آیة اُولی الأمر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
آیة الصادقین :تمهید :

والحدیث فی الآیة الثالثة عن وجوب اطاعة الله ورسوله واُولی الأمر ، یقول تعالى :

(أَطِیعُوا اللّهَ وأَطیعُوا الرَسُولَ وَاُولىِ الأَمْرِ مِنکُم ). (النساء / 59)

فوجوب اطاعة الله ورسوله(صلى الله علیه وآله)واضحٌ ومعلوم ، أمّا من هم المقصودون فی «اُولی الأمر» الذین اعتبرت اطاعتهم بموازاة اطاعة الله ورسوله (صلى الله علیه وآله) ، فهنالک جدلٌ بین المفسرین .

یتفق علماء الشیعة وأتباع مذهب أهل البیت (علیهم السلام) أنّ المراد من «اُولی الأمر» هم الأئمّة المعصومون(علیهم السلام) الذین هم قادة المجتمع معنویاً ومادیاً فی کافة شؤون الحیاة ، ولا تشمل غیرهم ، لأنّ الطاعة ـ بلا قید أو شرط ـ الواردة فی الآیة الکریمة والتی اعتبرت موازیة لطاعة الله ورسوله (صلى الله علیه وآله) لا یمکن تصورها إلاّ بحقّ الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) ، وأمّا الآخرون الذین تجب طاعتهم فإنّها محدودة بحدود ومقیدة بقیود ، ولا وجود للطاعة المطلقة بشأنهم أبد ، وهذا الأمر واضحٌ .

هذا فی الوقت الذی یختلف فیه مفسرو وعلماء أهل السّنة کثیراً فی معنى اُولی الأمر . فمنهم من فسّرها بمعنى «الصحابة»، ومنهم بـ «قادة الجیش»، وبعضهم فسّرها بـ «الخلفاء الأربعة» .

وهم لم یقدموا أی دلیل واضح لهذه التفاسیر الثلاثة .

واعتبرت طائفة اُخرى «اُولی الأمر» بمعنى العلماء ، مستندین إلى الآیة : (وَاِذَا جَاءَهُم اَمرٌ مِّنَ الاَمنِ اَوِ الخَوفِ اَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ اِلَى الرَّسُولِ وَاِلَى اُولِى الاَمْرِ مِنْهُم لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُم ) . (النساء / 83)

ولکن نظراً إلى أنّ الآیة التی هی محل بحثنا تبحث الطاعة بلا قید أو شرط ، والآیة 83 من سورة النساء تتعلق بالسؤال والتحقیق فإنّها توضح أمرین مختلفین ، ولایمکن اعتبار کلا الأمرین بمعنى واحد ، فالتحقیق من العالم أمر، والطاعة بلا قید أو شرط أمر آخر ، فلا یتصور الثانی إلاّ بصدد المعصومین ، أمّا الأول فله مفهوم أوسع .

وقد أعطى بعض مفسّری أهل السّنة احتمالاً خامساً وهو : أنّ المراد من اُولی الأمر هم ممثلو طبقات الناس، والحکام، والزعماء، والعلماء، وذوو المناصب فی جمیع شؤون الحیاة .

وبتعبیر آخر : المقصود هم أهل الحل والعقد الذین حیثما اتفقوا على شیء تجب طاعتهم بلا قید أو شرط «على شرط أن یکونوا منّ ، حیث ذُکرت (منکم) کشرط فی الآیة الکریمة ، ولا یخالفون سنة الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) ، ولا یتعرضون للإجبار فی مباحثاتهم ، وأن یتمتعوا باتفاق الآراء ، وتلک المسألة من المسائل» .

فهذه المجموعة واجبة الطاعة فی المسائل التی لم یصلنا فیها نصٌ ، ویمکن القول: إنّهم معصومون ، لذا ورد الأمر باطاعتهم بلا قید أو شرط (1).

من هنا فالموما إلیه یعتبر اُولی الأمر مجموعة من العلماء وأهل الحل والعقد الذین تتوفر فیهم الشروط الخمسة التالیة :

1 ـ الإسلام ، 2 ـ عدم مخالفة السّنة ، 3 ـ غیر مجبور فی ابداء الرأی ، 4 ـ ابداء الرأی فیما لا نصَّ فیه ، 5 ـ التمتع باتفاق الآراء ، ویعدُّ مثل هذه الجماعة معصومة .

فهل یاترى أنّ المقصود من «اُولی الأمر» فی الآیة الکریمة هو هذا؟ وهل أنّ أهل العرف وأصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله) کانوا یستفیدون هذا المعنى عند سماعهم للآیة؟ أم أنَّ هذا المعنى قد فُرض على الآیة بتکلّف وعناء لئلا ینصرف معنى الآیة إلى الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) الذین یعتقد بهم الشیعة ؟

ویظهر أنّ کلام تفسیر «المنار» مشتق من کلام «الفخر الرازی» حیث یقول :

«واعلم أنّ قوله «اُولی الأمر منکم» یدل عندنا على أنّ إجماع الأمّة حجة والدلیل على ذلک أنّ الله تعالى أمر بطاعة اُولی الأمر على سبیل الجزم ، وفی هذه الآیة ومن أمر الله بطاعته على سبیل الجزم والقطع لابدّ وأن یکون معصوماً عن الخط ، إذ لو لم یکن معصوماً عن الخطأ کان بتقدیر اقدامه على الخطأ، والخطأ لکونه منهی عنه، فهذا یفضی إلى اجتماع الأمر والنهی فی الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وأنّه محال ، فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة اُولی الأمر على سبیل الجزم وثبت أنّ کل من أمر الله تعالى بطاعته على سبیل الجزم وجب أن یکون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أنّ ولیَّ الأمر المذکور فی هذه الآیة لابدّ وأن یکون معصوماً.

ثم یضیف : ذلک المعصوم إمّا مجموع الامة أو بعض الاُمّة ، لا جائز أن یکون بعض الاُمّة ، لأننا بیّنّا أن الله تعالى أوجب طاعة اُولی الأمر فی هذه الآیة قطعاً، وایجاب طاعتهم قطعاً مشروط بکوننا عارفین بهم قادرین على الوصول إلیهم والاستفادة منهم، ونحن نعلم بالضرورة أنا فی زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم، عاجزون عن الوصول إلیهم، عاجزون عن استفادة الدین والعلم منهم، وإذا کان الأمر کذلک علمنا أنّ المعصوم الذی أمر الله المؤمنین بطاعته لیس بعضاً من أبعاض الاُمّة ولا طائفة من طوائفهم، وذلک یوجب القطع بأنّ إجماع الاُمّة حجّة»(2).

إنّ ما وضع الفخر الرازی وصاحب المنار وأمثالهم فی الزاویة الحرجة وجعلهم یفسرون هذه الآیة بهذا التفسیر الذی من المسلَّم أنّ أیّاً من أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله)لم یکن یفهمه حین نزول الآیة ، هو التعیین المسبق الذی یحول دون البحث عن مفهوم الآیة فی أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) المعصومین، فمن ناحیة أنّ دلالة الآیة على عصمة اُولی الأمر جلیّةٌ .

ولم یکن فی نیّتهم التسلیم لشخص کإمام معصوم من ناحیة اُخرى ، لذا فهم یبحثون عن تفسیر لم یفهمه أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله) أثناء نزول الآیة .

والأعجب من جمیع التفاسیر هو التفسیر الذی ینتخبه بعض مفسری أهل السنّة ، ویقولون : إنّ المراد من اُولی الأمر: الحکام والأمراء والملوک ویجب اتباع أی حاکم یتسلط على المسلمین ، عادلاً کان أم ظالم ، سالکاً جادة الصواب أم منحرف ، یأمر بإطاعة الله أم بمعصیته، کما یقول فی تفسیر المنار فی إشارة غامضة : «وبعضهم اطلق فی الحکام فأوجبوا طاعة کلّ حاکم» (3).

والأعجب من ذلک أیض ، الروایات المشکوکة والموضوعة التی نُسبت لرسول الله (صلى الله علیه وآله)لإثبات تفسیر هذه الآیة ، کالذی قاله رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی جوابه لجابر الجعفی حین قال : یانبی الله أرأیت إن قامت علینا امراءُ یسألونا حقّهم ویمنعونا حقّنا فما تأمرنا ؟

قال (صلى الله علیه وآله) : «إسمعوا وأطیعوا» (4).

وفی حدیث آخر فی الکتاب نفسه، روی عن أبی ذر أنّه قال : «إنّ خلیلی أوصانی أن أسمع وأطیع وإن کان عبداً مجدع الأطراف» (5).

وقد فسّر البعض مجدع الأطراف بمعنى من ولد فی بیت غیر طاهر وملوث . ومن المسلَّم به أنّ الساحة المقدّسة للنبی (صلى الله علیه وآله) أطهرُ من أن یأمر خلافاً لمنطق العقل والشرع فی الوقت الذی یروى عنه أنّه قال : «لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق» وأجلى دلیل على ابتداع مثل هذه الأحادیث هو أنّ أباذر الذی روی عنه الحدیث لم یفعل هکذا بشهادة تاریخه ، حتى أنّه قد ضحى بنفسه بسبب اعتراضه على انحراف اُمراء وحکام عصره!.

وعلى أیّة حال ، من الواضح أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) أسمى من هذه الأقاویل ، فلیس من إنسان عاقل ینطق بهذا الکلام ویقول : إنّ الحاکم واجب الطاعة فی کل مایقول ویعمل، لا سیما وأنّ هذا الحدیث : «لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق»(6) مشهورٌ بین علماء المسلمین سواء الشیعة أو السّنة .

ولا طاعة لبشر فی معصیة الله (7).

من هنا نستنتج أنّ أصح تفسیر للآیة هو اطاعة الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) .

ویبقى لدینا سؤالان لابدّ من الاجابة عنهما، وهما:

1 ـ إذا کان معنى «أولی الأمر» هو الإمام المعصوم ، فهل یتناسب مع کلمة «اولی» التی تفید الجمع ؟ فباعتقاد الشیعة أنّ الإمام المعصوم واحد لا أکثر فی کلّ عصر .

وقد اتضح الجواب عن هذا السؤال فی البحوث السابقة ، فصحیحٌ أنّ الإمام المعصوم واحدٌ فی کل زمن ، ولکن بالنظر لعمومیة الآیة بالنسبة لکافة الأزمنة ، فإنّ الأئمّة المعصومین بمجموعهم یشکلون مجموعةً ، ونظیر هذا المعنى کثیر فی کلمات العرب، فمثلاً نقول : السلام علیکم وعلى أرواحکم وأجسادکم . فلا یمکن الاعتراض على هذا السلام، فکل إنسان لا یمتلک أکثر من روح وجسم ، فلماذا ذکرت الأرواح والأجساد هنا بصیغة
الجمع؟ الجواب: إنّ هذا الجمع ناظرٌ للمجموع .

من هنا فبالرغم من أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) له وصیٌ فی کل زمان لکنهم یتعددون فی مجموع الأزمنة ، فیتحتم استخدام صیغة الجمع لهم .

2 ـ والسؤال الآخر هو : إنّ الإمام المعصوم لم یکن موجوداً فی عهد النبی (صلى الله علیه وآله)فکیف یؤمر بطاعته ؟

وجواب هذا السؤال هو ما ورد سابقا وهو : لو کانت الآیة ناظرة إلى زمان النبی (صلى الله علیه وآله)فقط لورد مثل هذا الإشکال، أمّا وأنّها تعتبر حکماً عاماً لجمیع المسلمین حتى یوم القیامة فلا یرد ذلک الإشکال، ففی عهد رسول الله کان هو الإمام (صلى الله علیه وآله) وفی سائر العصور کان الأئمّة المعصومون (علیهم السلام) ، فلیس مفهوم الکلام «یجب على المسلمین اطاعة النبی وأوصیائه» هو وجوب وجود أوصیائه فی عهده .

ونختتم هذا الکلام بإشارة سریعة إلى الروایات الواردة فی کتب الشیعة والسّنة فی ذیل هذه الآیة والتی تفسرها بعلی (علیه السلام) وسائر الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) :

ینقل الشیخ سلیمان القندوزی الحنفی فی کتاب ینابیع المودة ، عن تفسیر «مجاهد» أنّ آیة: (اَطِیعُوا اللَّه وَاَطِیعُوا الرَسُولِ وَأولِى الأَمرِ مِنْکُم ) نزلت فی علی (علیه السلام)أثناء ما خلفه رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی المدینة خلال «معرکة تبوک»، ویروی عن علی (علیه السلام)بأنّه استدل بهذه الآیة أثناء محاججته للمهاجرین والأنصار، ولم یؤاخذه المهاجرون والأنصار (8).

ونقل فی شواهد التنزیل عن الحاکم الحسکانی فی ذیل الآیة : (اَطِیعُوا اللَّهَ وَاَطِیعُوا الرَسُولَ وَأُولِى الأَمرِ مِنْکُم) ، سألتُ (أی علی) رسول الله (صلى الله علیه وآله) : یانبی الله منْ هم ؟ قال : «أنت أولهم» (9).

کما رویت روایات کثیرة عن أئّمة أهل البیت (علیهم السلام) أیضاً فی تفسیر هذه الآیة بالأئمّة المعصومین (علیهم السلام) وبلغت العشرات ، وجاء فیها جمیعاً أنّ «اُولی الأمر» هم الأئمّة المعصومون (10).


1. تفسیر المنار ، ج5 ،ص181 .
2. تفسیر الکبیر، ج10 ، ص 144 .
3. تفسیر المنار ، ج 5 ، ص 181 .
4. صحیح مسلم ، ج3 ، ص474، کتاب الامارة ، باب طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق .
5. صحیح مسلم، ج 3، ص 1467، کتاب الامارة، باب طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق .
6. نهج البلاغة ، کلمات القصار ، الکلمة 165 .
7. تفسیر در المنثور ، ج2 ، ص177 .
8. ینابیع المودة ، ص 114 و 115 و 116 .
9. شواهد التنزیل ، ج1 ، ص 148 .
10. من أجل المزید من الاطلاع راجعوا تفسیر البرهان ، ج1 ص381 إلى 387 ; وتفسیر کنز الدقائق ج3 ص437 ـ 452 .

 

آیة الصادقین :تمهید :
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma