جاء فی قوله تعالى : ( وَمِنْ آیَاتِهِ خَلْقُ السَّمَــوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِنْ دَابَّة وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ اِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ ) . (الشورى / 29)
یا ترى هل العیش والحیاة مختص بالکرة الأرضیة ، والکرات الاُخرى لیست مسکونة اطلاق ؟ لقد کان العلماء الأوائل یتابعون هذه المسألة دائماً بشیء من التردّد أو الحکم المنفی ، بیدَ أنّ التحقیقات الأخیرة للعلماء أثبتت لنا أنّ الحیاة لا تختص بالکرة الأرضیة .
ونقرأ فی کتاب « الحیاة فی العالم » من منشورات مجلة « لایف » ما یلی :
« من الممکن حسب احصاءات العلماء أن تتواجد فی مجرتنا ملایین النجوم التی تکون سیاراتها التابعة لها آهلة بالسکان » .
وذهب البعض إلى أکثر من ذلک حیث اعتقدوا بوجود موجودات حیة فی بعض الکرات السماویة تفوق حالة التطور لدى الإنسان بکثیر ، فالإرسالات الرادیویة التی یبثونها فی الفضاء ولا نستطیع الإتیان بمثله ، قابلة للاطلاع علیها بصورة کاملة من خلال أجهزة الاستقبال التی بحوزتن ، وإن کنّا لا نفهم لغتهم ولا نعی مغزاه .
وعلى أیّة حال فتصریح الآیة المتقدمة بالقول : إنّ الله تعالى بث الموجودات الحیة فی السموات والأرض ، یخبر عن حیاة الموجودات الاُخرى بشکل واضح ، ومن الاشتباه بمکان أن نتصور أنّ المقصود من الموجودات الحیة فی السماء هی (الملائکة )، وذلک لکون کلمة «دابة» تطلق على الموجودات الجسمانیة فحسب ولا تطلق على الملائکة .
ولهذا ففی الموضع الذی یرید القرآن الکریم أن یذکر الملائکة یتحدث عنها بصورة مستقلة بعد ذکر کلمة « الدابة » ، کما نقرأ ذلک فی قوله تعالى: ( وَلِلَّهِ یَسْجُدُ مَا فِى السَّمــواتِ وَمَا فِى الاَرْضِ مِنْ دَابَّة وَالْمَلائِکَةُ وَهُمْ لاَ یَسْتَکْبِرُونَ ) . (النحل / 49)
بحیث نجد أنّ « الملائکة » جعلت فی قبال « الدابة » ، وهذا یدل على عدم شمول کلمة الدابّة للملائکة فی الآیة التی جاء ذکرها فی بحثنا هذا.
ومن الظریف ما یقوله «الفخر الرازی » فی تفسیر الآیة الواردة فی بحثنا هذا بأنّه : «لا یستبعد أن یقال إنّ الله خلق فی السموات أنواعاً من الموجودات الحیة تمشی کما یمشی الإنسان على وجه الأرض »(1) .
ونقرأ فی حدیث ظریف عن الإمام علی (علیه السلام) ما یلی : « هذه النجوم التی فی السماء مدائن مثل المدائن التی فی الأرض مربوطة کل مدینة إلى عمود من نور »(2) .
ووردت فی بعض المصادر الإسلامیة روایات اُخرى فی هذا المجال(3) .
ومن المعلوم أنّ هذه المعلومات استقیت من نفس المصدر الذی استقاه القرآن الکریم ، وإلاّ لم یطلع أحد على هذه المسائل فی ذلک العصر .