إنّ المجتمع البشری هو المصدر الرئیسی لکل تطور وتقدم علمی واجتماعی ویستطیع أن یصل إلى هدفه المطلوب عندما تحکمه روابط وثیقة ومحکمة جدّ ، وفیما عدا ذلک فسوف یتحول إلى جحیم لا یطاق یحمل فی طیاته مآسی وویلات اجتماعیة، هذا فضلاً عن عدم استثماره لمعطیاته ومکتسباته الذاتیة، فمن جانب یؤکد على الوحدة الشمولیة للعالم البشری بصفتهم أعضاء لاُسرة واحدة ، وإخوة من أب واحد وأم واحدة ، کما جاء ذلک فی سورة الحجرات الآیة 13 وأشرنا إلیه سابق .

ومن جانب آخر یعتبر المؤمنین أعضاء لکیان واحد بغض النظر عن الاختلافات الموجودة بینهم من الناحیة اللغویة والعرقیة، لذا یقول تعالى: (بَعضُکُم مِن بَعْض). (آل عمران/ 195)

ویقول فی موضع آخر : (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم اَوْلِیَاءُ بَعض). (التوبة / 71)

ولم یکتفِ بهذا الأمر فقط، فبالإضافة إلى العلاقات الإنسانیة والإیمانیة أوصى وأکد على الروابط الشخصیة أیضاً والتی تتحقق فی نطاق أضیق وأقرب .

ولذا یعتبر نقض هذا العهد والحلف جریمة کبرى ، یقول تعالى فی هذا الصدد : (الَّذِینَ یَنقَضوُنَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعدِ مِیثَاقِهِ وَیَقطَعُونَ مَا اَمَرَ اللَّهُ بِهِ اَنْ یُوصَلَ وَیُفسِدُونَ فِى الاَرْضِ اُولَئِکَ هُمُ الخَاسِرُونَ). (البقرة / 27)

ونقرأ فی سورة محمد الآیة 22 و23 قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَیْتُم اِنْ تَوَلَّیتُم اَنْ تُفسِدُوا فِى الاَرضِ وَتُقَطِّعُوا اَرحَامَکُم * اُولَئِکَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَاَصَمَّهُم وَاَعمَى اَبصَارَهُم) .

وبناءً على ذلک یرى أن قطع هذه العلاقات مقارن للفساد فی الأرض ، ومن دواعی فقدان البصیرة والجمود الباطنی .

وتنبثق أهمیّة هذه الروابط فی الإسلام من أنّ کل ما یساهم فی تحکیم العلاقات الاجتماعیة یعتبر أمراً ضروری ، حتى أنّ الکذب الذی هو من أبشع الذنوب یعدّ جائزاً لأجل إصلاح ذات البین ، وعلى العکس من ذلک فإنّ کل مایساهم فی تضعیف هذه الارتباطات وتفککها یعتبر أمراً منبوذاً ومرفوضاً تحت أی عنوان وإسم کان .