِنَـا إِنَّه هُوَ السَّمِیـعُ الْبَصِیرُ). (الاسراء / 1)

کان هذا فی الواقع القسم الأوّل من المعراج، امّا القسم الثانی فهو الذی یبدأ من المسجد الأقصى باتّجاه السماوات، والذی أشیر إلیه فی آیات سورة النجم إذ یقول تعالى: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آیَاتِ رَبِّهِ الْکُبْرَى). (النجم / 18)

وهو مضافاً إلى هذه الآیات الشریفة التی تذکر المعراج بشکل مجمل، نجد أنّ الأحادیث الإسلامیة قد ذکرته بشکل تفصیلی، إذ یتبیّن من مجموعها بکلّ وضوح الحجم العظیم من المعلومات التی حصل علیها رسول الله (صلى الله علیه وآله)، من ذلک السفر اللیلی السماوی وهو المعراج.

وکذلک الأنوار البهیّة التی أشرقت على قلبه، فرفعت مقامه العلمی ممّا هو علیه إلى أعلى علّیین.

4 ـ الطـریق الرابع وهو المستفاد من عـدّة آیات فی القرآن بأنّ هناک حقیقة باسم «روح القدس» کان برفقة الأنبیاء یؤیّدهم ویقوّیهم ویرشدهم فی مسیرهم.

وردت لفظة « روح القدس » فی القـرآن المجید أربع مرّات، مرّة فی حقّ عیسى وأخرى فی حقّ نبی الإسـلام (صلى الله علیه وآله). یقول القرآن فی حقّ السیّـد المسیح (علیه السلام)(وَآتَیْنَـا عِیسَى ابْنَ مَرْیَـمَ الْبَیِّنَـاتِ وَأَیَّدْنَـاهُ بِرُوحِ الْقُـدُسِ). (البقرة / 87)

وحول تکلّم عیسى (علیه السلام) فی المهد یقول: (إِذْ أَیَّدتُّکَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُکَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَکَهْلا). (المائدة / 110)

ونقرأ عن نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله): (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّکَ بِالْحَقِّ). (النحل / 102)

لقد ذکر المفسّرون معنیین لکلمة «روح القدس»، أحدهما أنّه ملک الوحی جبرئیل (علیه السلام).

والآخر هو القوّة الغیبیة المجهولة التی ترافق الأنبیاء (علیهم السلام)، فالآیة المرتبطة بنبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) تناسب المعنى الأوّل، والآیات المرتبطة بالسیّد المسیح تناسب المعنى الثانی، فهو الذی أیّد المسیح (علیه السلام) فی تکلّمه بالمهد أو فی إحیائه للموتى.

هذا الروح المقدّس والطاهر، کان المنبع لإلهامات عظیمة للأنبیاء (علیهم السلام)، بل وحتّى یستفاد من بعض تعابیر الروایات أنّ روح القدس یرافق الأفراد المؤمنین أیضاً (طبقاً لسلسلة مراتب الإیمان)، وهو الذی یؤیّد الخطباء الصالحین والشعراء المؤمنین فی خطبهم وقطعهم النثریة وقصائدهم العملاقة، کما یمدّ المؤمنین الحقیقیین بالعزم على اتّخاذ التصامیم المصیریة.

ویبدو فی الکثیر من الروایات أنّ روح القدس حقیقة عند الأنبیاء والأئمّة المعصومین(علیهم السلام)، وأنّهم قد أدرکوا بواسطته الکثیر من الحقائق، من جملتها ما جاء فی الکثیر من الروایات أنّ الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) کانوا یستمدّون العون من روح القدس عند القضاء والإفتاء.

هـذا التعبیر ورد بحقّ «حسّـان بن ثابت» حیث قـال له النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله): «لن یزال معک روح القدس ما ذببت عنّا» (سفینة البحار، مادّة کمیت).

کما جاء فـی حقّ الکمیت شاعر أهل البیت (علیهم السلام) المعـروف، من أنّ الإمام الباقر (علیه السلام) قال له: «لا تزال مؤیّـداً بروح القـدس»(1)، وورد نظیر هذا المعنى فی حقّ دعبـل الخزاعی أیضـاً، وذلک عندمـا ألقى القصیدة المعروفة «مدارس آیات» فی مجلس الإمام الرضا (علیه السلام)، وحینما وصل إلى هذا البیت حول ظهور المهدی (علیه السلام):

خروج إمام لا محالة واقع *** یقوم على اسم الله والبرکات!

بکى الإمام الرضا (علیه السلام) کثیراً ثمّ قال: یادعبل نطق روح القدس على لسانک، هل تعلم من هذا الإمام؟ قال دعبل: کلاّ، لا أعلم سوى ما سمعته من أنّ إماماً منکم سیظهر ویمـلأ الأرض قسطاً وعدلا. فأیّد الإمام الرضا (علیه السلام) کلامه وتحدّث بشیء من التفصیل عن ظهور المهدی، باعتباره الخلیفة الثانی عشر للرسول (صلى الله علیه وآله) (الغدیر الجزء2 الصفحة355).

وفی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) نقرأ أنّ أحد أصحابه سأله: تسألون عن الشیء فلا یکون عندکم علمه؟! قال الإمام (علیه السلام): «ربّما کان ذلک!».

قال الـراوی: کیف تصنعون؟

قال الإمام (علیه السلام): «تلقّانا به روح القدس؟»(2) (بمعنى لقینا).

نقرأ فی حدیث آخر: أنّ أحد أصحاب الإمام الباقر (علیه السلام) قال: سألته عن علم العالم (المراد به النبی والإمام المعصوم).

فقـال (علیه السلام): «یا جـابر إنّ فی الأنبیـاء والأوصیـاء خمسة أرواح: روح القدس، وروح الإیمان ... فبروح القدس یاجابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى»(3).

کما ورد فی روایة أخرى عن الإمام الباقر (علیه السلام) أیضاً حول تفسیر الآیة: (وَکَذَلِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا ...) أنّه (علیه السلام) قال: «منذ أنزل الله ذلک الروح على نبیّه ما صعد إلى السماء وإنّه لفینا»(4).

هذا التعبیر یبیّن أنّ الروح الذی یشکّل أحد المنابع الرئیسیة لعلوم ومعارف النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) لیس جبرئیل، وأنّه حقیقة کامنة فی وجودهم قد انتقل من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) إلیهم واحداً بعد الآخر.

5 ـ الطریق الخامس لمنابع علومهم هو العقل الخارق والذی أودعه الله عزّوجلّ عند الأنبیاء وأوصیائهم المعصومین (علیهم السلام)، نظراً لإمکانیة إدراک الکثیر من الحقائق عن طریقه، عقل ومعرفة الناس العادیین یضیء شعاعاً خاصّاً فی حین أنّ عقول الأنبیاء والأوصیاء لها امتداد واسع جدّاً، وهذا هو السبب فی کشفهم لحقائق لا یدرکها الآخرون.

لذا نقرأ فی قصّة لیلة المبیت (اللیـلة التی هاجر فیها النبی سـرّاً من مکّة إلى المدینة وترک علیّاً (علیه السلام) فی فراشه) أنّه: حینما اقتحم أشراف قریش المنزل عند الفجر، ووجدوا علیّاً(علیه السلام) فی فراش النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، صاحوا: أین محمّد؟

قال (علیه السلام): أجعلتمـونی علیه رقیبـاً؟ ألستم قلتم نخـرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنکم، وهنا قال «سراقة بن مالک المخزومی»: الآن حیث لا یوجد محمّد (صلى الله علیه وآله) فلا تترکوا علیّاً(علیه السلام) وأریحوا العالم من وجوده، قال أبو لهب: کفّوا عنه، فهو مخدوع من محمّد وقد أفدى نفسه له.

حینئذ التفت علی (علیه السلام) إلى أبی جهل وقال: «یاأبا جهل بل الله قد أعطانی من العقل ما لو قسّم على جمیع حمقاء الدنیا ومجانینها لصاروا به عقلاء، ومن القوّة ما لو قسّم على جمیع ضعفاء الدنیا لصاروا به أقویاء، ومن الشجاعة ما لو قسّم على جمیع جبناء الدنیا لصاروا به شجعاناً، ومن الحلم ما لو قسّم على جمیع سفهاء الدنیا لصاروا به حلماء»(5).

فحینما یتمتّع علی (علیه السلام) بهذه المرتبة من العقل والمعرفة فمن المسلّم أن یتمتّع النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بمثل هذه الموهبة العظیمة بطریق أولى.

کما أنّ حیاة الأنبیاء تبیّن أنّ لهم من العقل والمعرفة ما یخرق العادة، وهذا بنفسه هو أحد المنابع المهمّة لعلومهم ومعارفهم.

6 ـ الطریق السادس والمصدر الأخیر هو العلوم التی ورثوها خلفاً عن سلف، ولدینا أدلّة کثیرة على أنّ الأنبیاء (علیهم السلام) قد نقلوا علومهم ومعارفهم إلى الأنبیاء الآخرین أو إلى أوصیائهم وأورثوها إیّاهم.

قال فریق من المفسّرین فی تفسیر الآیة: (وَوَرِثَ سُلَیْمانُ دَاوُدَ). (النمل / 16)

إنّ «الإرث» هنا یعنی إرث علم ومعرفة ذلک النبی، أو أنّه یعنی مطلق التوارث الشامل للعلم والمعرفة أیضاً.

کما أنّ بعض المفسّرین اعتبر توارث العلم فی قصّة زکریا عند تفسیر الآیة 6 من سورة مریـم: (یَـرِثُنِى وَیَـرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُـوبَ) داخـلا فـی المفهـوم الجامع للآیة(6).

کما نقرأ فی العدید من الروایات: أنّ العلوم التی وهبها الله لآدم (علم الأسماء) لم تغب عن الوجود، بل ورثها أولاده المنتجبون!

من جملتها ما نقرأه فی روایة عن الإمام الباقر (علیه السلام): «إنّ العلم الذی نزل مع آدم لم یرفع والعلم یتوارث، وکان علی عالم هذه الاُمّة، وأنّه لم یهلک منّا عالم قطّ إلاّ خلّفه من أهله من علم علمه أو ما شاء الله»(7).

وفی حدیث آخر عن الإمام الباقر (علیه السلام) نقرأ أنّه قال: «أما إنّ محمّداً (صلى الله علیه وآله) ورث علم من کان قبله من الأنبیاء والمرسلین»(8).

کانت هذه المصادر الستّة بمجموعها السبب وراء اطّلاع الأنبیاء الإلهیین، لیس فقط على المسائل المرتبطة بمعارف الدین وأحکام الشریعة، بل وکذلک على العلوم والمعارف الأخرى الأعمّ من کونها ذات تأثیر مباشر فی أداء مهمّة الرسالة، أو غیر مباشر فی تکمیل أهداف النبوّة (تأمّل جیّداً).


1. الغدیر، ج 2، ص 202، حالات الکمیت.
2. بحار الأنوار، ج 25، کتاب الإمامة، ص 56، ح 19، کما ورد نفس هذا المضمون فی، ح 18 و20 و21 و22 و23 أیضاً.
3. المصدر السابق، ص 55، ح 15، کما ورد نفس هذا المعنى بتفاوت ضئیل فی الأحادیث 14 و25 و26.
4. المصدر السابق، ص 61، ح 37.
5. بحار الأنوار، ج 19، ص 83.
6. من جملتهم الآلوسی فی تفسیر روح المعانی; والسیّد قطب فی تفسیره فی ظلال القرآن.
7. أصول الکافی، ج 1، ص 222، (باب أنّ الأئمّة (علیهم السلام) ورثة العلم) ح 2، کما ورد نفس هذا المعنى فی ح 4 و5 و8 من نفس ذلک الباب، وبنفس هذا المنوال الحدیث المتظافر المنقول عن أئمّة أهل البیت بأسانید مختلفة.
8. المصدر السابق، ص 224 (باب أنّ الأئمّة ورثوا علم النبی)، ح 2.

 

2 ـ القرآن والعلوم الأخرى للأنبیاء (علیهم السلام)تمهید:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma