5 ـ فلسفة وجود الإمام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
4 ـ عظمة منزلة الإمام فی القرآن الکریمتمهید:

بالرغم من اتضاح فلسفة وجود الإمام بنحو إجمالی فی البحث السابق من خلال الاستعانة بالآیات المتعلقة بإمامة إبراهیم (علیه السلام) إلاّ أنّ هذا الموضوع مهم إلى الحد الذی یتطلب فتح بحث مستقل له .

وبشکل عام فإنّ الکثیر من الاُمور التی تذکر على أنّها الأهداف من بعثة الأنبیاء أو فلسفة وجودهم ، تصدق بحق الإمام أیض .

لقد تطرق الخواجة نصیر الدین الطوسی(قدس سره) إلى بیان فلسفة بعثة الأنبیاء فی فصل النبوة من کتاب تجرید الاعتقاد وأشار العلاّمة الکبیر الحلّی فی شرح ذلک الکلام إلى تسع نقاط من هذه الفلسفة إجمالاً ندرجها کما یلی، ونضعها أمام القاریء الکریم ، وکما سنلاحظ فإنّ الکثیر منها یصدق على قضیة تعیین الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) أیض :

1 ـ ترسیخ المعرفة العقلیة عن طریق البیان النقلی ، من هنا فإنّ الإنسان یدرک الکثیر من الحقائق سواء فی الاُصول أو فی فروع الدین من خلال القوة العقلیة ، إلاّ أنَّ الوساوس قد تغزو قلبه أحیان ، وهذا الاضطراب یحول دون أدائه ، أما إذا تم تأیید وترسیخ هذه الأحکام العقلیة بکلام الأئمّة المعصومین فستزال جمیع أشکال الغموض والاضطراب ، ویسعى الإنسان لأدائها برباطة جأش .

2 ـ فی بعض الأحیان یحذر الإنسان من القیام ببعض الأعمال وذلک لخوفه من الإتیان بتصرف فی حدود سلطة الله وهیمنته مخالف لإرادته فیکون کلام الإمام رافعاً لذلک الحذر والخوف.

3 ـ لا تجتمع اعمال الإنسان فی حدود «الحسن والقبح العقلیین» ، وما أکثر الاُمور التی لا یدرک عقل الإنسان حسنها وقبحه ، فهنا لابدّ من الاقتداء بالقادة الإلهیین ، لإدراک حسنها وقبحه .

4 ـ إنّ بعض الأشیاء نافع وبعضها الآخر مضرٌ ، ولا قدرة للإنسان على إدراک نفعها وضررها من خلال تفکیره فقط بدون إرشاد القادة الإلهیین ، فهنا یشعر بالحاجة إلیهم .

5 ـ إنّ الإنسان موجودٌ اجتماعی ، وهو عاجز عن حل مشاکل حیاته بدون التنسیق والتعاون مع الآخرین ، ومن المسلَّم به أنَّ المجتمع لن یستقیم ولن یبلغ الکمال المطلوب مالم یمتلک القوانین التی تحافظ على حقوق جمیع الأشخاص ، وتأخذ بأیدیهم نحو الصراط المستقیم ، فتشخیص هذه القوانین بشکل صائب ومن ثم تطبیقها لن یحصل إلاّ عن طریق القادة الواعین والطاهرین والمعصومین .

6 ـ إنّ الناس یتفاوتون فی إدراک الکمالات وکسب العلوم والمعارف والفضائل ، فالبعض یمتلک القدرة على السیر فی هذا الطریق ، والآخر عاجزٌ، فالقادة الإلهیون یقومون بترسیخ الفئة الاُولى ، وإعانة الفئة الثانیة کی تصل الفئتان إلى الکمال الممکن .

7 ـ إنّ النوع الإنسانی بحاجة إلى مستلزمات وصناعات وعلوم ، ویستطیع القادة الربانیون تأمین هذه المستلزمات وذلک من خلال توجیه المجتمع نحو الحصول علیها.

8 ـ إنّ المراتب الأخلاقیة متفاوتة لدى الناس ، والسبیل الوحید لتنمیة هذه الفضائل هو سبیل القادة الإلهیین الطاهرین والمعصومین .

9 ـ إنّ الأئمّة مطلعون على الثواب والعقاب والأجر والجزاء إزاء الطاعة والمعصیة ، وعندما یُعلِّمون الآخرین هذه الاُمور فهم یخلقون لدیهم حافزاً قویاً لأداء الواجبات (1).

ونظراً إلى أنّ الأئمّة لیسوا سوى استمرار لخط النبوة ، فإنّ أغلب هذه الفلسفات بالإمکان تحقیقها بواسطة الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) أیض .

وفی القرآن الکریم تتلخص هذه الاُمور بل وحتى أکثر منها فی ثلاثة مواضیع وهی :

«التعلیم» و«التربیة» و«القیام بالقسط» التی اُشیر إلیها فی آیات عدیدة ، فیقول تعالى بشأن الفلسفة من بعثة النبی (صلى الله علیه وآله) (هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الاُمّیّینَ رَسُولاً مِّنْهُم یَتْلُوا عَلَیهِم آیَاتِهِ وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الکِتَابَ وَالحِکمَةَ وَاِنْ کَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلاَل مُّبِین). (الجمعة / 2)

فقد تمّت الإشارة هنا إلى مسألة «التعلیم» و«التربیة» التی هی أهم أهداف الأنبیاء والأئمّة المعصومین(علیهم السلام).

وفی مکان آخر یقول تعالى : (لَقَدْ اَرْسَلنَا رُسُلَنَا بالبَیِّنَاتِ وَاَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الکِتَابَ وَالمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ). (الحدید / 25)

وقد اُشیر هنا إلى العدالة الاجتماعیة والقیام بالقسط الذی یوفر الأرضیة المناسبة «للتعلیم» و«التربیة» الصحیحة .

نعم، فالزعماء العادیون فی العالم یفکرون :

أول : بصیانة مکانتهم ومصالحهم الشخصیة أو الحزبیة ، لهذا فهم دائماً یضحون بمصالح المجتمعات البشریة من أجل مصالحهم الخاصة ، أمّا القادة الطاهرون والمعصومون واتباعهم فهم وحدهم الذین یستطیعون المحافظة على حقوق الإنسان والمصالح العامة للمجتمع الانسانی کما ینبغی .

ثانی : هَب أنّ الزعماء غیر الربانیین یریدون تطبیق العدالة وقیادة المجتمعات البشریة نحو الکمال المطلوب ، فإنّ تشخیص هذه الاُمور فی الکثیر من الحالات غیر ممکن بالنسبة لهم، فهم یستطیعون فی هذه الحالة أن یشخصوا الاُمور ولکنّ تشخیصهم ناقص وغیر دقیق .

وهذا الأمر ـ التشخیص الدقیق ـ ممکن فقط بالنسبة للقادة الربانیین الذین یعتمدون على البحر اللامتناهی من العلم الإلهی .

وقد أثبتت تجربة السبعین سنة من الحکم الشیوعی على نصف سکان الکرة الأرضیة هذه الحقیقة بوضوح، فلقد کرسوا أوسع وأعظم جهاز اعلامیّ لترسیخ دعائم المارکسیة ، وقدموا الملایین من الکتب والکراسات والمقالات والخطب على هذا الصعید ، وزعموا بأنّ الشیوعیة هی الطریق الوحید لحل مشاکل المجتمع البشری وتأمین العدالة الاجتماعیة ، وتکامل النوع الإنسانی ، وأفضل وسیلة للتفسیر الصحیح للتاریخ والعلوم الاجتماعیة، وقمعوا المعارضین لهم بشتى الأسالیب ، لکننا رأینا أنّها لم تجلب سوى التعاسة والتخلف والدیکتاتوریة ، وفی خاتمة المطاف اضطر مفکروهم إلى الاعتراف بأنّ ما کانوا یتصورونه الطریق الحقیقی للسعادة لم یکن إلاّ انحطاطاً وتخلفاً للمجتمع الإنسانی ! وربّما لم یشهد التاریخ نظیراً لهذه القضیة ، إذ تدافع طائفة کبیرة من المفکرین والعلماء واساتذة الجامعات عن عقیدة ما، وفی النهایة یتضح أنَّ ماکانوا یؤمنون به فارغٌ من أی محتوى .

فما الضمان لعدم حدوث مثل هذه الحالة فی المستقبل ، وعدم تلوث عقائد المجتمع الإنسانی بهذه الأفکار المضلّة ؟

ومن هنا تبرز ضرورة الاستفادة من أفکار الأنبیاء والأئمّة المعصومین (علیهم السلام)المصانین من الزلل والخطأ من قبل الله تعالى .

وخلاصة الکلام هی أنّ الإله الذی خلق النوع الإنسانی وأمره بالسیر فی طریق الکمال والسعادة ، وأرسل الأنبیاء المعصومین الذین یتلقون الأوامر الإلهیّة بواسطة الوحی ، من أجل «تبیین الطریق» و«الایصال إلى المطلوب» ، فلابدّ أن یجعل أئمّة معصومین لخلافة الأنبیاء بعد رحیلهم وذلک من أجل استمرار هذا الطریق ، ولیعینوا المجتمع البشری فی الهدایة إلى الطریق والایصال إلى المطلوب ، ومن المسلم به أنَّ هذا الهدف سیبقى ناقصاً بدونهم للأسباب التالیة :

أولاً: من المتیقن أنّ العقول البشریة لا تستطیع تشخیص جمیع عوامل وأسباب التقدم والرّقی وحدها، وقد لا تشخص عُشر ذلک .

ثانیاً: ربّما یتعرض دین الأنبیاء بعد ارتحالهم لانواع التحریف ، فلابدّ من الحرّاس المعصومین والربانیین لیحافظوا علیه ویحولوا بین تحریف المبطلین وبین بلوغ مآربهم، وآراء الجهلة وتفسیرات أصحاب الأهواء والمآرب .

وهذا ما یشیر إلیه الحدیث المعروف الوارد فی اُصول الکافی عن الإمام الصادق (علیه السلام)حیث یقول : «إنَّ فینا أهل البیت فی کل خَلف عُدولاً ینفون عنه تحریف الغالین وانتحال المبطلین ، وتأویل الجاهلین» (2).

وکذلک ما أشار إلیه الإمام علی (علیه السلام) فی احدى کلماته القیمة ، إذ یقول : «اللّهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهور ، وإمّا حافیاً مغموراً لئلا تبطُل حجج الله وبیناته» (3).

ثالثاً: من المتعذر اقامة الحکومة الإلهیّة التی توصل الإنسان إلى الغایة التی خلق من أجلها، إلاّ عن طریق المعصومین ، لأنّ الحکومات البشریة ـ ووفقاً لشهادة التاریخ ـ کانت غالباً ما تسیر فی خط المصالح الشخصیه، أو الفئویة، وأنّ جمیع مساعیها کانت فی هذا الاتجاه ، وکما جرّبنا مراراً وتکراراً أنّ شعارات «الدیمقراطیة» و «حکم الشعب للشعب» و«حقوق الإنسان»، وما شابه ذلک ماهی إلاّ قناعٌ للوصول إلى أهدافهم الشیطانیة عن طریق أسهل، فقد فرضوا أغراضهم على الشعوب بشکل خفی ومن خلال استغلال هذا المنطق وهذه الأدوات .

إنّ هذه الاُصول الثلاثة أی «تبیین الطریق» الذی یعجز العقل عن تشخیصه ، و «المحافظه على میراث الأنبیاء» و«إقامة حکومة العدل»، تمثل بالواقع الاُسس الحقیقیة لفلسفة وجود الإمام المعصوم .

ونختم هذا الحدیث بکلام للإمام علی بن موسى الرض (علیه السلام) حیث یعتبر من أکثر الکلمات شمولیة فیما یتعلق بفلسفة الإمامة ، وحدیث من نهج البلاغة لأمیر المؤمنین (علیه السلام) :

الحدیث الأول الذی تحدث به (علیه السلام) یوم الجمعة فی المسجد الجامع فی مدینة ( مرو ) بحضور حشد من الناس ، یتناول مسائل کثیرة ، نشیر هنا إلى جانب منه ، قال (علیه السلام) :

«إنّ الإمامة هی منزلة الأنبیاء ، وإرث الأوصیاء ، إنّ الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول ... الإمام البدر المنیر ، والسراج الزاهر ، والنور الساطع ، والنجم الهادی فی غیاهب الدجى ، ... الإمام الماء العذبُ على الظماء والدال على الهدى والمنجی من الردى ، ... الإمام السحاب الماطر ، والغیث الهاطل ، والشمس المضیئة ... الإمام أمین الله فی خلقه ، وحجته على عباده ، وخلیفته فی بلاده ... نظام الدین ، وعز المسلمین ، وغیضُ المنافقین ، وبوار الکافرین» (4).

وفی عبارة قصیرة یصور أمیر المؤمنین (علیه السلام) روح الإمامة ، فیقول :

«ومکان القیّم بالأمر مکان النظام من الخرز ، یجمعه ویضمه ، فاذا انقطع النظام تفّرق الخرز والذهب ثم لم یجتمع بحذافیره أبداً» (5).


1. شرح التجرید ، ص 271 (مع قلیل من الاختصار والاقتباس) .
2. اصول الکافی ، ج1 ، ص32 ، باب صفة العلم ، ح 2 .
3. نهج البلاغة ، کلمات القصار، الکلمة 147.
4. اصول الکافی ، ج1 ، ص 200، باب نادر جامع فی فضل الإمام .
5. نهج البلاغة ، الخطبة 46 .

 

4 ـ عظمة منزلة الإمام فی القرآن الکریمتمهید:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma