2 ـ آیة سورة النور

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
1 ـ حکومة الصالحین فی الأرض 3 ـ آیة ظهور الحق

نقرأ فی قوله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِىِ الاَرْضِ کَمَا استَخْلَفَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُیمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِینَهُمُ الَّذِى ارتَضَى لَهُمْ وَلَیُبَدِّلَنَّهُمْ مِّنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ اَمْناً یَعْبُدُونَنِى لاَیُشْرِکُونَ بِى شَیْئاً وَمَنْ کَفَرَ بَعدَ ذَلِکَ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الفَاسِقُونَ ). (النور / 55)

لقد بُشر المؤمنون الصالحون فی هذه الآیة المبارکة وبشکل صریح، أنّهم سیمسکون زمام السلطة والحکومة على الأرض فی نهایة المطاف، وسیُنشر الدین الإسلامی، وستتبدل حالات اللا أمن والخوف إلى الاستقرار والأمن ، وتُقلع جذور الشرک فی جمیع أنحاء العالم، ویتمکن عباد الله من مواصلة عبادة الله الواحد الأحد بکل حریة، وتتم الحجّة على الجمیع، بحیث لو أنّ أحداً أراد أن یواصل مسیر الکفر سیکون فاسقاً ومقصراً، ( أرجو أن تتأملوا فی القسم الأخیر من الآیة بدقّة ) .

وبالرغم من أنّ هذه الاُمور الهامة کانت تعد وعداً إلهیاً تحقق فی عصر الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)والأزمنة اللاحقة من بعده بنحو أوسع للمسلمین فی العالم، وعاد الإسلام الذی کان یوماً ما تحت قبضة الأعداء یعانی من وطأة الظلم بحیث لم یسمحوا له بأدنى فرصة للظهور والبروز على الساحة، ویعیش المسلمون فی حالة دائمة من الخوف والفزع، عاد فی نهایة المطاف وانتشر لیس فی شبه جزیرة العرب فحسب، بل عمَّ أجزاءً عظیمة واسعة من العالم، وانکفأ الأعداء منهزمین فی جمیع الجبهات، ولکن بالرغم من هذا کله، فإنّ حکومة الإسلام العالمیة التی یجبُ أن تعمّ کافة أرجاء المعمورة وآفاق الأرض، وتقلع جذور الشرک وعبادة الأوثان بشکل نهائی، وتنشر الأمن والآمان والهدوء والحریة والتوحید الخالص، لم تتحقق بعد، إذن یجب انتظار تحقق هذا الأمر.

سیتحقق هذا الأمر طبقاً لما ورد فی الروایة المتواترة التی أشرنا إلیها آنفاً فی عصر قیام المهدی (علیه السلام)، وبناءً على ما تقدم فإنّ احدى مصادیق هذه الآیة تحقق فی عصر النبی (صلى الله علیه وآله)والأعصار المقارنة له، وسیتحقق شکله الأوسع فی عصر قیام المهدی (علیه السلام)، ولا منافاة بین هــذین الأمرین، ولابدّ من تحقق هذا الوعد الإلهیّ فی کلا المرحلتین .

المراد من الاستخلاف هنا خلافة الأقوام الکافرة الماضیة، إذ تزول فیها حکومتهم وتحل محلها حکومة الحق، نظیر ما جاء فی قوله تعالى: ( ثُمَّ جَعَلْناکُمْ خَلاَئِفَ فِى الاَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ کَیْفَ تَعْمَلُونَ ) . (یونس / 14)

وقد ورد شبیه هذا المعنى فی الآیتین 69 و 74 من سورة الأعراف.

وبناءً على ذلک، فالذین تصوروا أنّ الآیة تعد دلیلاً واضحاً على خلافة الخلفاء الأربعة ـ أمثال الفخر الرازی ـ باعتبار أنّ أولئک هم الذین استخلفوا الرسول، وأنّ الوعد الإلهیّ قد تحقق فی عصرهم، إنّما وقعوا فی الخطأ، لأنّ هذه الآیة لا یراد بها خلافة الرسول ، بل خلافة الأقوام السابقة کما ورد ذلک فی الآیات الثلاثة الآنفة الذکر ، وکما ورد فی قوله تعالى: ( وَاَوْرَثنَا القَوْمَ الَّذِینَ کَانُوا یُستَضعَفُونَ مَشَارِقَ الاَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِى بَارَکْنَا فِیهَا وَتَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسرَائِیلَ بِمَا صَبَرُوا ) . (الأعراف / 137)

من البدیهی أنّ بنی اسرائیل ورثوا الفراعنة وسیطروا على جمیع أنحاء ذلک البلد الواسع الملی بالبرکات (مصر وأطرافها).

على أیّة حال فإنّ الآیة تُبشر بقیام حکومة المؤمنین الصالحین فی جمیع أنحاء العالم ، تلک الحکومة التی تحقق مقدار واسع منها فی عصر رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله)وبعده ، وهی وإن لم تعمُ جمیع العالم، إلاّ أنّها کانت نموذجاً على تحقق هذا الوعد الإلهی، ولکن لم تتحقق بعد على هیئة حکومة عالمیة تعمّ أرجاء المعمورة، والمصداق النهائی لها سوف یتحقق بقیام حکومة الإمام المهدی (علیه السلام) مع توفر الأرضیة والظروف بمشیئة الله تعالى، إذ ستُملأ الدنیا عدلاً وقسطاً طبقاً لما ورد فی الروایات الصادرة عن الرسول (صلى الله علیه وآله) وسائر الأئمّة المعصومین(علیهم السلام)، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، ونحن بانتظار تحقق هذا الوعد القرآنی .

والروایات الواردة فی المصادر المختلفة فی تفسیر هذه الآیة تؤکد وتؤید هذه المسألة أیض .

ومنها إنّ المفسّر المعروف «القرطبی» ینقل فی تفسیر «الجامع لاحکام القرآن» فی نهایة هذه الآیة عن «سلیم بن عامر»، عن «المقداد بن اسود»، یقول : سمعت رسول الله (صلى الله علیه وآله)أنّه قال : «ما على ظهر الأرض بیتُ حجر ولا مدر إلاّ أدخَلَهُ الله کَلِمَةَ الإسلام » (1) .

وفی تفسیر «روح المعانی» نُقل عن «الإمام علی بن الحسین (علیه السلام)» أنّه قال فی تفسیر هذه الآیة : «هم والله شیَعتُنا أهل البیتِ یُفعَلُ ذلِکَ بهمْ على یَدِ رَجُل منّا وهو مهدیُّ هذه الاُمّة وهو الَّذی قال رسول الله (صلى الله علیه وآله) : لو لم یبقَ من الدنیا إلاّ یوم واحد لطوَّلَ الله تعالى ذلک الیومَ حتى یِلِیَ رجلٌ من عترتیِ اِسمُهُ اسمی یملأُ الأرضَ عدلاً وقسِطاً کما مُلِئَتْ ظلماً وجَوراً».

ویمکن مشاهدة هذا المعنى باختلاف قلیل فی الکثیر من مصادر أهل البیت(علیهم السلام).

وبالرغم من أنّ «الآلوسی» لم یقیمّ هذا الحدیث برأی ایجابی فی تفسیر «روح المعانی»، إلاّ أنّه یقول فی نهایته :

وردت عدّة روایات عن طرقنا تؤید هذا المعنى ـ وإن لم نعوّل علیه ـ کروایة «عطیة» عن النبی (صلى الله علیه وآله) بعد أن تلا هذه الآیة، قال (صلى الله علیه وآله) : «أهل البیت هاهنا وأشار إلى القبلة» (2).

وینقل القرطبی حدیثاً آخر بهذا الشأن أیضاً أنّ الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) قال : « زُوِیَتْ لی الأرضُ فَرأَیتُ مشارِقَها ومغارِبَهَا وسیبلُغ مِلْکُ اُمَّتی ما زویَ لی منه » (3).

یتّضح من کل ما أسلفناه، الجواب عن الکثیر من مؤآخذات المخالفین لمنطق اتباع أهل البیت(علیهم السلام) فی تفسیر هذه الآیة.

وتوضیح ذلک: إنّه کما قلنا سابقاً : إنّ تحقق هذا الوعد الإلهی له عدّة مراحل ، واحدى هذه المراحل حصلت مع المؤمنین الصالحین فی عصر الرسول (صلى الله علیه وآله)، إذ بعد فتح مکة وسیطرة الإسلام على الجزیرة العربیة، شعر المسلمون فی ظل الإسلام والرسول (صلى الله علیه وآله)بأمن نسبی واستولوا على جزء عظیم من المنطقة ، وتحقق بذلک ما ورد بشأن نزول هذه الآیة .

(وقد ورد سبب نزول هذه الآیة فی العدید من التفاسیر ، ومنها أسباب النزول ، ومجمع البیان، وفی الظلال، والقرطبی (باختلاف بسیط)، أنّه عندما هاجر رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله)والمسلمون إلى المدینة واستقبلهم الأنصار بأحضانهم ، نهض العرب بأجمعهم ضدهم ، بحیث إنّهم اضطروا إلى عدم مفارقة اسلحتهم ، فینامون اللیل بالسلاح ،
ویستیقظون الصبح مع السلاح، وکان الاستمرار على هذه الحالة یثقل على المسلمین، وأخذ بعضهم یتساءل إلى متى ستستمر هذه الحالة ؟ هل سیأتی زمان ننام فیه اللیل براحة بال واطمئنان، ولا نخشى احداً سوى الله ؟ فنزلت هذه الآیة، وبشرت بقرب حلول هذا الوقت).

والمرحلة الاُخرى لهذا الوعد، حصلت فی زمن الخلفاء إذ سیطر الإسلام على أجزاء واسعة من العالم وأخضعها لسلطته، فعادت على المسلمین بمزید من الأمن والاستقرار .

إلاّ أنّ المرحلة الثالثة والنهائیة أی عالمیة الإسلام وحاکمیته المطلقة على العالم المتزامنة مع الأمن والاستقرار وانتصار جیش التوحید على معسکر الشرک ولم یتحقق بعد ، وسیقتصر تحققهُ على عصر قیام المهدی (علیه السلام) فقط، وهذه المعانی الثلاثة التی تمثل سلسلة مراحل لحدیث واقعی لا توجد بینها أیّة منافاة .

کما یستفاد من هذه الآیة أیضاً، أنّ هذا الوعد الإلهیّ یختص بالأفراد الذین یمتلکون الإیمان والعمل الصالح، ویقیناً کلما تحقق هذان الشرطان وفی أی عصر ومصر سوف تتهیّأ للمسلمین احدى مراحل هذه الحاکمیة الإلهیّة، وبالمقابل کلما حدثت هزیمة ما، وعاد المسلمون أذلاء ضعفاء فی قبضة الأعداء، یجب أن نعلم بأنّ ذینک الأساسین اللذین یمثلان شرطی تحقق الوعد الإلهیّ قد طوتهما صحف النسیان، فالإیمان عاد ضعیفاً، والاعمال آلت ملوثة!


1. تفسیر القرطبی ، ج 7 ص 4692.
2. تفسیر روح البیان ، ذیل آیة مورد البحث.
3. تفسیر القرطبی ، ذیل آیة مورد البحث.
1 ـ حکومة الصالحین فی الأرض 3 ـ آیة ظهور الحق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma