1 ـ آدم(علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
تنزیه الأنبیاء (علیهم السلام)ثمرة البحث:

نقرأ فی القرآن الکریم: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى). (طه / 121)

وکذلک فی قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).(طه / 115)

لقد نسبت الآیة الاُولى العصیان والغی إلى آدم، والثانیة نسبت إلیه النسیان وعدم العزم مع أنّ هذا لا یتناسب مع عصمة الأنبیاء وبعید عنهم کلّ البعد.

الجواب :

هنالک أبحاث متنوّعة للمفسّرین منذ قدیم الأیّام وإلى الآن حول الإجابة عن هذا السؤال، لقد ذهب بعض المفسرین ـ ودون الأخذ بنظر الاعتبار الأدلة العقلیة والنقلیة ـ إلى أنّ ما صدر من آدم(علیه السلام) یُعدُّ من الذنوب الکبیرة، إلاّ أنّه یرتبط بالفترة التی سبقت نُبوّته.

وبعضهم حمل هذه المعصیة على کونها من الذنوب الصغیرة ولم یعرها أیة اهمیة.

وبالرغم من الآیات الواردة والمتعلقة بعصمة الأنبیاء والمنزلة الرفیعة التی أولاها الله سبحانه وتعالى لهم، وبالأخص لآدم(علیه السلام)، حیث جعله خلیفتهُ وحجّته، إلاّ أنّهم لم یذعنوا لمثل هذه الادلة ولم یسلِّموا لها، بل أخذ کل واحد منهم یبتکر حلا ویذهب مذهباً للخروج من هذه المعضلة، ومن بین هذه التفاسیر یمکن الرکون إلى ثلاثة آراء باعتبارها الطریق الامثل لحل هذا الاشکال وهی:

أ) کان نهی آدم نهیّاً إختباریاً ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ آدم کان قد خلق للعیش فی الأرض لا الجنّة، وأنّ فترة وجوده فی الجنّة کانت فترة اختبار لا تکلیف، إذن فأوامر الله ونواهیه هناک کانت لغرض إعداد آدم، بحیث یتلاءم وحوادث المستقبل فیما یتعلّق بالواجب والحرام.

وبناءً على هذا فقد خالف آدم أمراً إختباریاً فقط لا أمراً واجباً قطعیّاً.

فـی حدیث للإمـام علی بن موسـى الرضا (علیه السلام) وفی معرض ردّه على «علی بن محمّد بن الجهم »، الـذی یعـدّ مـن متکلّمی ذلک العصر المعـروفین، وکان یعتقد بعدم عصمة الأنبیاء استناداً إلى بعض ظواهر الآیات القرآنیة، قال (علیه السلام)له: «ویحک یاعلی اتّق الله ولا تنسب إلى أنبیاء الله الفواحش ولا تتأوّل کتاب الله بـرأیک فإنّ الله عـزّوجلّ یقـول: (وَمَا یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلاَّ اللهُ) ثمّ أضاف قائـلا: أمّا قول الله عزّوجلّ فی آدم (علیه السلام): (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)، فانّ الله عزّوجلّ خلق آدم حجّته فی أرضه وخلیفتـه فی بلاده، لم یخلقه للجنّة وکانت المعصیة من آدم فی الجنّة لا فی الأرض، (والجنّة لم تکن دار تکلیف بل دار اختبار) لتتمّ مقادیر أمر الله عزّوجلّ، فلمّا اُهبط إلى الأرض وجعل حجّة الله وخلیفته عصم بقوله عزّوجلّ: (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِیمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِینَ)»(1).

ب) کان نهی آدم نهیاً إرشادیاً ـ یعتقد جمع من المفسرین أنّ أوامر الأنبیاء ونواهیهم ومن جملتهم آدم (علیه السلام) والتی لم تطبّق، کانت ذات جانب إرشادی، مثل أمر الطبیب للمریض بتناول الدواء الفلانی، والاجتناب عن الطعام الفلانی غیر المناسب، فمتى ما خالف المریض أمر الطبیب فسیضرّ نفسه، لعدم اکتراثه بإرشاد الطبیب وتعلیماته.

فـمن الممکن هنا عصیان أمر الطبیب ومخالفتـه، ولکن من المسلّم أنّ هذا سیکون على حساب صحّة المریض، ولا یعنی الإستهانة بمقام الطبیب أبداً، وهکذا فقد قـال الله تعـالى لآدم: لا تأکل من هـذه «الشجرة» وإلاّ فستطرد من الجنّة ونعیمـها، وتلاقی المشقّـة والعـذاب: (فَقُلْنَا یَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَکَ وَلِزَوْجِکَ فَلاَ یُخْرِجَنَّکُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَکَ أَلاَّ تَجُوعَ فِیهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّکَ لاَ تَظْمَؤُا فِیهَا وَلاَ تَضْحَى). (طه / 117 ـ 119)

وبناءً على هذا فقد خالف آدم نهیاً إرشادیاً، لا أمراً إلهیّاً واجباً، فواجه المصاعب، کما أنّ التعبیر بـ «العصیان» لا یخدش فی عصمة آدم أبداً، لو أخذنا بنظر الاعتبار القرائن الموجودة فی سائر الآیات.

ومـن هنا یتّضح أیضاً تفسیر جملة «فغوى» فی ذیل نفس هذه الآیة، وأنّ المراد منها هو حرمانه من نعیم الجنّة، لا «الغوایة» التی تعنی التصرّفات المنبثقة عن الإعتقادات الخـاطئة، أو الاُمور التی تحول دون بلوغ الإنسان لمراده، وعلى أیّة حال فلو أنّ آدم لم یخالف هذا النهی الإرشادی لمکث فی الجنّة فترة أطول.

ج) کان ترکاً للأولى ـ هذا الجواب له مؤیّدون أکثر لیس هنا فقط، بل فی کلّ الموارد التی ینسب فیها الذنب إلى الأنبیاء فإنّها تفسّر بهذه الطریقة.

توضیح ذلک: الذنب والمعصیة على نوعین: مطلق، ونسبی، والمراد بالقسم الأوّل هو کلّ تلک الذنوب التی تعدّ ذنباً حین صدورها من أی شخص ولا استثناء فیها أبداً، کأکل المال الحرام والظلم والزنا والکذب.

امّا الذنب النسبی فهو ذلک الذنب الذی یعدّ تصرّفاً غیر مرغوب فیه قیاساً بمقام وشخصیة ومعرفة الأشخاص، وما أکثر ما یعد صدور هذا الشیء من الآخرین فضیلة فضلا عن عدم اعتباره عیباً.

فمثلا الصلاة المناسبة لشخص اُمّی لا تلیق أبداً بعالم عارف له تاریخ علمی طویل، أو أنّ تبرّعاً متواضعاً من عامل بسیط یکلّفه اُجرة یومه لمشروع خیری عام کبناء مدرسة أو مستشفى أو مسجد یعدّ فی نفسه عملا خیّراً بل إیثاراً کبیراً، فی حین أنّه لو تبرّع أحد الأثریاء المعروفین بنفس هذا المبلغ، لتعرّض للذمّ والإتّهام بضعف الهمّة والبخل وهذا هو مصداق القول المعروف بین العلماء والفضلاء إنّ: «حسنات الأبرار سیّئات المقرّبین».

وبناءً على هذا فما یصدر من الأنبیاء یسمّى عصیاناً لعدم لیاقته بمنزلتهم الرفیعة وإیمانهم ومعرفتهم، قد یکون عین «الطاعة» حین صدوره عن غیرهم، فأداء الصلاة بقلیل من حضور القلب یعدّ للشخص العادی فضیلة بینما یعدّ ذنباً بالنسبة للنبی أو الإمام (ذنب نسبی لا مطلق).

کلّ التعابیر حول معصیة الأنبیاء وذنوبهم سواء فیما یتعلّق بآدم أو بخاتم الأنبیاء(علیهم السلام)، والتی تلاحظ فی الآیات والروایات، یمکن أن تکون إشارة إلى نفس هذا المعنى.

