السؤال الاخر هو: إنّ (نزول الوحی) والارتباط مع عالم الغیب وما وراء الطبیعة إضافة إلى کونه هبة ومبعث افتخار لعالم البشریة ، یعد نافذة أمل لکل المؤمنین الصادقین ، إذن لا یعتبر قطع طریق الارتباط هذا وغلق نافذة الأمل هذه حرماناً عظیماً للإنسان الذی عاش بعد وفاة النبی الخاتم ؟
والجواب عن هذا السؤال یتضح أیضاً بالالتفات إلى مایلی :
أول : إنّ الوحی والارتباط مع عالم الغیب هو وسیلة لإدراک الحقائق ، وعندما یقال کل مایراد قوله وتتضح کل الاحتیاجات إلى یوم القیامة فی الاُصول الکلیة والتعلیمات الجامعة للنبی الخاتم ، فإنّ قطع هذا الارتباط لا یسبب أی مشکلة .
ثانی : إنّ الذی قُطع للأبد بعد ختم النبوة هو (الوحی لشریعة جدیدة أو لتکمیل شریعة سابقة) ، ولیس کل نوع من الارتباط بما وراء عالم الطبیعة ، لأنّ الإئمّة(علیهم السلام) لهم ارتباط بعالم الغیب وکذلک المؤمنین الصادقین الذین ینالون مقام (الکشف) و(الشهود) على أثر ازاحتهم للحجب عن قلوبهم بعد تهذیب نفوسهم .
یقول الفیلسوف المعروف (صدر المتألهین الشیرازی) فی کتاب (مفاتیح الغیب) : «(الوحی) یعنی نزول الملک بقصد مهمّة النبوة حتى وإن کانت منقطعة لأنّه بحکم «أکملت لکم دینکم» کان ما یجب أن یصل إلى نوع البشر عن هذا الطریق قد وصل ، أما باب الالهام والاشراق فلم یغلق ولن یغلق أبداً ولا یمکن أن یغلق هذا الطریق»(1) .
واُصولاً أنّ هذا الارتباط نتیجة لارتقاء النفس وتنقیة الروح وصفاء الباطن ولا علاقة له بمسألة الرسالة والنبوّة .
وبناء على هذا ففی أی زمان تحصل مقدماته وشرائطه فسوف تتمّ هذه الرابطة المعنویة ولم یحرم نوع البشر أبداً من هذا الفیض الإلهی العظیم ولن یحرم .