5 ـ نبوءة اُخرى عن الانتصار فی معرکة بدر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
4 ـ التنبّؤ بالهزیمة الساحقة للاعداء6 ـ الوعد بالعودة

یدور الکلام فی الآیة الخامسة عن أحد الوعود الصریحة بالنصر الذی منَّه الله على المؤمنین من قبل، یقول عز من قائل: (وَاِذْ یَعِدُکُمُ اللَّهُ اِحدَى الطَّائِفَتِینِ اَنَّهَا لَکُمْ وَتَوَدُّونَ اَنَّ غَیرَ ذَاتِ الشَّوْکَةِ تَکُونُ لَکُمْ وَیُرِیدُ اللَّهُ اَنْ یُحِقَّ الحَقَّ بِکَلِماتِهِ وَیقْطَعَ دَابِرَ الکَافِرِینَ) .

ثم یضیف على ذلک بقوله : (لِیُحِقَّ الحَقَّ وَیُبطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ کَرِهَ الُمجرِمُونَ) .

وتوضیح ذلک أنّ «أبو سفیان» سید مکة وزعیم المشرکین کان فی حال عودته من الشام على رأس قافلة کبیرة تحمل معها بضائع تجاریة تقدر بخمسین الف دینار کانت تتعلق به وبجماعة من أساطین مکة وأکابره .

وأصدر رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله) أمرا إلى أصحابه بأن یعدوا أنفسهم للهجوم على القافلة ، وذلک لتحطیم جزء من القدرة الاقتصادیة للأعداء عن طریق مصادرة أموالهم لأنّهم لم ینفکوا لحظة واحدة فی اظهار العداء للمسلمین وإیجاد العراقیل .

اطلع أصحاب «أبو سفیان» فی المدینة على هذه القضیة ممّا حدا بهم إلى ایصال الخبر إلى مسامع أبی سفیان .

فلما علم بذلک اسرع فی إرسال أحد الأشخاص إلى مکة لیطلعهم على الخطر الکبیر الذی یهدد أموالهم وممتلکاتهم ، ولم تمضِ إلاّ فترة قصیرة حتى تحرکت رجالات قریش وقواتها مع سبعمائة بعیر ومائة فارس، وکان یقود عسکرهم أبو جهل ، وقد حملت هذه المسألة على محمل کبیر من الجد والخطورة بحیث أخذ زعماء مکة یهددون بهدم بیت کل من یستطیع الالتحاق بجبهة الحرب ثم یمتنع عن ذلک .

من جانب آخر سلک أبو سفیان طریقا آخر لینجو من قبضة المسلمین وأخذ یسیر فی طریق مجهول لکی یبعد نفسه عن مواطن الخطر .

ووصل «نبی الإسلام» مع أصحابه البالغ عددهم 313 مع عدّة وعتاد حربی بسیط ولکن بقلوب مملوءة بالایمان والعزم والإرادة ـ على مقربة من منطقة بدر أحد المنازل القریبة الواقعة بین مکة والمدینة ، وجاءه الخبر هناک بتحرک جیش قریش المسلح من مکة إلى المدینة ، فبدأ یشاور أصحابه فی ذلک المکان وما یرتأونه من ملاحقة القافلة التجاریة أو الوقوف بوجه معسکر الأعداء ، فوافق البعض على مواجهة الأعداء إلاّ أنّ البعض الآخر کان یمیل باطنیاً إلى ملاحقة القافلة والسبب فی ذلک یعود إلى أنّهم لا یجدون فی أنفسهم الاستعداد الکافی لمواجهة القدرة العسکریة الهائلة للأعداء .

لکن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) اختارالمسلک الصحیح وأصدر أمراً بالتحرک باتجاه العدو ، ووصل الجیش الإسلامی إلى ناحیة بدر (وبدر هو اسم لبئر فی تلک المنطقة من الأرض نسبة إلى صاحبها الأصلی المسمى بهذا الاسم ، اطلق على جمیع هذه الأرض بعد ذلک) .

إنَّ الآیة السابقة ناظرة إلى هذه الواقعة حیث تقول : إنّ الله وعدکم أن تکون احدى الطائفتین (جیش قریش أو قافلتهم التجاریة) من نصیبکم ، إلاّ أنّکم أحببتم الحصول على الطائفة غیر المسلحة أی القافلة التجاریة ، لکن الله یرید اظهار الحق والقضاء على الکافرین .

لذا خاطب النبی المسلمین فی ذلک الموضع أنّ الله تعالى قد وعدنا أن تکون احدى الطائفتین لنا وسنتحرک باتجاه جیش الأعداء ، وسننتصر علیهم وأننا سنشاهد بأعیننا مصرع «أبی جهل» ومحل قتله ....

وتحقق هذا الوعد کما أراده الله ورسوله حیث اشتبک الجیشان مع بعضهما البعض ، وبعد حرب طاحنة وتضحیات جسیمة وردت تفاصیلها فی مجمل التواریخ الإسلامیة ، انتصر المسلمون وهزم مشرکو مکة هزیمة مُرّة بحیث خلّفوا وراءهم سبعین قتیل ، وسبعین أسیر ، ولاذ الباقون بالفرار .

وقعت هذه الحرب فی الیوم السابع عشر لشهر رمضان المبارک فی السنة الثانیة للهجرة ، وترکت تاثیراً بالغاً جدّاً فی مسیرة التاریخ الإسلامی ، بحیث إنّ مجاهدی بدر کانوا یعدونها دائماً من أمجادهم ومآثرهم العظیمة .

هنا یطرح هذا التساؤل وهو : هل کان من المتوقع وفقا للمقاییس الاعتیادیة أن یتحقق مثل هذا النصر للمسلمین بشکل أو بآخر؟ والجواب عن ذلک ، کلا لأنّه :

أول : لم یتحرک المسلمون بنیة القتال ومن الطبیعی لم تکن فی حوزتهم العدة والعتاد الکافی ، لأنّهم کانوا بهدف الاستیلاء على القافلة فاذا بهم یباغتون بجیش جرار ومسلح من قریش (طبعاً فی مقیاس ذلک الزمان) .

ثانی : من جهة الموازنة بین القوى فقط کان المسلمون یعیشون فی وضع سیء فی الظاهر فقد کان عدد أفراد جیش العدو یفوق عدد أفراد المسلمین بثلاثة أضعاف ، وکانت فی حوزتهم الخیول والجمال الکثیرة والمستلزمات الحربیة الکافیة ، فی حین کان المسلمون یمتلکون فارسین فقط ، وکانت عدتهم الأساسیة تتکون من 70 ناقة یرکبها کل واحد منهم بالتناوب .

ثالث : کان یوجد هناک أفراد أقویاء وشجعان بین صفوف جیش قریش ، وکان الوازع والدافع النفسی للحرب ناشئاً من احساسهم بأنّهم لا یرون أنّ أموالهم وثروتهم هی المعرضة للخطر فحسب ، بل کل شیء یمتلکونه هو معرض للخطر أیضاً.

لکن بالرغم من ذلک کله فإنّ الله وعد المسلمین بالنصر وفقاً للآیة الصریحة التی تقدم ذکرها، وأکّد النبی على ذلک تأکیداً بالغاً أیض .

والجدیر بالذکر أنّه قد ظهرت على مدار هذه الحادثة قضایا مختلفة عبرت عن وجود «امدادات غیبیة» من جملتها أنّ المسلمین غطوا فی نوم هادیء فی لیلة وقعة بدر بحیث أعدتهم وعبأت قواهم لیوم المنازلة، کما هطل المطر من السماء لیغتسلوا ویتطهروا ممّا هم علیه، ثم لتصبح الأرض الرخوة التی یصعب التحرک علیها صلبة ومتماسکة وصالحة للنزال، وهذا هو ما أشارت إلیه الآیات اللاحقة بالقول: (اِذْ یُغَشِّیکُمُ النُّعَاسَ اَمَنَةً مِّنهُ وَیُنَزِّلُ عَلَیکُم مِّنَ السَّمَاءِ مَآءً لِّیُطَهِّرَکُمْ بِهِ وَیُذهِبَ عَنکُمْ رِجْزَ الشَّیَطانِ وَلِیَربِطَ عَلَى قُلُوبِکُم وَیُثَبِّتَ بِهِ الاَقدَامَ). (الانفال / 11)

ملخص الکلام أنّه یتضح جیداً من مجموع الآیات المتعلقة بملحمة بدر فی القرآن الکریم مدى الاضطراب والتزلزل الروحی لدى بعض المسلمین من تزاید أفراد العدو وقدراته العسکریة وتفوقهم على المسلمین ، لذلک کان من الطبیعی جدّاً التنبوء بهزیمة المسلمین ، لکن على الرغم من کل هذه القرائن یقول القرآن: لقد وعد الله المسلمین بالنصر من قبل وانتصروا فی نهایة المطاف .

قد یقال: إنّ هذه الآیات نزلت بعد الانتصار فی بدر کما یعبر عنه لحنها وسیاقها، وعلیه لا یمکن اعتبارها جزءً من التنبؤات القرآنیة، إلاّ أنّ الاجابة عن هذا الإشکال تتضح من خلال الدقّة والتأمل فی نفس هذه الآیات، لأنّ القرآن یقول بصراحة: إنّ الوعد بالنصر قد جاءکم من قبل ثم تحقق هذا الوعد بعد ذلک .

4 ـ التنبّؤ بالهزیمة الساحقة للاعداء6 ـ الوعد بالعودة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma