یجب على جمیع الناس لا سیما العلماء والمفکرین منهم أن یبحثوا فی أسباب وعلل نمو نسبة الجرائم، ویبحثوا عن جذورها، ویفکروا فی علاجها وإیقافها وطرق الحل لها.

فی نظرنا فإنّ أحد أهم أسباب هذا الأمر یکمن فی اُفول العواطف الإنسانیة، لأنّ عالمنا المادی الیوم، للأسف الشدید، هو عالم مسخت فیه العواطف الإنسانیة.

إنّ ما یهم العالم المادی هو کسب أکبر قدر من الدولارات والمناصب العالیة، بأیة وسیلة، إذ تعتبر أمریکا نفسها من وجهة نظرها دولة متقدمة، ولکن بناء على ما ورد فی المصادر الإخباریة فإنّها قامت أخیراً ببیع ما قیمته (17) ملیار دولار من السلاح للدول الأخرى، تلک الأسلحة التی لا تستهدف إلاّ قتل الناس والقضاء على الحضارة البشریة، والدمار فی نقاط العالم، فأصبحت نتیجة أعمال عدّة من العلماء الذین صنعوا هذه الأسلحة، والتجار الذین قاموا بتهیئة أسواق بیعها، والإدارة الأمریکیة التی قامت بصفقات هذه الأسلحة، کله کان قتل ملایین من البشر، ولکن مقتل هؤلاء لیست له أهمیّة عندهم، إذ إنّ المهم لدیهم هو مبلغ (17) ملیار دولار الذی دخل جیوبهم عن بیع هذه الأسلحة.

وبعد تجارة السلاح، تأتی تجارة المواد المخدرة من حیث کثرة دخلها وأرباحها التجاریة، وللأسف الشدید فإنّ هناک بعض الدول المتورطة فی مثل هذه التجارة التی لا نتیجة لها إلاّ القضاء على الشباب المبتلین بها، ولکن مثل هذا الأمر لیست له أیّة أهمیّة لعالم المادّة هذه الأیّام، إذ المهم عندهم هی الدولارات التی یحصلون علیها من بیع المواد المخدرة، نعم إنّ زیادة حجم الجرائم هی نتیجة موت العواطف البشریة، إذ فی العالم المادی الیوم نلاحظ أنّه عندما یکبر الأولاد فإنّ آباءهم یتخلون عنهم ولا یحسون بأیّة مسؤولیة تجاههم، وعندما یشیخ الآباء یقوم أولادهم بإرسالهم إلى دور العجزة، ولا یطمئنون عن أحوالهم عاماً بعد عام أبداً، وقد یقضون

أشهراً على فراش المرض أو فی المستشفى دون أن یسأل عنهم أولادهم أو یزورونهم، ولکن بمجرّد موت الوالدین یظهر الأولاد، ولکن لا تخطئوا فی التقدیر، إنّهم لم یأتوا لإجراء مراسم الدفن والکفن وإقامة مجالس العزاء علیهم، بل لیبیعوا أعضاء أجساد آبائهم لکسب عدّة دولارات من ذلک!

إنّ هذه الثمار المرّة محصلة عالم الیوم التی ماتت فیها العواطف الإنسانیة، والتی تدور على محور الدولار والقتل والنهب والمواد المخدرة والإرهاب وانعدام العاطفة والحنان!