کانت قبیلتا الأوس والخزرج اللتان تسکنان فی المدینة المنورة وتعدّان من الأنصار، وتتنازعان بینهما فی الجاهلیة، وبفضل الإسلام انتهت نزاعاتهما ومواجهاتهما الطویلة، ومع ذلک بقی بعض ما ترسّب من ذلک فی النفوس، ولهذا تواجهت تلک القبیلتان مع بعضهما أحد الأیّام، ویظن البعض أنّ شخصین من القبیلتین کان بینهما اختلاف ونزاع، وقد تصاعد النزاع بینهما بحیث وصل إلى مرحلة المواجهة وقامت کل قبیلة بدعم من ینتمی إلیها وفی النتیجة اشتعلت حرب بین القبیلتین فنزلت الآیة الکریمة حول هذه الحادثة.

لهذا فإنّ الآیة الشریفة تعتبر إیقاف النزاعات والخصومات بین المسلمین من أهداف الحرب فی الإسلام، فهل طالع من یتهم المسلمین بالعنف والدعوة للحرب الآیات المذکورة أعلاه؟ هل کانوا یعلمون أنّه ورد لفظ الصلح والسلم ثلاث مرات فی آیتین من القرآن الکریم؟

وهل عملنا نحن المسلمین بهذه الآیات؟

وهذا ما شهدناه فی أفغانستان حیث عانت تلک البلاد لسنوات طوال من الحروب وسفک الدماء والقتال بین الطوائف المختلفة الإسلامیّة، حیث کانوا یقتلون

بعضهم بعضاً، فهل تدخلت الدول الإسلامیّة لإیقاف تلک المنازعات؟ فإن کانت دولة مثل إیران تدعو لوقف هذه الحروب فإنّه للأسف الشدید لم تقم باقی الدول بالتعاون معها.

لقد قامت الأمم المتحدة ومجلس الأمن فی إرساء قوّة باسم قوّة السلام وهی مجموعة من قوات عسکریة تنتمی إلى دول عدیدة وقد قامت لحد الآن بتقدیم خدمات جیدة فی هذا المجال، أمّا الإسلام فقد طرح منذ 1400 سنة مبدأ ضرورة وجود قوّة لحفظ السلام، ولکن لم یعمل المسلمون به والتقصیر یقع علینا.

ونرى فی أیّامنا الحالیة ما یجری فی العراق، حیث تتقاتل المجموعات المختلفة مع بعضهم بعضاً ونلاحظ أنّ عدّة آخرین یقفون موقف المتفرج، وتقوم عدّة أخرى خلافاً لتوصیات القرآن الکریم بصبّ الزیت على النار لإشعال الحروب فیما بینهم فإن کانت أمریکا وانجلترا ترغب فی تشدید هذه النزاعات فیما بین الأخوة فی العراق وتدعم ذلک فهذا لیس مجال للتعجب، لأنّ هؤلاء هم الأعداء الأساسیون للمسلمین، ولکن العجب من المسلمین الذین یقومون بإشعال تلک الحروب وزیادة أوارها!