إنّ الربا أهم مصادر دخول مصارف العالم المادی، لأنّ آکل الربا یحصل على ربح خاص ولا یهمّه الضرر الذی یحل بطالب القرض، إذ یجب على طالب القرض تحت أی ظرف من الظروف أن یعید ما استقرضه من الفائدة حتى لو تضرّر من ذلک، بل أحیاناً تضاف إلى ذلک أیضاً أرباح مضاعفة وغرامات تأخیر، عند عدم القدرة على الدفع یقومون ببیع سنداته، ویحصلوا على مطالباتهم.
لذلک تزداد ثروات المرابی یوماً بعد یوم ویتزاید رأسماله وأمثاله یوماً بعد یوم
ویزداد المقترضون فقراً یوماً بعد یوم بل تتدمر حیاتهم نتیجة لذلک.
لقد حرم الإسلام مثل هذا النشاط غیر المشروع لأنّ المرابی لا یقوم بأی عمل إیجابی، وهو یفکر فی کل الظروف بزیادة ثروته ورأسماله بأی شکل من الاشکال، بل إنّه حاضر لوضع دماء الناس فی زجاجة ویقوم بامتصاصها مثل العلق، دون أن یرضى بأن یضیع ریال واحد من فائدته، وأنّ البنک العالمی بمثل هذه القروض الربویة التی تصل فیها الفائدة على کل دولار واحد عشرة أمثالها، یقوم هذا البنک بإذلال الشعوب المستضعفة.
والإسلام بتحریمه الربا وقف أمام العوامل الهامة للتوزیع غیر العادل للثروة، فلو اهتم المسلمون بل وغیر المسلمین بتلک الروایات الواردة فی هذا المجال التی تنهى عن مثل هذا الأمر بأقسى الأسالیب، وتبیّن مفاسدها المتنوعة والمتعددة التی تصیب الفرد والمجتمع (1)، والتی تؤدی أحیاناً إلى الإضطرابات الإجتماعیة، بل إنّها قد اعتبرت مثل هذه الأمور بحکم محاربة وإعلان القتال على الله، فلو تمّ الاهتمام بذلک کلّه لما تم التلوث بمثل هذه المعصیة الکبرى.
1 . لمزید من الاطلاع انظر إلى کتابنا (الربا والصیرفة الإسلامیّة).
