3. الارتباط بالأرواح فی کلمات الإمام علی (علیه السلام):
بناءً على الرویة المذکورة فی نهج البلاغة، فإنّه أثناء رجوعه (علیه السلام) من حرب صفین توقف خلف بوابة الکوفة (1)، عند مقبرة المدینة، وأراد (علیه السلام) أن یعطی درساً لأصحابه وأتباعه الذین رجعوا من معرکة صفین الملیئة بالأحداث، لذا خاطب المدفونین تحت تراب تلک المقبرة والذین رحلوا نحو ذلک العالم وقال لهم: «یَا أَهْلَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ، وَالَْمحَالِ الْمُقْفِرَةِ، وَالْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ; یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ، یَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، یَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ، یَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ، وَنَحْنُ لَکُمْ تَبَعٌ لاَحِقٌ».
وبعد أنّ بیَّن (علیه السلام)أحوال هؤلاء الموتى فی القبر، وذکر حتمیة الموت وخاطب الأموات حدثهم بما جرى بعد موتهم فی ثلاث عبارات:
«أَمَّا الدُّور فَقَدْ سُکِنَتْ، وَأَمَّا الاَْزْوَاجُ فَقَدْ نُکِحَتْ، وَأَمَّا الاَْمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ. هذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا»
ثم نقل إلیهم أخبار الدنیا قائلاً: «فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَکُمْ؟ ثم التفت إِلى أَصحابه فقال: أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْکَلاَمِ لاََخْبَرُوکُمْ أَنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» (2).
وحین یقول علی (علیه السلام): أمّا لو أذن لهم فی الکلام، فإن ذلک دلیل على وجود الأرواح وأنّهم یستطیعون أن یتواجدوا معنا، ویتکلموا معنا ولکن ذلک یحتاج إلى إذن إلهی.
أیّها القراء الأعزاء! علیکم أن تفکروا من الآن فی زادکم للآخرة، وتعوّضوا ما فات منکم، إذ فی غمرة قیام الساعة لن یفکر أحد بأحد آخر، بل إنّه یتخلى عن أحبَّ الناس إلیه ولا یفکر إلاّ فی إنقاذ نفسه، نسأل الله تعالى أن یوفقنا لإعداد ذلک الزاد لتلک اللحظات الموحشة.