3 ـ مضمون الدعوة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
2 ـ تاریخ الرسول(صلى الله علیه وآله) وخصائصه الأخلاقیة4 ـ عمق تأثیره فی محیطه

إنَّ تحقیق ودراسة محتوى أیّ دعوة یشکل فی الغالب دلیلاً مقنعاً للتوصل إلى صدق أو کذب المُدّعی، فالدین السماوی الذی یصدر عن جهة السماء ، وینزل عن طریق الوحی، له مزایاه الخاصة ، فی حین أنّ الدین الکاذب الذی یبتدعه فرد أو أفراد لأهداف مادیة وشیطانیة له مزایا اُخرى .

فالأول : غایته هدایة البشریة ، وتقویة النفوس ، وإقامة العدل ، وتهیئة متطلبات الصلح والسلام والأمن ، وأخیراً تکامل الإنسان مادیاً ومعنوی .

فی حین أنّ الثانی . یسعى لتحمیق الإنسان وتخدیر فکره ، والانتفاع الأکثر منه والاستعمار والاستثمار له ، ومسلّماً أن أهدافاً کهذه تتطلب خططاً وبرامج اُخرى .

وبملاحظة ما ذکر آنفا نلقی نظرة إجمالیة على مجموع المعارف والقوانین والبرامج الإسلامیة ، لاسیّما تلک التی استند إلیها القرآن الکریم وأکد علیه :

1 ـ إنَّ أول شیء یبدو للناظر ویشکل الأساس الرئیسی لکل العلوم والقوانین الإسلامیة هو مسألة ( التوحید ) ومحاربة کل أنواع الشرک بالاعتماد على هذا الأصل ، فقد حرر رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله) الإنسان من قیود کل عبودیة إلاّ عبودیة الله الأحد ، ودعا البشریة إلى عبادة الآله الواحد الأحد خالق السماوات والأرض ، وجامع کل صفات الکمال ، المطلع على ظاهرهم وباطنهم ، وحطم سلاسل الأوهام والخرافات وعبادة البشر أو الحجر أو الخشب وأنواع الأوثان والأصنام .

وقد ذّم القرآن الکریم الیهود والنصارى لعبادتهم البشر بقوله تعالى: (اتَّخَذُوا اَحبَارَهُم وَرُهبانَهُم اَرباباً مِّن دُونِ اللَّهِ ). (التوبة / 31)

وفی مقارنة بدیعة على لسان نبی الله یوسف وهو یخاطب رفاقه فی السجن یقول تعالى: (ءَاَربَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَیرٌ اَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ). (یوسف / 39)

2 ـ إنّ القرآن لایعتبر أیَّ مؤثر فی مصیر الإنسان إلاّ الله تعالى ویدعو الجمیع للتوکل علیه ویقول : ( اَلَیسَ اللَّهُ بِکَاف عَبدَهُ ). (الزمر / 36)

3 ـ ومن جهة اُخرى یعتبر الإنسان مرهوناً بأعماله ، وأنّ طریق الخلاص والفلاح الوحید هو الجد والاجتهاد الأکثر ، فیقول تعالى: (وَاَن لَّیسَ لِلانَسانِ اِلاَّ مَا سَعَى ). (النجم / 39)

ویقول : ( کُلُّ نَفس بِمَا کَسَبَتْ رَهِینَةٌ ). (المدثر / 38)

4 ـ إعتبر الإسلام کل بنی البشر ومن أی عنصر ولون وفی کل زمان متساوین ، وبناءً على هذا لا یوجد أیّ تمایز بینهم أو تفاضل إلاّ بـ (التقوى) والورع کما أشارت إلى ذلک الآیة 13 من سورة الحجرات.

5 ـ یخاطب القرآن کل المؤمنین بأنّهم (إخوة) لبعضهم البعض ، ویعتبر أنّ أقرب رابطة ممکنة بین إنسانین هی الرابطة التی تقوم على العدالة والمساواة ، بقوله تعالى: (اِنَّمَا المُؤمِنونَ اِخوَةٌ فَاَصْلِحُوا بَینَ أَخَوَیْکُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرحَمُونَ ). (الححرات / 10)

6 ـ یعتبر القرآن (العدالة الاجتماعیة ) أصلاً اساسیاً حاکماً على المجتمعات البشریة ویدعو کل المؤمنین للقیام بالقسط ، فیقول : ( وَلاَیَجرِمَنَّکُم شَنَآنُ قَوم عَلَى اَلاَّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ اَقرَبُ لِلتَّقَوى وَاتَّقُوا اللَّهَ). (المائدة / 8)

وأن لا تکون صلة القرابة والاُبوة والبنوة ونظائرها حائلاً دون إجراء العدالة وترجیح کفّة الحکم لصالحهم بدون دلیل ـ کما أشارت إلى ذلک الآیة 135 من سورة النساء.

7 ـ أقرَّ الإسلام حاکمیة أصل (الإنفاق) على العلاقات الإنسانیة ، ودعا الجمیع إلى الإنفاق ممّا رزقهم الله من نعم على الآخرین : (وَمِمَّا رَزَقَناهُم یُنفِقُونَ). (البقرة / 3)

یؤکّد على (صلة الرحم) ورعایة رابطة القرابة (البقرة ـ 27) . وقد أولى (الأب والاُم) خاصةً احتراماً بالغاً إلى الحد الذی أوصى بالتعامل الحسن معهما حتى وإن لم یکونا مسلمین فی سورة لقمان الآیة 14 و 15.

9 ـ من المسائل التی أکد علیها الإسلام أیضاً هی : (حمایة المظلومین) فی شرق العالم وغربه ، حتى أنّ ظواهر الآیات القرآنیة لم تفرق بین أبناء الدین الإسلامی وغیرهم فی هذه المسألة ، کما ورد فی قوله تعالى : ( وَمَا لَکُم لاَتُقَاتِلُونَ فِى سَبِیلِ اللَّهِ وَالمُستَضَعِفینَ مِنَ الرِجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلَدانِ ) . (النساء / 75)

10 ـ أکد أیضاً على (احترام حقوق المرأة) فی ذلک المحیط الذی أهدر کل حقوقها ولم یعطها حتى الحق فی الحیاة ، ویقبرُ البنات وهنّ أحیاء ، فأعاد إلیها مکانتها إلى الحد الذی یقول تعالى فیه : ( ولَهُنَّ مِثلُ الَّذِى عَلَیهِنَّ بِالمَعُروفِ ). (البقرة / 228)

والحق لا ینفصل عن الواجب أبداً.

11 ـ دعوته لـ (التعایش مع أتباع الأدیان الاُخرى) وحملة الکتب السماویة ، ودعوته کذلک الجمیع اللالتفاف حول نقاط الالتقاء والاشتراک ، کما نقرأ فی قوله تعالى : (قُل یَاأَهلَ الکِتَابِ تَعَالَوا اِلى کَلِمَة سَوَاء بَینَنَا وَبَینَکُم اَلاَّ نَعبُدَ اِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشرِکَ بِهِ شَیئاً وَلاَ یَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضاً اَربَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ) . (آل عمران / 64)

12 ـ أعطى الإسلام أهمیّة بالغة لـ (العلم والمعرفة )، وقد أشارت مئات الآیات القرآنیة إلى ذلک ، وهذا الأمر کان مثیراً وملفتاً للنظر لاسیما إذا لاحظنا المحیط الذی نزل فیه القرآن ، والذی کان مرکزاً للجهل والاُمّیة ، وأول الآیات التی نزلت على النبی (صلى الله علیه وآله) کانت تؤکد على العلم کما جاء فی سورة العلق الآیة 1 ـ 5.

ویقسم فی مکان آخر بالقلم کما جاء فی سورة القلم الآیة 1 ، واعتبر أنَّ أفضلیة (آدم)، والبشر بصورة عامة تکمن فی (فضیلة العلم والمعرفة) هذه . (البقرة / 31 33)

13 ـ تعتبر فریضة (الأمر بالمعروف) و(النهی عن المنکر) احدى الممیزات المشرقة لهذا الدین والتی یعتبرها نوعاً من الاشراف والرقابة العامة على کل المجتمع بواسطة کل المجتمع ، ومسؤولیة متقابلة لکل أفراده فی مقابل أی نوع من المفاسد الاجتماعیة أو ترک القیام بالواجب، انظر إلى سورة آل عمران الآیة 104 و110 وآیات اُخرى .

14 ـ بما أنّ مصدر الکثیر من المفاسد الاجتماعیة هو المیل الشدید للقضایا المادیة ، والتنافس فی حب التجمّل والبذخ فی الحیاة فقد دعا الإسلام إلى (العیش البسیط) ونبذ حب التجمل من أجل اغلاق مصدر الشر هذا کما فی سورة الزخرف الآیة 33 ـ 35 ، فی نفس الوقت الذی اعتبر الانتفاع المعقول والمنطقی من المواهب المادیة وحتى التزیینیة والکمالیة بأنّه مباح وقد أشار إلیه فی سورة الأعراف الآیة 32 .

15 ـ دعوته إلى لـ(مراعاة الاداب) ، وحسن المواجهة مع الآخرین ، وملاحظة الموازین الأخلاقیة فی أی مکان ، وقد أشار لهذه المسألة فی سورة لقمان، الآیتین 18 و 19 ، وسورة الحجرات، الآیتین 11 و 12 ، وسورة الفرقان، الآیة 72 ، وآیات اُخرى . وورد ایضاً فی الآیة: (خُذِ الَعفوَ وأْمُرْ بِالعُرفِ وَأَعرِضْ عَنِ الجاهلِینَ)(1) . (الأعراف / 199)

16 ـ استخدام (البحث المنطقی) فی الحوار مع اتباع الأدیان الاُخرى بدلاً من التعصب الأعمى ، یقول القرآن الکریم : (اُدعُ اِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَالموَعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِى هِىَ اَحسَنُ). (النحل / 125)

17 ـ (الخضوع للحقِّ) وقبوله من أیٍّ کان لأنه یعتبر واحداً من المبادئ السامیة للدین الإسلامی ، یقول تعالى : (فَبَشِّر عِبَادِ * الّذِینَ یَستَمِعُونَ القَولَ فَیتَّبِعُونَ اَحْسَنَهُ اُولَئِکَ الَّذِینَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَاُولَئِکَ هُمْ اُولُوا الاَلبَابِ). (الزمر / 17 18)

18 ـ (اخلاص النیة من الدوافع غیر الإلهیّة) من الاصول التی أکد علیها القرآن الکریم والروایات الإسلامیة مرار ، واعتبرها من الأعمال النزیهة المقبولة عند الله تعالى، والتی تؤدی إلى النجاة والسعادة هی الأعمال التی لم یقصد بها التظاهر والریاء ، وإنّما التی یراد بها غایات إنسانیة واخلاقیة وإلهیّة سامیة تشکل رکناً اساسی ، واستندت سبعة آیات من القرآن إلى جملة (مُخْلِصِین لَهُ الّدِینَ)(2) .

ومن جهة شبّهَ صدقات المؤمنین الخالصة ـ فی سورة البقرة، الآیة 265 بالبستان الملیء بالثمر عندما تنزل علیه رحمة المطر الإلهیّة تتضاعف ثماره ضعفین.

ومن جهة اُخرى شبّه فی سورة البقرة، الآیة 264 أعمال المرائین غیر المؤمنین ـ بالبذور التی بُذرت فی تراب قلیل على صخر صلد جرفه المطر عندما نزل علیه.

19 ـ انتقد الإسلام بشدة (الاسراف والتبذیر) وسمى المبذرین بإخوان الشیاطین : (اِنَّ المُبَذِّرِینَ کَانُوا اِخَوانَ الشَّیَاطِینِ). (الاسراء / 27 )

20 ـ من الاُصول الأساسیة للإسلام أیضاً: (رعایة الأطفال الأیتام وفاقدی المعیل) وأکدت آیات وروایات کثیرة على ذلک إلى الحد الذی اعتبرت فیه أکل أموال الأیتام کأکل النار : (اِنَّ الَّذِینَ یَأْکُلُونَ اَمْوَالَ الیَتَامَى ظُلماً اِنَّمَا یَأْکُلُونَ فِى بُطُونِهِم نَار). (النساء / 10)

وفی مکان آخر اوصى بإصلاح شؤونهم ، یقول تعالى: (وَیَسئَلُونَکَ عَنِ الیَتَامَى قُلْ اِصلاحٌ لَّهُم خَیْرٌ). (البقرة / 220 )

21 ـ احترام الاسرى فی الإسلام ، وقد أوصى بحسن معاملتهم واعتبر مساعدتهم وإعانتهم فی القرآن الکریم بأنّها جزء من أعمال الابرار والاخیار : (وَیُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلى حُبِّهِ مِسکِینَاً وَیَتِیماً وَاَسِیر). (الدهر / 8)

وجاء فی حدیث للإمام علی (علیه السلام) : (اطعام الأسیر والاحسان إلیه حقٌ واجبٌ)(3) .

22 ـ ومن المسائل المهمّة التی أکد علیها القرآن الکریم والروایات الإسلامیة هی مسألة (التشاور فی الاُمور) ، حتى أنّ الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) مع عقله الکامل کان مأموراً بالاستشارة : (وَشَاوِرهُم فِى الاَمر). (آل عمران / 159)

واعتبر التشاور فی الاُمور الاجتماعیة المهمّة بأنّه احدى علائم الإیمان : (وَاَمْرُهُم شُوَرى بَیْنَهُم). (الشورى / 38 )

23 ـ کانت (محاربة الخرافات) أیضاً من المهام الرئیسیة للنبی (صلى الله علیه وآله) فی حین کان مدّعو النبوة الکاذبون یصرون على نشر الخرافات وتسمیم أفکار الناس عن طریقه ، ولترغیب العامة لقبول خرافاتهم، ولکن نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) حطم هذا السد ، بل کان یحارب کلّ خرافة حتى لو کان الإسلام یستفید منها ظاهر .

وأی خرافة أکبر من (عبادة الأوثان) التی اجتاحت جزیرة العرب بأسره ، إلى حد أنّ مخالفتها والإعراض عنها أصبح مشکلة عویصةً وعجیبةً جدّ ، بل عدّ أحیاناً من علامات الجنون ، وأثناء ما کان النبی (صلى الله علیه وآله) یدعو لعبادة الإله الواحد الأحد، قالو : (اَجَعَلَ الآلِهَةَ اِلهَاً وَاحِدَاً اِنَّ هَذَا لَشَىءٌ عُجَابٌ). (ص / 5)

وظاهراً إن أحد أسباب نعت نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) بالجنون هی أنّه نهض لمحاربة قضیة عبادة الأصنام التی کانت من أکثر بدیهیات تلک البیئة والمحیط .

والخلاصة هی أنّ عرب الجاهلیة کانت تخیم علیهم خرافات کثیرة یطول شرحه ، وقد حاربها الرسول (صلى الله علیه وآله) کله .

24 ـ من المسائل التی أعطاها الإسلام أهمیّة کبیرة هی تحریر الإنسان من ربقة الهوى والهوس واستعباد الآخرین ، أو الوقوع فی أسر الأعراف والتقالید والسنن المغلوطة ، إلى درجة اعتبر فیها أن احدى صفات النبی (صلى الله علیه وآله) هی : (وَیَضَعُ عَنهُم اِصرَهُم وَالاَغلاَلَ الَّتِى کَانَت عَلَیهِم). (الأعراف / 157)

وجاء فی الحدیث النبوی المعروف : أنّ أحد الذنوب التی لایغفرها الله أبداً هی أن یسلب الإنسان حریة الإنسان الآخر ویستعبده ویبیعه(4) .

25 ـ أحد البرامج الأساسیة لهذا الدین (المنع من التکاثر) وطلب الزیادة والحرص والطمع فی الاُمور المادیة ، وقد اُشیر إلى ذلک فی آیات متعددة من القرآن الکریم ، وکذلک الروایات الإسلامیة ، إلى حد اعتبرها من الصفات المذمومة فی الحیاة الدنی ، وجعلها مرادفة للهو واللعب والتفاخر (الحدید ـ 20) ، وعدها سببا فی عدم الإیمان بالله ، وذم بشدة أولئک الذین یتوجهون صوب القبور لحساب قبور موتاهم حتى یثبتوا کثرة قبائلهم : (أَلْهَاکُمُ التَّکَاثُرُ * حَتَّى زُرتُمُ المَقَابِرَ). (التکاثر / 1 ـ 2)

ویقصُّ علیهم بالتفصیل ـ قصة «قارون» المستکبر المستکثر الذی کان یرى نفسه فوق الجمیع ، وعاقبته وعاقبة أمواله بعد أن خسفت به الأرض ، وینهى نبیه (صلى الله علیه وآله) عن مد عینیه إلى الإمکانات المادیة لهؤلاء الأفراد أو اعتبارها علامة على أفضلیتهم وعلوهم ، (طـه / 131، القصص / 76 فما بعد) .

26 ـ (الدعوة إلى الاتحاد والتضامن) یمکن اعتبارها جزء من الأوامر التی تحتل صدر قائمة البرامج الإسلامیة ، والتی ذکرها القرآن الکریم بتأکید شدید ، فکان یدعو الجمیع إلى الاتحاد وینهاههم عن التفرقة ، ویحذرهم من العودة إلى اختلافات الجاهلیة وعد الأفراد المتفرقین المشتتین على شفیر هاویة من النار ، (آل عمران ـ 103) واعتبر التنازع والاختلافات مصدراً لضعف المجتمع ، وضیاع قدرته وشوکته ، (الانفال / 46) .

27 ـ (احترام القانون) یعتبر من اهم وصایا الإسلام التی أکد علیها لدرجة أنّه قال: احترموا القانون حتى لو حکم ضدکم ، وجاء فی القرآن : (کُونُوا قَوَّامِینَ بِالقِسطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَو عَلَى اَنفُسِکُمْ اَوِ الْوَالِدَینِ وَالاَقرَبِینَ). (النساء / 135)

واعتبر نقض حرمة القانون حرام ، والتعدی على (حدود الله) ظلماً وجور : (وَمَنْ یَتَعدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَاُولَئِکَ هُمُ الظّالِمُونَ). (البقرة / 229)

وإنّ الإیمان الصادق هو التسلیم المطلق لقانون الحق وترک معارضته حتى فی حیّز الفکر والعقل کما ورد فی الآیة 65 من سورة النساء.

28 ـ (نبذ حب الانتقام) ولم تکن هذه الصفة الحمیدة مختصة بالرسول (صلى الله علیه وآله) وإن تجلّت بوضوح کامل فی حروبه وخاصةً فی فتح مکة ، وإنّما أوصى أتباعه مراراً وتکراراً إلى العفو والصفح ، وغض النظر عن زلات الآخرین وتذکیرهم بالعفو الإلهی : (وَلیَعفُوا وَلیَصفَحُوا اَلاَ تُحِبُّونَ اَنْ یَغفِرَ اللَّهُ لَکُم). (النور / 22)

بل تعدى ذلک إلى القول : (ادفَع بِالَّتِى هِىَ اَحسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَینَکَ وَبَیْنَهُ عَداوَةٌ کَاَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِیمٌ). ( فصلت / 34)

ولکنّه مع کل هذا لا یسمح بأنّ یستغل الأعداء الحاقدون رحمة الإسلام ورأفته ، بل کان (صلى الله علیه وآله) یأمر أصحابه: مثلما علیکم أن تکونوا لینین وعطوفین مقابل الأصدقاء والأعداء المخدوعین فیجب علیکم أن تتعاملوا مع الأعداء الأشداء بخشونة وشدّة ، حتى أنّه وصف الصادقین بأنّهم : (اَشِدَّآءُ عَلَى الکُفَّارِ رُحَمَاءُ بَینَهُم). (الفتح / 29)

29 ـ (الدعوة إلى التقوى) وهی من القضایا التی یستند إلیها الإسلام فی کل مناسبة ، ویعتبرها السبیل الوحید لخلاص الإنسان ، وزاد آخرته(5) ، ومعیار شخصیته(6) ، وبرکة الدنیا(7) ، وسعادة الآخرة(8) ، وسبباً للبصیرة والمعرفة(9) .

30 ـ (الحب والبغض فی الله) من اُسس التعالیم الإسلامیة أیض ، أو بتعبیر أوضح اعتبر الإسلام کل من یخطو فی محجة الإیمان ، والحق ، والعدل ، والتقوى ، والنزاهة ، صدیقاً یجب توثیق العلاقة معه ، وبالعکس أوصى بالابتعاد عن الاشرار وذوی السمعة السیئة والملوثین والظالمین ، واعتبر القرآن الکریم الامتثال لذلک من علائم الإیمان الأصلیة (حزب الله)(10) . واعتبرتها الروایات الإسلامیة بأنّها من أقوى عرى الإیمان والإسلام (أوثق عرى الإیمان الحبُّ فی الله والبغض فی الله)(11) ، وأفضل الأعمال(12) .

هذه طائفة من تعالیم الإسلام فی الاُصول والفروع .

فهل یصدق أن یأتی إنسان اُمّی لم یتلقَّ أی تعلیم ، وهو ابن بیئة غمرتها ظلمات الجاهلیة ، وعاش فی بؤرة الکفر والفساد والجور والخشونة ، بمثل هذه التعالیم ؟ کلا بالطبع إلاّ إذا کان مسدداً عن طریق الوحی السماوی والالهام والتأیید الإلهی.

إنَّ دراسة مضمون ومحتوى الدعوة لأی دین من أفضل الأدلة التی یستخدمها العلماء لإثبات صدق أو کذب مایدعیه ذلک الدین ، وأحیاناً تکون مقدمة على الکثیر من المعجزات ، لأنّ العدید من الوساوس التی تبرز من قبل المعاندین اللجوجین لها (من قبیل اتهامه بالسحر وأمثاله) تصبح لا معنى لها عند البحث فی محتوى الدعوة ، بل وحتى یمکن تألیف کتاب ضخم حول هذا الموضوع وخاصةً حول تعلیمات الإسلام فی کافة الجوانب الاعتقادیة والأخلاقیة والاجتماعیة ، وکذلک المیدان الواسع والفسیح لهذا المبحث فی المسائل الفردیة والجماعیة المعنویة والمادیة .

بدیهی أنّه لا یمکن أن تکون هذه المجموعة من التعالیم الصادرة من عربی صحراوی اُمی خرج من أکثر البیئات تخلفاً هی مسألة عادیة ، وباعتقادنا أنّه لا توجد أی معجزة أکبر من هذه المعجزة ، أو على الأقل هی قرینة إذا ضممناها إلى القرائن الاُخرى شکلت مجموعة مطمئنة وقویة .


1. فی حدیث للإمام الصادق (علیه السلام) أن هذه الآیة أکثر الآیات الأخلاقیة شمولاً فی القرآن المجید (تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث) .
2. الأعراف، 29 ; یونس، 22 ; العنکبوت، 65 ; لقمان، 32 ; غافر ، 14 و 65 ; البینة، 5 .
3. وسائل الشیعة، ج 11، ص 69 أبواب جهاد العدو، الباب 32 ، ح 3 .
4. عن النبی (صلى الله علیه وآله)، إنّ الله تعالى غافر کل ذنب إلاّ من جحد مهر ، أو اغتصب أجیراً أجره ، أو باع رجلاً حر ، سفینة البحار، مادة (أجر) .
5. البقرة، 197.
6. الحجرات ، 13 .
7. الأعراف ، 96 .
8. مریم، 63 .
9. الانفال ، 29 .
10. المجادلة ، 22 .
11. اصول الکافی، ج 2 ، ص 125 .
12. سفینة البحار ج 1، ص 201 .

 

2 ـ تاریخ الرسول(صلى الله علیه وآله) وخصائصه الأخلاقیة4 ـ عمق تأثیره فی محیطه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma