5 ـ ما هی الوسائل الکفیلة لبلوغ الهدف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
4 ـ عمق تأثیره فی محیطه 6 ـ إیمانه وتضحیته فی سبیل هدفه

کل فرد أو مجموعة مضطرون من أجل الوصول إلى أهدافهم ـ إلى الاستفادة من وسائل معینة . واختبار هذه الوسائل یمکنه أن یساعد إلى حد بعید فی التعرف على اصالة وأحقیة تلک المدرسة أو على تزویرها وخداعه .

وبدیهی أنّ أولئک الذین یعتبرون الاستفادة من کل وسیلة للوصول إلى أهدافهم ـ جائزة ، ویجعلون أصل (الغایة تبرر الوسیلة) ، أو (الغایات تبرر الوسائط) برنامجهم الأصلی هم بعیدون عن الاصالة .

أمّا أولئک الذین یستخدمون الوسائل المقدسة لنیل أهدافهم المقدّسة فهم یعطون الدلیل على أحقیتهم ، ویمکن تمییز مُدّعی النبوّة الصادقین من الکاذبین عن هذا الطریق .

الأشخاص الذین لا یعترفون بأی قید أو شرط للوصول إلى أهدافهم ویعتبرون کل وسیلة مشروعة أو غیر مشروعة مباحة والذین یعتبرون مفاهیم من قبیل العدالة والامانة والصدق والاحترام للقیم الإنسانیة محترمة طالما أنّها تعینهم للوصول إلى أهدافهم وإلاّ ترکوها ونبذوها فمسلّماً أنّهم فی مُدّعی النبوّة الکاذبین .

إنَّ الأنبیاء الإلهیین هم أولئک الذین یحترمون الاُصول الإنسانیة حتى فی حروبهم ، ولا یعدلون عنها فی الشدائد والمحن مطلق ، وعند انتصارهم لا یتجاوزون أصول العدالة ، والعفو ، والتسامح مع أعدائهم ، وفی أوقات الخطر واحتمال عدم تحقیق النصر لا یلتجأون إلى الوسائل غیر الإنسانیة .

وإذا قسنا هذا الأصل الکلی مع حیاة نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) والتفتنا إلى سلوکه مع الأعداء والأصدقاء ، فی اوقات تحقیق النصر أو عدم تحقیقه ، فی الشدّة والرخاء ، فسوف ندرک جیداً أنّه کان متّبعاً لقیم خاصة فی اختیار وسائل الوصول إلى الهدف .

لم یلجأ النبیُّ (صلى الله علیه وآله) مطلقاً فی لحظات الخطر إلى استخدام أسالیب غیر إنسانیة ، بل وراعى المسائل الأخلاقیة الدقیقة حتى فی ساحة القتال .

فعند انتصاره فی (فتح مکة) أصدر (العفو العام) عن أخطر أعدائه ، وصفح حتى عن القتلة ومجرمی الحرب .

ولما سمع أحد قادة الجیش یعلن شعاراً ثأریاً ویقول :

(الیوم یوم الملحمة ، الیوم تستحل الحرمة ، الیوم أذلّ الله قریشاً) أمر فوراً بعزله وقال : لیقولوا بدل هذا الشعار (القبیح وغیر اللائق) : (الیوم یومُ المرحمة... الیوم أعزّ الله قریشاً)(1) .

وحتى حین وقف کبراء مکة صفاً لیروا حکم الرسول (صلى الله علیه وآله) بشأنهم (وکان الکثیر من الناس یتوقعون أن یشدد الرسول ویقسو على هؤلاء الأعداء الحاقدین) التفت إلیهم (صلى الله علیه وآله)وقال : «ما تظنون أنّی فاعلٌ بکم ؟» قالو : لا نظنُّ إلاّ خیراً. فقال (صلى الله علیه وآله) : «أقول لکم ماقال یوسف لإخوته : (لاَتَثْرِیبَ عَلَیکُمُ الیَوْمَ یَغَفِرُ اللَّهُ لَکُم وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمِینَ). (یوسف /92)

اَذْهَبُوا فأنتم الطلقاء ».

وعندما قتل (خالد بن الولید) أسرى بنی خزیمة بدون سبب ووصل الخبر إلى نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) . تألم بشدّة وقال مرّتین أو ثلاث : «اللّهم إنّی أبرءُ إلیک ممّا صنع خالد» ، ثم أمر علی (علیه السلام) أن یذهب مع مبلغ من المال إلى تلک القبیلة فیعطیهم دِیَة قتلاهم ویعوض ممتلکاتهم التی تضررت بالمال وأن یسعى فی جلب رضاهم(2) .

إنَّ هذه الاُمور لا یمکن مشاهدتها فی حروب عالم الیوم ، وحتى فی مهد الحضارة الصناعیة ، فقد شهد العالم افضع مآسی الانتقام فی نهایة الحرب العالمیة الاُولى والثانیة ، والجرائم التی لا تُعدّ للجیوش المنتصرة .

والآن کیف اتصف النبی (صلى الله علیه وآله) بکل هذا العفو والرحمة بین قوم نصف متوحشین ؟ هذا السؤال یجب أن یجیب علیه العقلاء والحکماء .

کان ورعه واجتنابه عن الأسالیب اللإنسانیة إلى درجة أنّه (صلى الله علیه وآله) ، یرفضها حتى ولو تهیأت مقدماتها وأسبابها بصورة طبیعیة ، ومهما بدت فی الظاهر أنّها مؤیدة له ، ففی حادثة وفاة إبراهیم ابن النبی (صلى الله علیه وآله) قیلَ : إنّ الشمس کسفت تزامنا مع هذه الواقعة ، وقال بعض
الناس : إنّها کرامة ومعجزة من قبل النبی (صلى الله علیه وآله) ، وإنّ الشمس کسفت لوفاة إبراهیم .

لکن النبی(صلى الله علیه وآله) صعد المنبر وقال : «أیّها الناس إنّ الشمس والقمر آیتان من آیات الله یجریان بأمره مطیعان له ، لا ینکسفان لموت أحد ولا لحیاته ، فاذا انکسفا أو أحدهما صلوا» ، ثم نزل من المنبر فصلى بالناس صلاة الکسوف ، فلما سلَّم قال : «یاعلی قم فجهز ابنی»(3) .

تشیر هذه القصة إلى أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) سارع إلى هذا العمل حتى قبل اجراء مراسم دفن ابنه إبراهیم کی یقضی على هذه الفکرة الخاطئة قبل شیوعها وإن کانت لصالحه ظاهراً ... إنّه لا یرید أن ینتفع من أسالیب مغلوطة وغیر مشروعة فی التقدم لنیل أهدافه ومقاصده .

و على الرغم من أنّ الحدیث قد طال حول هذا الموضوع ، ولکن لابدّ فی الختام من ذکر هذه النقطة وهی : إنّ دقائق الاُمور التی جاءت فی اداب الحرب فی الإسلام وأکد علیها النبی (صلى الله علیه وآله) وأثبت عملیا التزامه بها هی شاهد آخر على الادّعاء الآنف الذکر .

فحینما کان الجیش الإسلامی یستعد للتحرک إلى أحد میادین الجهاد ، کان النبی (صلى الله علیه وآله)یبین لهم واجباتهم الحساسة بهذه العبارات : «سیروا بسم الله وبالله وفی سبیل الله وعلى ملة رسول الله ، لاتغلو ، ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شیخاً فانیاً ولا صبیاً ولا امرأة ولا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطروا إلیه» .

وفی حدیث آخر : «... ولا تحرقوا النخل ، ولا تغرقوه بالماء ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تحرقوا زرعاً لأنّکم لا تدرون لعلکم تحتاجون إلیه ولا تعقروا من البهائم یؤکل لحمه إلاّ ما لابدّ لکم من أکله»(4) .

وکان النبی (صلى الله علیه وآله) ملتزماً بکل المبادئ الأخلاقیة السامیة إلى تلک الدرجة التی جعلته فی معرکة خیبر یرفض اقتراح من أشار علیه بقطع الماء عن الیهود المحاصرین لمدّة طویلة فی داخل قلاع خیبر القویة ، وأجابه (صلى الله علیه وآله) قائل : «إننی لا أقطع عنهم الماء أبداً» .

وعندما قال له راع لمواشی الیهود : إننی حاضر لأنّ أعطیک هذه المواشی کله ، رفض النبی (صلى الله علیه وآله) ذلک ونهاه أن یخون الأمانة التی أودعوها عنده(5) .


1. نقلت هذه القضیة بعبارات مختلفة فی بحار الأنوار ، ج21 ، ص 105 و 130; وفی حبیب السیر : ج1 ، ص 288; وتفسیر جامع البیان فی ج2 ، ص 334; وکامل ابن الأثیر ج2 ، ص 246 .
2. حبیب السیر ، ج1 ، ص 389 .
3. بحار الأنوار، ج22 ، ص 155 ، ح 13 (باب عدد أولاد النبی) .
4. جاء هذا الحدیث فی مصادر متعددة وبعبارات مختلفة ، من جملتها کتاب الوسائل، ج11 ، ص 43 باب آداب امراء السرایا وأصحابهم ، ح 2 و 3 .
5. سیرة ابن هشام ، ج3 ص 344 .
4 ـ عمق تأثیره فی محیطه 6 ـ إیمانه وتضحیته فی سبیل هدفه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma