لقد ذکر المفسّرون حول أصل السؤال احتمالین:

1. إنّ السؤال لیس عن الأحکام الإلهیّة، بل عن التغیرات والتحولات التی تطرأ على القمر.

2. السؤال عن حکمة خلق القمر.

الجواب:

نعلم أنّ القمر لا یصدر نوراً، بل یتلقى نوره من الشمس، ویعکسه نحو الأرض، ولهذا نرى أنّ وجه القمر الموجّه للشمس یکون مضیئاً على عکس الوجه الآخر الذی یکون مظلماً.

یدور القمر حول نفسه مرّة کل شهر (30 یوماً)، لذا یکون قسم رقیق منه فی البدایة مضاءً، ومن ثم یأخذ هذا القسم بالتوسع بالتدریج حتى منتصف الشهر، فیصبح مضاءً بشکل کامل، ومن ثم تأخذ إضاءته بالخفوت تدریجیاً، وبالتالی نلاحظ تلک التغیرات التی تطرأ على سطح القمر نتیجة دورانه حول نفسه طوال شهر.

ویذکر تعالى فی جواب السؤال المطروح عن الهلال ما یلی: إنّ القمر یمثّل تقویماً طبیعیاً ینظم حیاة الناس، معلّقاً فی کبد السماء، حتى یستفید منه کل إنسان على هذه البسیطة، فی أیة نقطة منها، مهما اختلفت مستویاته العلمیة والمعرفیة والإدراکیة، لیمنح حیاته التنظیم والدقّة بناءً على هذا التقویم الطبیعی.

قد تقوم الشمس بهذا الدور أیضاً، ولکنّها تختلف عن دور القمر، إذ لا یمکن معرفة التاریخ عبر التحدیق فی السماء بالنظر إلى الشمس، ولکن یمکن ذلک بمراقبة القمر وحالته.

لقد خُلق هذا التقویم الطبیعی لهدفین مهمین هما:

1. إیجاد حالة من التنظیم والبرمجة فی حیاة الإنسان، لأنّ الحیاة بدون التنظیم مصدر لکل إخفاق وفشل، ولهذا خلق الله القمر حتى یقوم الإنسان بأعماله على أساس برنامج خاص وتنظیم دقیق.

2. إنّ العبادات الدینیة تؤدى وفقاً لهذا التقویم الطبیعی، إذ بظهور الهلال ورؤیته تبدأ غرّة الشهر القمری، فیقوم المسلمون بأداء فریضة الصوم فی شهر رمضان، وبطلوع الهلال ورؤیته یؤذن بانتهاء شهر رمضان، وحلول عید الفطر المبارک، حیث یحرم الصوم فی هذا الیوم، ومع مرور تسعة أیّام من شهر ذی الحجة یتوجّه الحجاج  إلى عرفات ومن ثم یفیضون فی الیوم العاشر من ذلک الشهر نحو منى، حیث یؤدون شعائر خاصة فیه، وبعد انقضاء اثنی عشر یوماً من هذا الشهر یعود الناس إلى مکة المکرمة لیؤدوا شعائرهم هناک.

وبالتالی فإنّ وجود هذا الهلال یمنح حیاتنا الطبیعیة والعادیة نظماً، کما نستفید منه لأداء أعمالنا الدینیة وعباداتنا الشرعیة وفق هذا التقویم الطبیعی.