نستفید من الروایات أنّ الأیتام ینقسمون إلى قسمین:
1. الأیتام الظاهریون العادیون الرائجون الذین فقدوا آبائهم أو أمهاتهم أو کلیهما، وقد بحثنا حولهم.
2. وهناک الأیتام المعنویون ممّن یعبّر عنهم أحیاناً بأیتام آل محمد، وهؤلاء هم الشیعة الذین لا یصلون إلى إمامهم، لأنّ الإمام بمنزلة الأب، ومن لا یصل إلى أبیه یکون یتیماً، ومن قصرت یداه عن الوصول إلى أبیه فهو یتیم، وأنّ کفالة هؤلاء الأیتام تقع مسؤولیتها على عاتق علماء الدین، ممّن قاموا طوال عصر الغیبة الکبرى للإمام المهدی (علیه السلام) باحتضان أیتام آل محمد وتکفلهم; حیث دافعوا عنهم فی مقابل شبهات الأعداء; ولم یسمحوا لهم أن ینحرفوا، ولا شک أنّ من یتحمل مسؤولیة
تکفل هؤلاء الأیتام له مکانة أرفع بکثیر من کافلی الأیتام من النوع الأوّل، ولذلک یقول رسول الله (صلى الله علیه وآله) حول الأیتام المعنویین ما یلی: «أَشَدُّ مِنْ یُتمِ الیَتِیمُ الّذی انْقَطَعَ عَنْ أَبِیهِ یُتْمُ یَتیم انْقَطَعَ عَنهُ إِمـامُهُ ألا فَمَنْ هَداهُ وَأَرشَدَهُ وَعَلَّمَهُ شَریعَتَنا کَانَ مَعنا فِی الرِّفِیقِ الأَعلَى» (1).
یجب أن نقول بحق بأنّه إذا لم یکن علماء الشیعة موجودین ولم یتحملوا مثل هذه الصعوبات أو یبذلوا مثل هذه الجهود، ولم یقوموا بإیصال علوم أهل البیت (علیهم السلام)ومعارفهم جیلاً بعد جیل إلى الشیعة، ولم یدافعوا أمام قصف الشبهات والأکاذیب والأضالیل والتهم التی قام بها أعداؤهم العالمون والجاهلون، فإننا لم نکن نعلم أین کان الشیعة یقفون هذه الأیّام متحیرین وتائهین؟
إنّ العدو لم یقصّر لحظة ولم یتوانَ لحظة عن القیام بدعایاته المسمومة والخطیرة، ولم یتردّد عن التوسل بالکذب والتهمة للوصول إلى أهدافه غیر الشریفة، ولعل نموذج ذلک إحدى الفتاوى الأخیرة لعلماء الوهابیة السلفیة المتطرفة حیث قال: إنّ ذبیحة الیهود والنصارى محللة، أمّا ذبائح الشیعة فهی حرام، لأنّهم أثناء ذبح الحیوان یرددون یا حسین ویا حسن بدل ذکر الله! وللأسف فإنّ هذا المتظاهر بالعلم لم یطالع کتاباً واحداً من کتب الفقه الشیعیة، لأنّ کافة کتب الفقه الشیعیة من زمن المعصومین الأطهار (علیهم السلام) حتى الآن، یوجبون ذکر الله عزّ وجلّ أثناء الذبح، وما ذکره من أضالیل لم یوجد فی أی کتاب من هذه الکتب فکیف لإنسان عاقل أن یقول مثل هذا الکلام؟ فی حین أنّ الحکم الإلهی لذلک ورد فی القرآن الکریم، والقرآن لا شیعة ولا سنّة فیه.
فی الحقیقة فإنّ من فرط تعصّبهم وامتعاضهم لا ینتبهون لما یصدرون من فتاوى کاذبة، ولهذا عندما یتعرف الشاب الوهابی إلى معارف الشیعة الملیئة بالمحبّة
والعطف والمنطق والاستدلال، ویلتحق هؤلاء الشباب زرافات ووحداناً إلى هذا المذهب، فإنّهم یمتعضون من ذلک، ویفقدون سیطرتهم على أنفسهم، فصاروا ینطقون بمثل هذه الکلمات النابیة والتافهة التی لا أساس لها.
1 . سفینة البحار، ج 8، ص 742.
