إنّ القاعدة فی الإسلام هو السلام، أمّا الحرب استثناء، لأنّ للحرب تکالیف وخسائر غیر قابلة للتعویض وتمتد آثارها ونتائجها الصعبة حتى مئة عام أحیاناً، وإننا نشبه السلم بالحالة التالیة: عندما یقوم السائق الدقیق والمنضبط بقیادة سیارته ضمن معاییر السلامة والأمان، فیعود إلى مقصده سالماً معافاً، أمّا حالة الحرب فهی کحالة الحادث الشدید الذی یؤدی إلى کسر ید ورجل السائق وخلع عینیه وکسر أسنانه، وإیذاء بدنه، بحیث إنّ آثار هذه الحادثة قد تستمر مع هذا الشخص وترافقه إلى أربعین وخمسین عاماً تالیة، لا سیما فی عصرنا الحالی التی أصبحت فیه التکالیف باهظة جدّاً.
وبناء على ما ورد فی التاریخ، فإنّ عدد قتلى الحروب التی خاضها رسول الله (صلى الله علیه وآله)أو التی خیضت فی عصره لم تتجاوز ألف شخص، أمّا الحرب العالمیة الأولى فقد وصل ضحایاه إلى عشرة ملایین قتیل وعشرة ملایین من الجرحى والمصابین، وأمّا هدیة الحرب العالمیة الثانیة فقد کانت ثلاثین ملیون قتیل، وثلاثین ملیون
معاق، وإن شنت حرب عالمیة ثالثة ـ لا سمح الله ـ فإنّ إحصاءات الخسائر سوف تزید عن أکثر من مئة ملیون، نعم إنّ الحرب مصیبة وکارثة عجیبة وعظیمة ولها نتائج مکلفة.
إنّهم یکررون تهدیداتهم للشعوب وشنّ الحروب علیها، وهم فی ذلک جاهلون جدّاً، فإذا ألقینا نظرة على دولة العراق التی تعرضت للحروب، نلاحظ أن کل شیء قد دمِّر فلیس هناک أمن أو ماء صالح للشرب بالمقدار الکافی، ولا کهرباء بالمقدار الکافی، وکل یوم تزید إحصاءات القتلى والجرحى والمعاقین، لذا یعارض الإسلام بشدّة مبدأ الحروب ویدعو بشدّة إلى السلام والصلح، ومادام الأعداء لم یفرضوا حرباً على المسلمین فإنّهم متمسکون بالسلام، أمّا إذا تعدى متعدّ على حریم المسلمین وقام بشن الحروب علیهم، فلن یقصر المسلمون وسوف یواجهون ذلک بحزم وشجاعة.