إنّ الهدف الثالث من الحروب فی المعارف الإسلامیّة هو إیقاف المواجهات والمنازعات التی یمکن أن تحدث بین قبیلتین مسلمتین أو بین دولتین إسلامیتین.
وهذا ما یعبّر عنه فی هذه الأیام بقوات حفظ السلام فی العالم، وتشیر الآیتان (9) و(10) من سورة الحجرات إلى هذا النوع من الجهاد، حیث یقول تعالى: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّى تَفِیءَ إلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ ).
ونستفید من الآیتین الکریمتین نقاطاً هامة هی:
أ) یجب أن لا یقف المسلمین فی قبالة النزاعات الفردیة أو الجماعیة بین المسلمین الآخرین موقف المتفرج، (کما نلاحظ فی حالات عدیدة هذه الأیّام للأسف الشدید) بل یجب المبادرة إلى إیقاف تلک المواجهات والنزاعات وإقامة السلام والصلح بین الطرفین المتنازعین.
ب) إذا قام المسلمون المسؤولون الذین یعرفون مهامهم بدورهم فی إیقاف المنازعة، ولکن أحد طرفی النزاع لم یکن حاضراً لترک المنازعة والتوجه إلى
الصلح، عندها یلزم على المسلمین أن یحاربوا الطاغی منهما واللجوء إلى القوّة لدفعه إلى التخلی عن النزاع والتوجه نحو الصلح.
ج) بعد قبول طرفی النزاع لدعوات الصلح وإعلان الهدنة، عندها لا یجب أن یترک الأمر على حاله بل یجب التحقیق فی سبب ذلک النزاع ومنشئه، وذلک منعاً لتکرار النزاع مجدداً بالقضاء على جذوره.
د) یجب أن یکون الإصلاح على أساس العدل لا على أساس الأهواء الشخصیة الرغبات النفسانیة.