کما ویعبّر أحیاناً عن هذا المعنى بـ «ترک الأولى»، والمراد به ذلک العمل الذی یکون ترکه أولى من فعله، هذا العمل الذی یمکن أن یکون من «المکروهات» أو «المباحات» بل وحتّى «المستحبّات» أیضاً، فالطواف المستحبّ مثلا، ومع کونه عملا حسناً مقبولا، لکن ترکه والسعی وراء قضاء حاجة المؤمن أولى وأفضل «کما جاء فی الروایات».

الآن لـو أنّ أحداً لم یقـدم على قضاء حـاجة المؤمن، وذهب بدل ذلک للطواف حول بیت الله تعالى، فقد ترک الأولى مع إتیانه بعمل مستحبّ بذاته، ولا یلیق هذا الشیء بأولیاء الله وأنبیائه وأئمّة الهدى(علیهم السلام) وتوهّم البعض بأنّ ترک الأولى یطلق على الموارد المکروهة فقط، إلاّ أنّ هذا الوهم فی غیر محلّه بل هو خطأ محض. (فتأمّل).

على أیّة حال فمقولة الذنب النسبی وتحت عنوان ترک الأولى یمکن أن یکون جواباً حسناً لکلّ الأسئلة التی تثار حول الآیات والروایات التی نسب فیها الذنب إلى المعصومین.

المـلفت للنظر أنّ التعبیر بـ «المعصیة» فیمـا یتعـلّق بـ «ترک المستحبّات» قد ورد فـی الروایات الإسلامیـة أیضاً، من جملتهـا الحدیث المعتبر عن الإمام الباقر (علیه السلام)فی حدیثه عن النوافل الیـومیة قال: «إنّما هذا کلّـه تطوّع ولیس بمفـروض إنّ تـارک الفریضة کافـر وإنّ تارک هذا لیس بکافر ولکنّها معصیة»(2).

کما أنّ معنـى «العصیان» لغویّاً وکما ذکـره الراغب فی مفرداتـه، هو کلّ خـروج عن دائرة الطاعة (سواء أکانت هذه الطاعة فی الأوامر الوجوبیة أو الإستحبابیة)(3).

سـؤال: یمـکن أن یقال هنـا: صحیح أنّ للعصیـان والذنب مفهوماً واسعـاً بحیث یشمل أحیاناً ترک المستحبّ والأولى أیضاً، وأنّه یتفاوت بتفاوت الأشخاص، لکن ما هی الحکمة من تکرار الله تعالى التعبیر بالمعصیة بحقّ أنبیائه المکرّمین فی آیات القرآن المجید؟

جواب هذا السؤال ذکر فی حدیث لطیف نقله المرحوم الطبرسی فی کتاب الإحتجاج عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وهو حدیث طویل جاء فی فقرة منه أنّ زندیقاً قال: إنّی أجد الله قد شهر هفوات أنبیائه مثل (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (فما الحکمة من هذا؟).

فقال الإمام (علیه السلام): «وأمّا هفوات الأنبیاء (علیهم السلام) وما بیّنه الله فی کتابه و... فانّ ذلک من أدلّ الدلائل على حکمة الله عزّوجلّ الباهرة وقدرته القاهرة، لأنّه علم أنّ براهین الأنبیاء تکبر فی صدور اُممهم، وأنّ منهم من یتّخذ بعضهم إلهاً، کالذی کان من النصارى فی ابن مریم، فذکرها دلالة على تخلّفهم عن الکمال الذی تفرّد به عزّوجلّ» (ولئلاّ یراود فکر اُلوهیتهم ذهن أحد أبداً)(4).


1. بحار الأنوار، ج 11، ص 72.
2. تهذیب الأحکام (طبقاً لما نقله تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 404، ح 165).
3. مفردات الراغب، مادّة (عصى).
4. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 303، ح 173.

 

تنزیه الأنبیاء (علیهم السلام)ثمرة البحث:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma