الآیة الاولى التی وردت فی بحثنا، وهی الآیة 40 من سورة الأحزاب والتی أشارت قصة «زید»، وهو ابن الرسول(صلى الله علیه وآله) بالتبنی، حیث إنّ الرسول(صلى الله علیه وآله) تزوج من زوجته التی طلقها، وذلک من أجل القضاء على احدى السنن الخاطئة التی کانت متداولة آنذاک والتی تقضی بعدم الزواج من زوجات أدعیائهم بعد الطلاق ولکی لا تبقى بعد زواجها من غیر زوج.

والجدیر بالذکر هو أنّ زواج زید من هذه المرأة کان بواسطة الرسول(صلى الله علیه وآله)، وقد طلقها لعدم انسجامهما.

وقد نفت الآیة الکریمة القرابة النَسبیّة بین زید والرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) حیث قال: (وَمَا کَانَ مُحَمدٌ أبَا أَحَد مِن رِّجَالِکُمْ)، ثم أضافت: (وَلَکِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِییِنَ).

حیث تُثْبت لرسول الله(صلى الله علیه وآله) الرابطة الروحیة والمعنویة المتأتیة من مقام النبوة والخاتمیة ، أی أنّه لیس أباکم الجسدی ، بل هو أبوکم الروحی ، وأبو کل الأجیال اللاحقة حتى نهایة الدنی ، وإذا نقل فی بعض الروایات عن النبی (صلى الله علیه وآله) قوله : «أنا وعلی أبوا هذه الاُمّة» فهو أیضاً إشارة إلى نفس الاُبوة الروحیة التی تنبع من التعلیم والتربیة والقیادة .

ویجب الالتفات إلى أنّ للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) عدة أولاد نسبیین بأسماء (القاسم) ، (الطیب) ، (الطاهر) ، و(إبراهیم) ورحلوا جمیعهم عن هذا العالم قبل البلوغ . ولهذا السبب لم تسمیهم الآیة (رجالاً)(1) .

ضمنا هناک رابطة اُخرى بین مسألة ختم النبوة وعدم وجود الولد وهی أن أولاد الأنبیاء کانوا أنبیاء أیض ، ولأنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لا ابن له بلغ مبلغ الرجال لم یبق أی مجال للتوهم بأن سیکون بعده نبی آخر ، وعلى هذا فإنّ فقدان الولد هی إشارة إلى ختم النبوة .

ویقول فی آخر الآیة (وکان الله بکل شیء علیم) .

ووضع تحت تصرف هذا النبی الخاتم ماکان لازماً من معارف وعلوم ومسائل الاصول والفروع .

وقد اُبدی الاحتمال فی ربط بدایة الآیة بنهایته ، ففى بدایتها نفى عن النبی(صلى الله علیه وآله) اُبُوَّته الجسمیة لاُمته ، ولذا سیظهر هذا السؤال وهو : إذا کان بهذا الشکل فلماذا لا یحق لاُمّته أن یتزوجوا زوجات النبی(صلى الله علیه وآله) من بعده ؟ وفی الجواب على ذلک یقول: «إنّه رسول الله(صلى الله علیه وآله)بالإضافة إلى کونه خاتم أنبیائه وأفضلهم ، ولهذا السبب فإنّ حفظ حرمته واجب وترک الزواج من أزواجه بعد وفاته هو جزءٌ من هذه الحرمة»(2) .

1. تفسیر القرطبی; وتفسیر المیزان، ذیل الآیة مورد البحث.
2. تفسیر القرطبی، ذیل الآیة مورد البحث.