هناک مجموعتان تقومان بضرب أمن المجتمع بشدّة، وهم فی الحقیقة یرتکبون الفساد والفتنة، هما ناشروا الفتنة والشائعات والأرذال والأوباش ممَّن یخلّون بالأمن الاجتماعی وقد أشارت الآیتان (60، 61) من سورة الأحزاب إلى ذلک بقوله تعالى:
(لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِی الْمَدِینَةِ لَنُغْرِیَنَّکَ بِهِمْ ثُمَّ لا یُجاوِرُونَکَ فِیها إِلاَّ قَلِیلاً * مَلْعُونِینَ أَیْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِیلاً ).
کانت هناک مجموعتان تقومان بخلق الفتنة فی المدینة هما:
1) مجموعة من المنافقین الذین کانوا یقومون بنشر الشائعات، إما عبر القول بأنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) قد مات، أو کانوا یشیعون أن العدو قد هجم على المدینة وأسر الرسول (1).
2) مجموعة من الأوباش وإن کانوا أقلیة ولکنهم یضربون أمن المجتمع، وکانوا یأتون إلى المسلمات اللاتی کن یتوجهن إلى المسجد لإقامة صلاتی المغرب والعشاء فیقومون بمضایقتهن أثناء رجوعهن من المسجد ویکمنون لهن فی الظلام
1 . التفسیر الأمثل، ذیل الآیة مورد البحث.
ویضایقون الفتیات والنساء المسلمات (1).
وکأنّ التاریخ یعید نفسه إذ نلاحظ أنّ هاتین المجموعتین مرّة أخرى، یمثلون الأعداء الأساسیین للأمن الاجتماعی.
وقد نبّه القرآن الکریم تنبیهاً شدیداً تجاه هاتین المجموعتین، حیث یبین بأنّه إذا لم یتخلَّ الذین یقومون بنشر الشائعات والأوباش عن الفساد والفتنة فیجب إعلان الحرب علیهم وإخراجهم من المدینة والبلد وقتلهم أینما ثقفوا.
یتعامل القرآن الکریم فی مقابل الفتنة والفساد الاجتماعی تعاملاً شدیداً، لأنّ الحیاة فی مثل هذا المجتمع یکون صعباً جدّاً، ولهذا یجب الحفاظ على الأمن الاجتماعی للمجتمع بأی ثمن کان حتى إنّ الإسلام فی سبیل ذلک قد سمح بإعلان الحرب تجاه المخلین بالأمن الاجتماعی.
1 . التفسیر الأمثل، ذیل الآیة مورد البحث.
