کلمة إمام کما قال أرباب اللغة، هی اسم مصدر على وزن «کتاب» وتطلق على کل م یتجه إلیه الإنسان ویقصده، ویختلف معنى هذه الکلمة باختلاف الموارد والجهات التی یستفاد منها لدى استعمالها فیها.

فتارة یقال : إمام الجمعة، وإمام الجماعة ، وإمام الهدى ، واُخرى یقال: إمام الضلالة (1).

وقد جاءت هذه الکلمة فی الأصل من مادة «أمَّ» وتعنی القصد ، یقول صاحب مقاییس اللغة : «أمّ» تعنی الأصل والمرجع والجماعة والدین ، والإمام تعنی منْ یُؤتمُّ به وهو إمام فی الأفعال .

کما ذکرت معان کثیرة لکلمة إمام فی لسان العرب ، منها الإمام ، المعلم ، والشاقول الذی یستخدم أثناء تشیید المبانی لتنظیم العمل ، والسبیل، والمقدمة ونحو ذلک .

إلاّ أنَّ مؤلف التحقیق ، ارتأى أنَّ أصل جمیع هذه المعانی هو القصد المقترن بالاهتمام الخاص، وحتى لو قیل للام «أماً» أو اطلقت کلمة «أم» على أصل وقاعدة کلِّ شیء فهو لأنّها غایة الإنسان ومرامه ، کما تفید کلمة الإمام معنى المقتدى أی من یقصده الناس ویبدون عنایةً خاصة به .

ولابدّ من التذکیر بهذه الملاحظة وهی أنّ هذه الکلمة وجمعها «أئمّة» قد وردت فی القرآن الکریم اثنا عشر مرّة تماماً «سبع مرات بصیغة المفرد وخمس مرات بصیغة الجمع» .

ففی مورد جاءت بمعنى اللوح المحفوظ : (وَکُلَّ شَىء اَحْصَیْنَاهُ فِى اِمَام مُبّیِن).(یس/12)

ولأنه قائد ودلیل الملائکة لتمییز أعمال العباد ، وکلهم یستلهمون منه ، واستخدمت أیضاً مرّة واحدة بمعنى السبیل والطریق : (وَاِنَّهُمَا لَبِإِمَام مُّبِین). (الحجر / 79)

لأنّ الإنسان ومن أجل بلوغ هدفه یهتم بالسبل ، وقد اطلق على التوراة بأنّها إمام الیهود مرتین : (وَمِنْ قَبْلِهِ کِتَابُ مُوسَى اِمَامَاً وَرَحْمَةً). (الاحقاف / 12) (هود / 17)

واُطلقت خمس مرات على الأئمّة الصالحین مثل قوله: (قَالَ اِنِّى جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ اِمَامَاً).(البقرة / 124)

وفی مکان آخر یقول تعالى بشأن فئة من الأنبیاء : (وَجَعَلْنَاهُم اَئمّةً یَهْدُونَ بِاَمْرِنَا).(الأنبیاء / 73)

کما ورد هذا المفهوم العام والجامع فی الآیات (74 من سورة الفرقان ، و5 من سورة القصص ، و24 من سورة السجدة أیضاً) .

وذکرت أیضاً بمعنى أئمّة الکفر والضلالة فی مورد واحد : (فَقَاتِلُوا اَئِمّةَ الکُفْرِ).(التوبة/ 12)

واُطلقت أیضاً فی حالة واحدة على مفهوم یشمل أئمّة الهدى والضلال : (یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ اُنَاس بِإِمَامِهِم). (الاسراء / 71)

على أیّة حال ، فموارد استخدام هذه الکلمة فی القرآن اثنی عشر مورداً تمام .

1. التحقیق، مادة (أمّ).