نقرأ فی الآیات التی تأتی بعد آیة : (اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ )، ما یلی : (فىِ بُیُوت اَذِنَ اللَّهُ اَنْ تُرفَعَ ویُذْکَرَ فیهَا اسْمُهُ یُسَبِّحُ لَهُ فِیَها بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَلاَ بَیْعٌ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ واِقَامِ الصَّلاَةِ وإیتَاءِ الزَّکَاةِ یَخافُونَ یَوماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ القُلُوبُ وَالاَبصَارُ * لِیَجزِیَهُمُ اللَّهُ اَحسَنَ مَا عَمِلُوا وَیَزِیدَهُمْ مِن فَضلِهِ وَاللَّهُ یَرزُقُ مَنْ یَشَاءُ بِغَیرِ حِسَاب ) . (النور / 35 ـ 38)

بعد أن بیّن الله تعالى فی الآیة 35 من هذه السورة ، النور الإلهیّ بمثال دقیق وظریف ولطیف ، ینتقل إلى مکان هذا النور فی الآیات التالیة .

تأملوا جیداً فی التعابیر الآنفة الذکر، ولاحظوا ما لهذه البیوت الإلهیّة وحرّاسها من مکانة وعظمة ، حسب الوصف والتجسید الوارد فی هذه الآیات ، ثم تأملوا الروایات الواردة ادناه :

ینقل السیوطی فی تفسیر الدر المنثور عن «أنس بن مالک»، و«بریدة» ( وهما من صحابة الرسول (صلى الله علیه وآله)) أنّه عندما تلا رسول الله (صلى الله علیه وآله) هذه الآیة ، قام رجلٌ، وقال : «ایُّ بیوت هذه یارسول الله !».

قال الرسول (صلى الله علیه وآله) : «بُیُوتُ الأنبیاء!».

فقام «أبو بکر» وقال : «هذا البیت منها لبَیْتُ علیٍّ وفاطمة ؟!» .

قال : «نَعَمْ من أفاضله »(1) .

ونقل «الحاکم الحسکانی» شبیه هذا المعنى فی «شواهد التنزیل» عن «أبو برزة» (رجلٌ آخر من الصحابة) عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) ، دون أن یذکر شخصاً معیّن ، بل هکذا : «قیل: یارسول الله أَبیتَ علیِّ وفاطمة منه ؟ قالَ: مِنْ أفضلها»(2) .

وبعد ذکر هذه الروایة ، ینقل الروایة السابقة أیضاً بطریقین عن «أنس بن مالک» و«بریدة »(3) .

ومن الملفت للنظر أنّ «الآلوسی» فی «روح المعانی» وبالرغم من ذکره لجمیع فضائل أهل البیت (علیه السلام) دون رغبة منه إلاّ أنّه یضیف هنا بعد أن ینقل الروایة الاُولى عن « أنس بن مالک » و«بریدة» : «هذا إن صَحّ لا ینبغی العُدول عَنْهُ»(4) . ( وبعبارة اُخرى: إنّه أفضل کلام فی تفسیر الآیة إذ إنّ المراد بذلک بیوت الأنبیاء وأفضلها بیت علیّ وفاطمة ) .

وأورد جمعٌ آخر من کبار علماء السنّة هذه الروایة فی کتبهم أیض .

ویقیناً فإنّ هذه الروایات، تشمل علیاً (علیه السلام) وفاطمة (علیها السلام) وولدیهماالحسن والحسین(علیهما السلام)وکذا أولاد فاطمة (علیها السلام) من نسل الحسین (علیه السلام) أی الأئمّة المعصومین فإنّهم مشمولون بهذه الآیة أیضاً، ذلک أنّهم یواصلوان نفس الطریق ونفس النهج .

نعم، إنّ بیوتهم کبیوت الأنبیاء ،بل من أفضلها، إنّه بیت یتلألأ منه نور الله دائم ، ولا تصل إلیه یدُ الشیطان ، ویقیناً فإنّ الساکنین فی هذا البیت هم من أفضل البشر ، وهم کالأنبیاء فی الفضل والفضیلة .

1. تفسیر در المنثور ، ج 5، ص 50 .
2. شواهد التنزیل ، ج 1 ص 532، ح 566 .
3. المصدر السابق ، ح 567 و 568 .
4. تفسیر روح المعانی ، ج 18، ص 157 نهایة الآیة التی نحن بصدده .