المشککون وسورة هل أتى!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
هل أتى فی الشعر :6 و 7 ـ آیات مقدّمة سورة «البراءة» وآیة «سقایة الحاجّ»

إنَّ کل مطلع على کتب الحدیث والتفسیر والتاریخ للاخوة أهل السنّة یعرف جیداً حیثما یکون الحدیث عن منقبة لعلی بن أبی طالب (علیه السلام) وآل النبیّ(صلى الله علیه وآله) ینبری بعض المتعصبین من هنا وهناک ویثیرون الشبهات، ویسعون بشتى الذرائع اثارة المؤاخذات على سند ودلالة ومضمون ذلک الحدیث، ویقللون من أهمیّته، وإن کانت المؤاخذات ضعیفة وواهیة، وکأنّهم قطعوا عهداً على أنفسهم على أنّ لا یتقبلوا أیاً من هذه الفضائل، وإن تقبلوها فإنّها لا تتفق وحکمهم المسبق.

إنّ مطالعة کتب مثل تفسیر «روح المعانی»، و«الفخر الرازی»، و«المنار»، ونحو ذلک شاهد على هذا الکلام بأنّ حکمهم العقائدی المسبق یقف حائلاً فی جمیع الأحوال أمام الاذعان لهذه الروایات، إلى الحد الذی یصاب الإنسان بالدهشة أحیاناً بسبب المؤاخذات الواهیة التی أثاروها على هذه الروایات.

بینما یتقبلون مناقب الآخرین برحابة صدر، وإن بدت علیها آثار الضعف، ومع هذا فقد افلتَ الکثیر من الحالات من سیف انتقاداتهم وهی تکفی لإدراک الحقیقة.

على أیّة حال من الواجب هنا الإشارة إلى جانب مهم من تلک المؤاخذات:

1 ـ إنّ هذه الفضیلة تصح فی حالة نزول هذه السورة فی المدینة وبعد ولادة الإمامین الحسن والحسین(علیهما السلام) (والمشهور أنّ ولادة الإمام الحسن (علیه السلام) فی السنّة الثالثة للهجرة، وولادة الإمام الحسین (علیه السلام) فی السنّة الرابعة للهجرة)، بینما یعتقد الکثیرون بأنَّ هذه السورة مکیة، وعلیه فإنّها لا تتفق وشأن النزول الآنف الذکر.

ولکن بناءً على قول المفسر السنی المعروف القرطبی، فإنّ المشهور أنّ العلماء یعتقدون بأنّ هذه السورة مدنیة (وقال الجمهور مدنیة)(1).

وانضمت طائفة کثیرة إلى هذا الرأی أیضاً، منهم :

الحاکم الحسکانی إذ عدّ هذه السورة من السور المدنیة حیث نزلت بعد سورة «الرحمن» وقبل سورة «الطلاق»، والجدیر بالاهتمام أنّ العالم المذکور نقل ثمانیة روایات بهذا الصدد جرى التصریح فیها جمیعاً بأنّ سورة «هل اتى» مدنیة، وبعض هذه الروایات عن «ابن عباس»، وبعضها عن «عکرمة»، و«الحسن»، وبعضها عن آخرین.

وقد قال فی کلامه: إنّ بعض أعداء أهل البیت اعترضوا على سبب نزول هذه السورة، فقالوا: لقد اتفق علماء التفسیر على أنّ هذه السورة مکیة فی حین أن قصتها وقعت فی المدینة.

ثمّ یضیف : کیف یسوغ له دعوى الإجماع مع قول الأکثر أنّها مدنیة(2).

ونقل فی کتاب «تاریخ القرآن» لأبی عبد الله الزنجانی عن کتاب «نظم الدرر وتناسخ الآیات والسور»، عن جماعة من مشاهیر أهل السنّة : إنّ سورة هل أتى مدنیة(3).

ویروی «السیوطی» المفسر السنّی المعروف أیضاً فی «الدر المنثور» المعنى نفسه عن ابن عباس بطرق مختلفة.

وفی «الاتقان للسیوطی» نقل أیضاً عن «البیقهی» فی «دلائل النبوة» عن عکرمة: إنّ سورة هل أتى مدنیة(4).

بالإضافة إلى أنّ کافة الذین یرون أنّ شأن نزول هذه السورة فی علی وفاطمة والحسن والحسین (علیهم السلام)،ـ وهم جماعة کثیرة جرت الإشارة إلیهم آنفا ـ وکلّهم یشهدون على کون السورة مدنیة.

فضلاً عن جمیع ذلک، على فرض أنّ قسماً من هذه السورة مکی، والقسم المتعلق بنذر علی وأهل بیته مدنی، فلا مانع من أن یکون قسم من السورة مکیّاً والآخر مدنیّاً.

من هنا، فإنّ مؤلف تفسیر «روح البیان» (البرسوئی الحنفی) بعد ذکره عن طائفة من کبار العلماء أنّ سورة «هل اتى» مدنیة، إشارة إلى کلام الذین یرون أنّ بعض آیاتها مکی والآخر مدنی، فیقول: على هذا الأساس یمکنک القول: (إنّ هذه السورة مکیة وإن شئت قلت إنّها مدنیة على أنّ الآیات المدنیة فی هذه السورة أکثر من الآیات المکیة، فالظاهر أنّها تسمى مدنیة لا مکیة ونحن لا نشک فی صحة القصة)(5).

من بین الاُمور التی اتخذها هذا المفسر وغیره من الواعین دلیلاً على کون هذه السورة مدنیة هو مجیء کلمة «أسیر» فیها، ونحن نعلم أنّ لا وجود للأسیر فی مکة، وأنّ قضیة الأسر والأسیر کانت بعد نزول حکم الجهاد فی المدینة.

یقول صاحب «روح البیان» فی هذا المجال: «دل على ذلک أنّ الأسیر إنّما کان فی المدینة بعد آیة القتال والأمر بالجهاد»(6).

والمدهش أنّ المتزمتین الذین لیسوا على استعداد للتخلّی عن حکمهم المسبق بصدد الولایة والخلافة خلقوا التبریرات لـ «الأسیر» هنا، حیث بالإمکان أن تکشف عن الحقائق، فقد قالوا : إنّ المراد من الاسیر اسیر زوجة! أو أسیر الدیون، ونحو ذلک...(7).

وینبغی التساؤل : لماذا نذهب وراء المجازیات، مع إمکانیة تفسیر الاسیر بالمعنى الحقیقی؟

2 ـ کیف یتسنى حصر اللفظ العام للآیة بأشخاص محددین؟

ولکن کما أسلفنا مراراً أنّ عمومیة مفهوم الآیات لا یتعارض مع سبب النزول الخاص، وهذا یشاهد أیضاً فی الکثیر من آیات القرآن الکریم الاُخرى، حیث یکون مفهوم الآیة عاماً وشاملاً، إلاّ أنّ سبب نزولها وهو مصداقها الکامل والسامی یکون مورداً خاصاً، والمثیر للدهشة أنّ أحداً لم یتخذ عمومیة مفهوم الآیة فی سائر الآیات الواردة فی القرآن وسبب نزولها دلیلاً على معارضة سبب النزول، إلاّ أنّ القضیة هنا مختلفة!!

3 ـ المؤاخذة الاُخرى التی یثیرها المشککون هی : کیف یتمکن الإنسان من البقاء طاویاً ثلاثة أیّام ویفطر بماء فقط؟

بیدَ أنّ هذه المؤاخذة عجیبة، لأننا کثیراً ما رأینا ـ وعلى امتداد حیاتنا ـ أشخاصاً یمسکون عن الطعام من أجل العلاج، فبعضهم قد یمسک ثلاثة أیّام وهذا یسیر، وتارة یمسکون لمدّة عشرة أیّام أو عشرین یوماً بل وحتى أربعین یوماً، أی أنّهم وعلى مدى اربعین یوماً لا یشربون سوى الماء فقط، ولا یتناولون طعاماً أبداً ( حتى عصیر الفواکه والشای)، وهذا الأمر ـ حسب اعتقاد الأطباء الذین یعالجون المرضى عن طریق الصیام أدى إلى علاج الکثیر من أمراضهم، حتى أنّ طبیباً مشهوراً غیر مسلم یدعى «الکسی سوفورین» ألف کتاباً حول آثار الصیام لمدّة أربعین یوماً مع بیان دقیق لطرقه(8).

واعتبر بعض الکتاب الصوم لأکثر من عشرین یوماً علاجاً لبعض الأمراض.

إنّ الاضراب عن الطعام ومنه «الاضراب عن الماء» متداول فی عصرنا الراهن وأحیاناً یتجاوز الأربعین یوماً.

ولکن لماذا یتعجب هؤلاء المشککون من الصوم لمدّة ثلاثة أیّام والامساک عن الطعام والافطار بالماء لوحده؟ ألیس هدفهم هو تعطیل هذه الفضیلة العظمى بأی وسیلة متاحة؟


1. تفسیر القرطبی، ج10، ص 6909.
2. شواهد التنزیل، ج2، ص 310 ـ 315.
3. تاریخ القرآن، ص 55.
4. تفسیر المیزان، ج20، ص 221.
5. تفسیر روح البیان، ج10، ص 269.
6. المصدر السابق.
7. نقلت هذه الأقوال فی البحر المحیط، ج8، ص 395 عن بعض المفسرین، إلاّ أنّ صاحب هذا الکتاب (أبو حیان الاندلسی) یرى أنّه یعنی الاسیر من الکفار.
8. ترجم هذا الکتاب إلى العربیة واسمه «التطبیب بالصوم».
هل أتى فی الشعر :6 و 7 ـ آیات مقدّمة سورة «البراءة» وآیة «سقایة الحاجّ»
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma