إنّ الآیة الشریفة (220) من سورة البقرة هو السؤال والجواب القرآنی الخامس لبحثنا حیث یقول تعالى: (وَیَسْئَلُونَکَ عَنِ الْیَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَیْرٌ ).

فی القرآن الکریم تعابیر جامعة وکاملة، لذا فإنّه فی التعامل مع الأیتام یستخدم کلمة الإصلاح الذی یشمل الإصلاح الجسمی والروحی والعاطفی والإقتصادی وأمثال ذلک، نعم إنّ هذه اللفظة تشیر إلى ضرورة مساعدة الأیتام والاهتمام بکل جوانب حیاتهم.

یقول تعالى: (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُکُمْ )، حیث یشیر الله عزّ وجلّ فی هذا القسم من الآیة إلى السماح بالاختلاط والتعامل والتفاعل مع حیاة الأیتام، وأمر بالتعامل معهم کالإخوان، الذین یشترکون مع بعضهم بعضاً حتى آخر العمر فی الکسب والعمل والحیاة، وکل واحد منهم یتصرف فی حدود حقه وحصته، ولا یطلب أکثر مما یستحق، وأحیاناً تکون هذه الشراکة على قدر من الحلاوة والجمال بحیث إنّ أولادهم أیضاً یستمرون فی هذا العمل.

ویقول تعالى: (وَاللهُ یَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) فی النهایة فإنّ الله عزّ وجلّ بعلمه اللامحدود یعرف نیات الناس وأغراضهم ومقاصدهم، ممن کان هدفه إصلاح عمل الأیتام ومن یستغل الأیتام فی هذا المجال.

فإذا اهتم الناس بهذه النقطة فإنهم لن یسمحوا بإفساد أو تخریب نوایاهم الصادقة.

ویضیف تعالى: (وَلَوْ شاءَ اللهُ لأَعْنَتَکُمْ ) ویأمر الله تعالى، بأنه فی الوقت عینه الذی تقومون فیه بالإشراف على الأیتام وإدارة حیاتهم وأموالهم، یجب أن تقوموا بفصل حیاتهم وأموالهم بشکل عام عن أموالکم وحیاتکم ومعیشتکم، ولکن الله عزّ وجلّ لم یقم بذلک لإراحتکم، بل سمح لکم بالاختلاط بأموالهم ولکن ضمن إطار محسوب ومحدد.

(إِنَّ اللهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ ) فهو العزیز الذی لا تکسر قدرته، والحکیم الذی یأمر بحکمته.