2 ـ القرآن وخلقُ العالم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
1 ـ القرآن وجاذبیته العامة3 ـ القرآن وحرکة الأرض

إنّ للقرآن الکریم تعابیر وإشارات متعددة حول حدوث العالم ، إذ یقول فی أحد المواضع : ( ثُمَّ اسْتَوَى اِلَى السَّمَاءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلاَرْضِ ائتِیَا طَوْعَاً اَوْ کَرْهَاً قَالَتَا اَتَیْنَا طَائِعِینَ ). (فصلت / 11)

وفی موضع آخر یقول : ( اَوَلَمْ یَرَ الَّذِینَ کَفَرُوا اَنَّ السَّمَـوَاتِ وَالاَْرضَ کَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ کُلَّ شَىء حَىٍّ اَفَلا یُؤْمِنُونَ ). (الأنبیاء / 30)

لقد اُشیر فی هاتین الآیتین إلى ثلاث نکات مهمة فی صدد خلق العالم والموجودات الحیّة :

1 ـ کان العالم فی بادىء الأمر على شکل غاز وبخار .

2 ـ کان العالم متصلاً فی البدایة ثم فصلت الکرات السماویة عن بعضها الاُخرى .

3 ـ بدأت خلقة الموجودات الحیة من الماء .

وهذه هی نفس الاُمور التی عرفت فی هذا الیوم بعنوان النظریات العلمیة المسلمة .

ویتقرر توضیح ذلک : بأنّه بالرغم من وجود فرضیات مختلفة لم تخرج عن حدود الفرضیة فی صدد کیفیة نشوء العالم ، إلاّ أنّه نظراً للمطالعات التی اُجریت على المجرات والمنظومات التی تتجه نحو التکون والحدوث ، بدا من المسلَّم أنّ العالم کان على شکل أکوام من الغاز فی بادىء الأمر نظیر الشیء المضغوط الذی تنعزل منه قطعاته وتتطایر أوصاله على أثر دورانه حول نفسه ، وهذه القطع تبرد شیئاً فشیئاً ثم تظهر بشکل مائع أو جامد فی کثیر من الأحیان لتشکل الکرات المسکونة وغیر المسکونة .

وبعبارة اُخرى تدل دراسات العلماء الفلکیین فی مجال السُحب ، والعوالم البعیدة عن متناول الید والتی تأخذ طریقها نحو التکامل على أنّهم أخرجوا هذه النظریة وهی کون الدنیا على شکل أکوام من غاز البخار من حیِّز الفرضیة واعتبروها من النظریات القطعیة ، والتی تم تأییدها من قِبل المحافل العلمیة الدولیة .

وکذلک نقرأ فی بدایة الآیة الاُولى بصراحة بــ« أن السموات » الکرات السماویة کانت فی بدایة الأمر على هیئة دخان وهذه الآیة تنسجم مع الاکتشافات العلمیة للعلماء التی لم تزل حدیثة العهد ، وفی ذلک دلالة واضحة على الاعجاز العلمی للقرآن الذی یکشف عن الحقیقة التی کانت مجهولة فی زمن نزول القرآن بصورة کاملة .

والآیة الثانیة أیضاً تُعبِّر عن حالة الارتباط الموجودة فی العالم فی بادىء الأمر ، ومن ثم انفصال أجزائه الاُخرى وهذا أیضاً أیدته المحافل العلمیة کأصل من الأصول فی یومنا هذ ، وکذلک الحال بالنسبة إلى ظهور الموجودات الحیة من ماء البحار فی بادىء الأمر ـ سواء کانت نباتیة أو حیوانیة ـ هی الاُخرى تعتبر الیوم من النظریات العلمیة المعروفة ، وإن کان البحث قائماً على قدم وساق بین العلماء فی صدد کیفیة التحول والتطور ، وظهور الأنواع المختلفة للنباتات والحیوانات .

والقرآن أیضاً یفصح عن حقیقة ظهور کافة الموجودات الحیة من الماء فی الآیة الثانیة المتقدمة الذکر ، وفضلاً عن ذلک تصرح الآیات التی تنسب خلقة الإنسان إلى التراب ، بأنّ هذا التراب کان ممتزجاً مع الماء على هیئة طین .

ونقرأ أیضاً فی قوله تعالى: ( وَاللَّهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّة مِّنْ مَّاء ) . (النور / 45)

وللمفسرین أحادیث مطولة فی صدد « الرتق » و « الفتق » الواردین فی الآیة الثانیة واللذیْنِ هما فی الأصل بمعنى « الإتصال » و ««الإنفصال » .

اختار البعض المعنى المتقدم ، وهو السماء والأرض واللتین کانتا على هیئة کُتل عظیمة من البخار والغاز الُمحترق، وتجزأت شیئاً فشیئاً على أثر الانفجارات الداخلیة وحرکتها حول نفسه ، ومن ثم ظهرت الکواکب والنجوم ، من جملتها المنظومة الشمسیة .

ویرى البعض الآخر أنّ ذلک إشارة إلى الوحدة النوعیة فی مواد العالم ، بحیث کانت متداخلة فی بدایة الأمر حیث ظهرت على هیئة مادة واحدة ، لکنها انفصلت عن بعضها الآخر، وتشکلت مع مرور الزمان بترکیبات جدیدة .

وذهب جمع آخر أیضاً إلى أنّ ذلک إشارة إلى عدم نزول المطر ونمو النباتات من الأرض ، بمعنى أنّ السماء کانت فی بدایة الأمر متصلة مع بعضها الآخر ، ولم یکن ینزل المطر ، والأرض أیضاً کانت متصلة مع بعضها الآخر ، فلم یکن للنبات وجود فیها، ثم بأمر من الله تعالى انفجرت السماء ونزل المطر ، وتفتحت الأرض فخرجت النباتات .

وقد أشارت إلى المعنى الأخیر روایات متعددة من طریق أهل البیت (علیهم السلام)، وکذلک قسم من الروایات الواردة من طریق العامة(1) ، فی حین تضمنت بعض الروایات الاُخرى الإشارة إلى المعنى الأول(2) ، وتبدو الإشارة إلى هذا الاتصال أیضاً فی الخطبة الاُولى من نهج البلاغة ، وفی کل الاحوال ینسجم ظاهر الآیة مع التفسیر الأول ، علاوة على عدم وجود مانع من الجمع بین التفاسیر المتقدمة ، فمن الممکن الجمع بین کل من المعانی الثلاثة فی المفهوم الجامع للآیة .

وممّا یسترعی الإنتباه ما ورد فی قوله تعالى: ( ءَاَنْتُمْ اَشَدُّ خَلْقَاً اَمِ السَّمَاءُ بَنـه ... وَالاَرْضَ بَعْدَ ذَلِکَ دَحـهَ * اَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَ * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَ ) .(النازعات / 27 ـ 32)

وتدل هذه الآیات بوضوح أیضاً على کون السماء مخلوقة قبل الأرض ، ثم إنّ ظهور الماء والنباتات والجبال کان بعد الانتهاء منه .

وبناءً على ذلک ، یکون هذا الأمر هو الشیء الذی یؤکّد علیه العلم الحدیث ، وهو یرى أنّ الأرض وجدت بعد وجود الشمس ، ویعتبر ظهور الماء من سطح الأرض ، ومن ثم النباتات وکذلک ظهور الجبال بعد خلق الأرض .


1. راجع تفسیر نور الثقلین، ج3، ص 424، الأحادیث 52، و53، و54، و55; وتفسیر در المنثور، ج4، ص 317.
2. المصدر السابق.
1 ـ القرآن وجاذبیته العامة3 ـ القرآن وحرکة الأرض
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma