15 ـ القرآن وکشف هویة الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
14 ـ القرآن وعلاقة الرعد والبرق والمطر16 ـ القرآن یکشف الستار عن عظمة خلق السماوات

نقرأ فی قوله عزّ من قائل : (اَیَحْسَبُ الاِنسَانُ اَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِینَ عَلَى اَنْ نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ) . (القیامة / 3 ـ 4)جاء فی الروایات ، أنّ أحد مشرکی العرب ویُدعى (عدی بن ربیعة) وکان رجلاً معانداً ومتعصباً جدّ ، أتى إلى النبی (صلى الله علیه وآله) وسأله عن یوم القیامة وکیفیة وزمان تحققه ، وقال : إننی لا اُصدقک ولا أؤمن بک وإن رأیت ذلک الیوم بأمُ عینی ، کیف یمکن التصدیق بأنّ الله تعالى یجمع هذه العظام النخرة ، هذا ممّا لا یقبل التصدیق فنزلت الآیة المذکورة أعلاه(1) .«بَنان»: فی اللغة بمعنى الاصابع ، وقد ورد أحیان (بمعنى رؤوس الأصابع ) ، وهو مأخوذ من مادة (بَنَ) بمعنى الإقامة .وبناءً على کون الأصابع ، أداة لإصلاح أحوال إقامة الإنسان فی العالم ، اطلق علیها هذا الاسم(2) .إنّ للأصابع دوراً مهماً جدّاً فی حیاة الإنسان ، وتعد من عجائب الخلقة ، وإن غفلنا عن أسراره . لأنّها تحت تصرفنا دائم ، ولو قطعت أصابع ید أحد م ، فإنّه سوف لا یستطیع أن ینجز عملاً دقیقاً بأی شکل من الأشکال ، وستستحیل علیه الکتابة ، وتصفح أوراق الکتاب ، وتناول الطعام بسهولة ، والاتصال بالهاتف ، وفتح الأبواب بالمفاتیح وأنواع الصناعات الدقیقة وتستحیل علیه بقیة الصناعات الاُخرى کانواع الأعمال المتعلقة بالسیارات ، وحتى أخذ الأشیاء الثقیلة بالید أیض ، بل ویمکن لنقص أحد الأصابع أن یوجه ضربة عنیفة لکثیر من الأعمال الیومیة التی یقوم بها الإنسان . ولهذا السبب تنجز الحیوانات ذوات الأربع کثیراً من أعمالها بفمها أو رأسه .وبعبارة اُخرى یمکن القول: إنّ وجود الأصابع لدى الإنسان یعتبر من العوامل المهمّة للتقدم الحضاری له ، والتعبیر ب «البنان» المأخوذ من مادة الإقامة والدوام ، إشارة لطیفة إلى هذه الحقیقة نفسه ، وذلک لصعوبة وجوده فی العالم بدونه .یقول الله تعالى فی الآیة الآنفة الذکر: إنّ بإمکاننا أن نعید العظام الصغیرة الدقیقة فی یوم القیامة أیضاً فضلاً عن العظام الکبیرة .واحتمل جماعة من المفسرین أیضاً أنّ المقصود من تسویة البنان هو وصالها مع بعضها واخراجها بصورة حافر حیوان من ذوات الأربع ولیس لهذا التفسیر تناسب مع آیات السورة .من الاُمور التی یمکن استنتاجها من هذه الآیة هو هذا الاکتشاف المهم ، فقد أصبح من الثابت أنّ معرفة هویة أحد ما یتمّ بوسیلة رؤوس أصابعه . وهی أوثق وأدق من کل امضاء ولا یستطیع أحد تزویره ، فی حین أنّ التزویر قادر على التسرب إلى أعقد التواقیع، ولهذا السبب أصبحت مسألة «أخذ البصمات» من الحقائق العلمیة فی عصرنا الحاضر واستحدثت لأجلها دائرة خاصة فی المراکز الأمنیة ، من خلالها یکشف النقاب عن کثیر من المجرمین ، فیکفی أن یضع أحد السراق یده على مقبض الباب ، أو زجاج الغرفة ، أو على القفل والصندوق والکرسی عند دخوله لأحد الغرف أو المنازل فیبقى أثرها على تلک الأشیاء ، أو یتمّ العثور على سلاح فی قضیة قتل، علیه بصمات أحد الأشخاص ، وهذا یکفی لأخذ نماذج فوریة لها فتتم مطابقتها على بصمات الأشخاص المشکوک بهم فی تلک الحادثة ، ـ إضافة لما لدیهم من معلومات عن المجرمین والسراق ـ ومن ثم یلقون القبض على الجانی .إذن یکون مفهوم الآیة بناءً على هذا التفسیر : إنّنا لسنا قادرین على أن نجمع العظام الکبیرة والصغیرة فحسب ، بل إنّ فی مقدورنا أیضاً أن نعید الأصابع وبصماتها بجمیع مزایاه ، التی هی من أدق ما فی البدن من خصوصیات إلى حالتها الاُولى .وبعبارة اُخرى أنّ مفهوم تسویة البنان (ومعناها التنظیم والترتیب) ، شامل لجمیع الخصوصیات والجزئیات ، من جملتها بصمات الأصابع .ومن الجدیر بالذکر هو ما نجده من توافق بین هذا المعنى وبین مسألة القیامة ، المحکمة الکبرى للعدل الإلهی ، التی یجب التحقیق فیها مع المجرمین والمذنبین ، ذلک أنّ هذه المسألة یستفاد منها أیضاً فی محاکم الدنی ، قبل أی مکان آخر .


1. التفسیر الکبیر، ج 3 ، ص 217 ; وتفسیر القرطبی، ج 10 ، ص 6885 .
2. المفردات للراغب ; ومجمع البحرین; ومعجم مقاییس اللغة، مادة (بن).

 

14 ـ القرآن وعلاقة الرعد والبرق والمطر16 ـ القرآن یکشف الستار عن عظمة خلق السماوات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma