استناداً إلى «هیأة بطلیموس» التی ترى أنّ الأرض هی مرکز العالم والأفلاک التسعة المحیطة بأطرافها على شاکلة طبقات قشرة البصل ، وکانت تعتقد أنّ هذه الأفلاک کالجسم البلوری المرتبط بعضه ببعض ، والنجوم والأجرام السماویة مندکة فی قلب الأفلاک ، وتدور مساوقة لحرکة الأفلاک ، وأی نوع من أنواع الخرق والالتئام فی الأفلاک محال ، لهذا السبب أنکر اتباع هذه العقیدة کلاً من «المعراج الجسمانی» ، و«انشقاق القمر» مع ، ذلک أنّ کلیهما یوجب الخرق والالتئام فی الأفلاک!.

إلاّ أنّه لم یعد هناک أرضیة لهذا الکلام فی یومنا هذا بعد أن طویت فرضیة الهیأة لبطلیموس فی ملف الأساطیر والخرافات وثبت بطلان الافلاک التسعة من الناحیة العلمیة والحسیة .

وقد یقال : لیس من السهل تحقق مسألة انشقاق القمر بمنظار العلم الحدیث أیض ، لأنّ هذه الکرة «مساحة القمر» وإن کانت خمس الکرة الأرضیة إلاّ أنّها مع ذلک کرة عظیمة ، ووقوع الانشقاق والانفجار فیها بحاجة إلى عامل قوی جدّ ، والجواب عن هذا الإشکال واضح فی نظر أهل التوحید ، إذ لم یَدَّعِ أحد بحدوث «انشقاق القمر» من جراء احدى العوامل الطبیعیة ، بل کان یُعزی سبب حدوث ذلک إلى الاعجاز مستنداً إلى القدرة اللامتناهیة للباری عزّ وجلّ .

ولا یخفى علیکم أنّ الله لا یصعب علیه انشقاق القمر ، بل إنّ ایجاد المنظومات والمجرّات الاُخرى کلها منقادة لإرادته ومشیئته أیض ، ذلک الله الذی أحدث الانفجار الأول فی قلب الشمس منذ البدایة ، وفصل عنها السیارات الکبیرة للمنظومة الشمسیة ، فقذفت کل واحدة منها فی ناحیة من النواحی وبدأت تدور حوله ، أجل ، إنَّ مَن بیده کل شیء وقادر على کل شیء لقادر على إثبات نبوة نبیّه ، وذلک أن یحدث فی لحظة من اللحظات مثل هذا الانفجار ثم الالتئام فی کرة القمر التی هی لا تساوی شیئاً أمام قدرته تعالى .

إنّ الذین یستهینون بالقدرة الإلهیّة ـ والعیاذ بالله ـ أو لم یحیطوا علماً بحدوث المنظومات السماویة الکبیرة على أثر الانفجارات المتتابعة ، هم فقط الذین یثیرون الإشکالات على هذا النوع من المسائل .