یستنتج من مجموع الأبحاث التی جرت بشأن صفات الإمام وتشبیهه بالأنبیاء فی الکثیر من الحالات أنّ الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) (أوصیاء الأنبیاء) یجب أن یکون تعیینهم من قبل الله تعالى .

وبتعبیر آخر : لیس لـ «انتخاب الاُمّة» دور فی هذا المجال ولا «إجماع الاُمّة» أو «التنصیب» من قبل أشخاص عادیین ، لأنّ الصفات اللازمة فی الإمام لا یعلمها إلاّ الله تعالى ، وأهمها «العصمة»، و«العلم الخاص»، حیث یتعذر على الإمام التحلیق فی سماء الإمامة والزعامة بدون هذین الجناحین!

فمن الذی یعلم أنّ فلاناً معصوم عن الذنب والخط ، وأنّ هیمنة علمه على جمیع مسائل التشریع وحیاة البشر مسُلَّمة وثابتة ؟

إنّ تشخیص سائر الصفات الخاصة بالإمام التی ذکرت آنف ، متعذر على أغلب الناس، وربّما جمیعهم .

من هنا یستفاد جیداً أنّ لا سبیل لتعیین الإمام سوى عن طریق التنصیب الإلهی ، وهذا «التنصیب» یثبت من خلال ثلاثة طرق :

الأول : عن طریق النبی (صلى الله علیه وآله) أو الإمام المعصوم السابق الذی یعین خلیفته بأمر الله تعالى ویعرِّفه لجمیع الناس ، وفی الحقیقة أنّه فی هذه القضیة یمثل الواسطة فی نقل الأمر الإلهی إلى الناس .

الثانی : عن طریق مشاهدة «المعجزات» کما مر ذکره فی بحث النبوة ، أی خرق العادة، وهو خارج عن طاقة البشر ، وهو مترافق مع التحدی ودعوة الآخرین بالإتیان بمثلها إن لم یذعنو .

غایة الأمر أنّ التحدی فی قضیة «النبوة» یأتی فی مجالها وفی قضیة «الإمامة» فی مجال الإمامة ، أو بتعبیر أکثر بساطة : إنّ الذی یدّعی الإمامة یقوم بخرق العادة الخارج عن طاقة أی إنسان تأکیداً على ادّعائه الإمامة .

ومن المسلَّم به أنّ خرقاً للعادة کهذا یعطى له من قبل الله تعالى، ومن المحال أن یمنح الله الحکیم والعالم بالسرائر هذه الوسیلة للذی یدّعی الإمامة زوراً وبهتان .

الثالث : الطریق الثالث هنا هو کالذی مرّ فی بحث النبوة ، وهو جمع القرائن ، أی مجموعة الصفات والأفعال والخصائص المتوفرة لدى شخص ما بحیث یتیقن الإنسان من

خلال مشاهدتها أنّه إمام معصوم وقائد إلهی، فیتظافر علمه ومعرفته مع المزایا الأخلاقیة والصفات الإنسانیة والأفعال والأقوال والسلوکیات لتثبت بکل یقین أنّه إمام معصوم وخلیفة للنبی(صلى الله علیه وآله) .

راجعوا تفصیل هذه المسألة فی الجزء السابع من نفحات القرآن فی بحوث «النبوة والقرآن».