1 ـ الأخبار عن هزیمة الأعداء فی اقل من عشر سنین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
إشارة وتنبیه:2 ـ التنبوء عن نصرین هامین آخرین

فی الآیة الاولى إخبارٌ عن هزیمة الرومیین (غُلِبَتِ الرُّومُ) ، ثم یتحدث بعد ذلک عن محل وقوع هذه الحادثة فیقول : (فِى أَدْنى الأَرْضِ) ، والمقصود منها أراضی الشام بحد ذاتها أی (المنطقة الواقعة بین بُصرى واَذْرُعات) ، وهی داخلة ضمن دائرة الروم الشرقیة ، وکانت تعتبر من المناطق القریبة بالنسبة إلى سکان الجزیرة العربیة .

وقد وقعت هذه الحرب بحسب ماورد عن بعض المؤرخین المعاصرین فی عهد «خسرو برویز» وهی حرب طویلة الأمد دارت رُحاها بین الفرس والروم فی حدود عام 617 میلادی، حینما قام اثنان من القادة الایرانیین المعروفین، وهما «شهر بُراز»(1) و«شاهین» بمهاجمة أراضی امبراطوریة الروم الشرقیة، وتمکّنا من إلحاق هزیمة مرة بجیش الروم، وکانت منطقة الشامات ومصر وآسیا الوسطى مسرحاً لهذه العملیات، وقد آلت امبراطوریة الروم أثر هذه العملیات إلى السقوط والانقراض بعد الهزیمة النکراء التی لحقت بها، وقد استولى الایرانیون على کل ما بسط الروم نفوذهم علیه فی منطقة آسیا ومصر، وقد وقعت هذه الحرب فی حدود السنة السابعة لبعثة الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله).

وفرح أعداء الإسلام والمشرکون فی مکة بهذه الواقعة وتفاءلوا بها خیراً واستدلوا على حقانیة أهل الشرک فقالو : إنّ الایرانیین «مجوس» ومشرکون و«وثنیون» أمّا الرومیون فهم مسیحیون أهل کتاب ، فکما تغلب الایرانیون على الرومیین ، سیکون النصر حلیفنا أیضاً نحن المشرکین ، وستطوى صحیفة حیاة محمد (صلى الله علیه وآله) وتکون الغلبة لنا ولمعتقداتن .

إنّ هذا النوع من الاستنتاج والتفاؤل وإن لم یستند إلى أی قاعدة منطقیة ، إلاّ أنّه لم یخل من تأثیر إعلامی فی أوساط ذلک المحیط ، ولهذا السبب کان تأثیره شدید الوطأة على المسلمین .

ویضیف القرآن تعقیباً على الآیة السابقة : اعلموا أنّ هذه الغلبة للفرس لا تدوم زمناً طویلاً (وَهُم مِّن بَعدِ غَلَبِهِم سَیَغلِبُونَ) أی الروم ، ثم یشیر إلى الجزئیات بعد ذلک بقوله : (فِى بضِع سنِیِنَ للَّهِ الاَمرُ مِّن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَیؤمئذ یَفْرَحُ المُؤمِنونَ) .

إلاّ أنّ هذا الفرح والسرور لیس قائماً على أساس التفاؤل بالخیر بالنسبة لغلبة الإسلام على الشرک فحسب ، بل السبب الأساسی لغبطتهم هذه هو حصولهم على المدد الإلهی (بالنصرة على مجموعة من الأعداء فی محیطهم الداخلی) (بِنَصرِ اللَّهِ یَنصُرُ مَن یَشَاُء وَهُوَ العَزِیزُ الرَّحِیمُ) .

ومن أجل ترسیخ هذا المعنى أکثر ، وازالة أی لون من ألوان الشک والتردد ، یقول تعالى: (وَعْدَ اللّهِ لایُخلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَکِنَّ اَکْثَرَ النَّاسِ لاَیَعلَمُونَ) .

إنّ هذا التنبؤ العجیب المشتمل على ذکر الجزئیات ، والذی یخبر عن أحد المسائل العسکریة والسیاسیة المهمّة ، کیف یمکن له أن یتحقق بدون الإحاطة بأسرار الغیب ؟

فمن جهة یخبر عن أصل وقوع الانتصار للرومیین المندحرین الذین وصل بهم الاحباط والهزیمة إلى حد الانقراض وفقدوا مساحة شاسعة من أرض بلادهم ، ولم یعد هناک أمل بأنّ یستعیدوا قواهم ویثبتوا کیانهم بهذه السهولة ، ومن جهة اُخرى یصرح بأنّ هذا الأمر سیتحقق فی بضعة أعوام .

ویضیف على ذلک بقوله : إنّ هذا سیقترن بنصر آخر للمسلمین على الکفار ، وفضلاً عن ذلک کله یؤکد تأکیداً قاطعاً على أنّ هذا الوعد الإلهی حتمی الوقوع وا نّ الله لن یخلف وعده .

ونرى أنّ هذا الوعد تحقق فعلا بکل جزئیاته ، فقام ملک الروم «هرقل» بإلحاق الهزیمة تلو الهزیمة بمعسکر «خسرو برویز» فی سنة 626 م أی بعد 9 سنوات تقریباً حیث کانت نتائج هذه الحروب لصالح الرومیین إلى سنة 617 م وحققوا النصر الکامل والشامل ، وأصیب «خسروبرویز» بالفشل الذریع فأزاحه الایرانیون من على دسدّة الحکم وأجلسوا مکانه ابنه «شیرویه» .

خلاصة الکلام : إنّ هزیمة الرومیین وقعت فی سنة 617 م الموافق للسنة السابعة للبعثة النبویة الشریفة ، واستعاد الرومیون نصرهم من جدید فی سنة 626م حینما ألحقوا الهزیمة «بالجیش الساسانی» ، ووصلت هذه الهزیمة إلى أوجها فی السنة القادمة أی (سنة 627م) ذلک أن هرقل زحف إلى «دستجرد» الواقعة على بعد عشرین فرسخا من «تیسفون» عاصمة ایران وموطن «خسرو برویز» ، واندحر «خسرو برویز» ولاذ بالفرار ، وعُزل على أثرها من مقام السلطة ممّا أدى ذلک إلى قتله ، ونجد أنّ الفاصلة بین هذین لم تتجاوز التسع سنوات ، وهو مطابق تماماً لمعنى «بضع سنین» ، لأنّ «البضع» فی قاموس اللغة وعلى حد قول الراغب فی المفردات: هو بمعنى حصة من العدد عشرة ، فکل مایقع بین الثلاثة والعشرة یقال له: بضع ، وقال البعض : إنّ البضع یطلق على العدد الذی یکون أکثر من خمسة وأقل من عشرة .

وجاء فی معجم مقاییس اللغة أیضاً أنّ «البضع» هو العدد الذی یقع بین الثلاثة والعشرة .

وممّا تجدر الإشارة إلیه أنّ هذه النبوءة أصبحت من الأمور المتعارفة والمسلَّمة لدى المسلمین حتى کان البعض منهم على استعداد لأنّ یراهن على هذه المسألة مع المشرکین فی مکة ، وتحقق هذا الرهان بالفعل ، وفی بدایة الأمر وقع الرهان على خمس سنوات ، ولما لم یتغیر من الأمر شیء جاءوا إلى النبی وأخبروه بحقیقة الأمر ، وما جرى علیهم مع المشرکین ، فقال لهم : کان ینبغی علیکم أن تحاوروهم على أقل من عشر سنوات ، وهکذاحصل وتحقق النصر بعد الهزیمة فی أقل من عشر سنوات .

ومن النکات المهمّة الاُخرى هی اقتران هذا النصر بانتصار المسلمین فی «معرکة بدر» لأنّ معرکة بدر وقعت فی السنة الثانیة للهجرة ، والمقطع الزمنی الفاصل بین السنة السابعة للبعثة والسنة الثانیة للهجرة هو تسع سنوات ـ هذا إذا ما أخذنا فی الاعتبار نفس السنة السابعة أیضاًـ وبدونها تکون الفاصلة بینهما ثمان سنوات .

من هنا کان انتصار الرومیین وانتصار المسلمین متقاربین ، وفی الواقع إنّما فرح المسلمون لأمرین ، الأول : هو الذی حققه أهل الکتاب أی الرومیّون على المجوسیین الذی کان أحد مشاهد انتصار العبودیة لله تعالى على الشرک ، فی الوقت الذی کانت هزیمة الروم مدعاة لارتیاح مشرکی مکة وغبطتهم ، والآخر : هو ما حققوه من انتصار کبیر على المشرکین فی معرکة بدر .


1. اسمه فرّخان، قائد ایرانى حارب الروم فی زمان خسرو برویز واستولى على مصر سنة 616 میلادی، معجم دهخدا ـ مادة (براز).
إشارة وتنبیه:2 ـ التنبوء عن نصرین هامین آخرین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma