جمع القرائن دلیل متداول فی کل العلوم :

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
تمهید :1 ـ میحط دعوة النبی (صلى الله علیه وآله) والظروف السائدة هناک

للتوصل إلى الحقائق فی العلوم المختلفة یتمّ الیوم الاستفادة من طریقة جمع القرائن بشکل کبیر لکشف الجرائم ، ولتشخیص أنواع الأمراض ، ولمعرفة خصائص الشخصیات العظیمة السالفة على طول التاریخ ، ولکشف القضایا المتعلقة بعالم الخلق ، الأرض والسماء ، النباتات والحیوانات .

والفرق بین هذا الاُسلوب وأسلوب ( الاستقراء ) الذی هو أحد طرق البرهان هو : إنّنا نحصل بالاستقراء على حکم کلی عند البحث والتنقیب عن الأفراد، فعلى سبیل المثال نقوم بعدّ فقرات أفراد کثیرین ثم ندرج فی الکتب قانوناً عاماً یقول: إنّ الإنسان له کذا عدد من الفقرات .

ولکن بطریقة جمع القرائن نقوم بدراسة آثار موضوع خاص أو مایسمى ب «الجزئی الحقیقی» ثم نتوصل من مجموع تلک الآثار إلى المؤثر .

وکمثال على ذلک : حینما تقع جریمة فی نقطة ما ویؤتى بالمتهم إلى المحکمة فینکر التهمة الموجهة إلیه جملةً وتفصیلاً، مستفیداً من عدم وجود شاهد یثبت التهمة، فإنّ الحاکم الذکی لا یغلق ملفَّ القضیة بذریعة إنکار المتهم وعدم تیسّر الشاهد، بل یقوم بتجمیع القرائن عن طریق التحقیقیات المختلفة، ودراسة اُمور کثیرة اُخرى مثل :

أ) سوابق المتهم .

ب) نوع العلاقة التی تربط بین المتهم والشخص الذی وقعت علیه الجریمة، وهل هناک من خصومة أو اختلاف بینهما أم ل ؟

ج) مکان وزمان وقوع الحادثة، وهل بإمکان المتهم ایضاح المکان الذی کان فیه وقت وقوعه ؟

د) نوع السلاح أو الرصاصة التی عُثر علیها فی هذه الحادثة ، وهل أنّ المتهم یستخدم مثل هذا السلاح أم ل ؟

هـ) ملاحظة الحالة الجسدیة للمتهم والشخص الذی وقعت علیه الجنایة، وهل توجد آثار منازعة علیهما ام ل ، وهل للمتهم توضیحات لهذه الآثار أم ل ؟

و) الاحساس الذی ینعکس على المتهم عند مشاهدته رداء المقتول وآثار الجریمة، وهل تضطرب حالته أم یحتفظ بهدوئه أثناء ذلک؟

ز) الحالة النفسیة للمتهم ومقارنتها بالسابق ، هل هی متعادلة أم یسیطر علیها الاضطراب ؟

ح) عند اجابته عن أسئلة المحقق والحاکم هل ینتابه الارتباک والاضطراب والتناقض وأمثالها أم ل ؟

بالإضافة إلى مسائل اُخرى کثیرة، وقد لاتکون آحادها کافیة لإثبات الحقیقة، ولکن بحث هذه الجوانب أحیاناً لایبقی أی شک أو تردید بأنّ الجریمة نفذت من قبل المتهم، وهذا مایقوی من عزم الحاکم أو القاضی بأنّ یتابع القضیة بأناة وما أکثر ماتنتهی متابعته إلى إقرار الطرف المقابل أیض .

بل ویمکن القول: إنّ (الاقرار) هو دلیل ظنی لأنّه لوحظ کثیراً أنَّ البعض ومن أجل الهروب من قبضة العدالة أعطوا أموالاً طائلة لشخص آخر حتى یعترف بعد طمأنته بأنّهم سیخلصونه فی النهایة، وکذلک (شهادة الشهود) هی دلیل ظنی أیضاً، لأنّ احتمالها للخطأ أو التواطؤ لیست مستحیلة (لا شک أنّ شهادة الشهود والاعتراف مقبولة ، وأنّ المقصود هو أنّها دلائل ظنیة مقبولة فی نهایة الأمر، فی حین أن تجمیع القرائن یمکن قبولها عند وصولهامرحلة القطع والیقین) .

وتلاحظ فی الأحکام الإسلامیة أیضاً نماذج واضحة لهذه المسألة، وأحیاناً تمّ إثباتها حتى بواسطة قرینة حکم واحدة مثل حکایة اختلاف (العبد) و(السید) فی عصر أمیر المؤمنین(علیه السلام) عندما أمر(علیه السلام) (صوریاً) بضرب عنق العبد منهما إذ سحب أحدهما رأسه لیثبت على نفسه أنّه العبد .

أو کقصة اختلاف تینک المرأتین على ولید، وأمره (علیه السلام) صوری ـ بقطع ذلک الولید نصفین ، عندئذ تنازلت الاُم الحقیقیة لذلک الطفل عن حقها فکان موقفها ذاک دلیلاً على صدق دعواه ، وأمثال ذلک .

على أیّة حال إنّ الاستفادة من هذه الطریقة للوصول إلى نتائج قطعیة لیس فی المسائل القضائیة وحسب، بل وفی الکثیر من العلوم، وکذلک القضایا الاجتماعیة والسیاسیة المختلفة هو أمر معتاد وبنّاء ، ویمکننا أیضاً الاستفادة منه فی مسألة إثبات نبوة الأنبیاء وأحیاناً یکون تأثیره فی ایجاد الیقین والاطمئنان أکثر من تأثیر المعجزات العادیة .

بهذه الإشارة نعود إلى الآیات القرآنیة لنرى مالها من بیان حول هذا الدلیل ـ بشکله الکلی ، ثم نتجه نحو حیاة الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) لنجمع القرائن المختلفة عن حیاته ونضعها إلى جانب بعضها البعض حتى یحکم القراء علیها بأنفسهم .

فی القسم الأول وفی آیات متعددة من القرآن تلاحظ إشارات حافلة بالمعانی حول هذا الدلیل، ومن جملته :

الآیات التی تعبر عن وجود نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) بأنّه ( شاهد ) و ( سراج منیر ) و ( برهان )و ( شمس ) .

فنقرأ فی قوله تعالى :

(یَااَیُّهَا النَّبِىُّ اِنَّا اَرْسَلْنَاکَ شَاهِدَاً وَمُبَشِّراً وَنَذیر * وَدَاعِیاً اِلى اللَّه بِاَذنِهِ وَسِراَجاً مُّنِیر ) . (الأحزاب / 45 ـ 46)

فی هاتین الآیتین یقدم القرآن الکریم نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) على أنّه ( شاهد ) ، فقد ورد فی أحد التفاسیر أنّه شاهد على أحقیته، لأنّ صفاته وأخلاقه، وخططه البناءة، وسوابقه الساطعة، وأعماله، تشهد على حقانیة دینه وصدق دعوته، هذا من جهة(1) .

ومن جهة اُخرى یعرّفه بعنوان ( سراج منیر )، واننا نعرف أنّ السراج هو دلیل على نفسه ولا یحتاج لدال علیه، أو کالقول المعروف (طلوع الشمس دلیل على الشمس) .

وتعبیر ( برهان ) الذی جاء فی قوله تعالى : ( یَااَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَکُم بُرهَانٌ مِّنْ رَبِّکُم وَاَنْزَلْنَا اِلیکُم نُوراً مُّبِین ). (النساء / 174)

هو إشارة اُخرى لتلک الحقیقة ، لأنّ ( برهان ) مشتقة من مادة ( بَره ) على وزن (فرح) وتعنی الإبیضاض، ولأنّ الاستدلالات الواضحة تنیر وجه الحق وتُبیِّضه، لذا أطلق علیها برهان .

ویعتقد جمع من المفسرین أنّ المقصود من البرهان فی هذه الآیة هو ذات الرسول(صلى الله علیه وآله)(2)، والمقصود من النور هو القرآن المجید .

وبناءً على ذلک فإنّ شخص الرسول(صلى الله علیه وآله) جرى تعریفه بعنوان (برهان)، وذلک بسبب توفّر آثار وقرائن فی وجوده تنبیء بأحقیته فضلاً عن معجزاته .

وجاء فی تفسیر: (والشمس وضحاه) فی روایات متعددة أنّ ( الشمس ) هی إشارة لوجود الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) ، وأنّ (القمر) هو إشارة إلى وصیِّه بالحق(3) .

من البدیهی أنّه لایوجد دلیل لإثبات وجود الشمس سوى وجودها بالذات ، لأنّ الجمیع یطلعون على وجود الشمس المشرقة والمنیرة بمجرد طلوعها من اُفق المشرق .

وفیما عدا هذه التعابیر أشار القرآن الکریم فی آیات اُخرى إشارة واضحة إلى هذه المسألة، وأشار إلى بعض دلائل أحقیة الرسول(صلى الله علیه وآله) ومن جملتها أنّه استند إلى قضیة (اُمّیته) واعتبارها قرینة ، مثلاً یقول تعالى :

( وَمَاکُنتَ تَتلُوا مِنْ قَبلِهِ مِن کِتَاب وَلاَ تَخُطُّهُ بِیَمیِنکَ اِذاً لاَّرتَابَ المُبطِلُونَ ) .(العنکبوت / 48)

وهنا یشیر القرآن إلى أنّ الرسول(صلى الله علیه وآله) لو کان یقرأ ویکتب لکان الشک یقع بین کون القرآن منه أو من الله ، ولکن بالنظر إلى أنّه(صلى الله علیه وآله) کان اُمّیاً وأنّ القرآن الکریم کان معجزة من جوانب مختلفة فلا یبقى لأحد أی مجال للشک فی أنّ هذا الکتاب هو من قبل الله تعالى .

وهذه طبعاً قرینة واحدة فقط من القرائن الکثیرة التی تلاحظ فی وجوده(صلى الله علیه وآله)، ودلیلٌ على صدق دعوته، وکلما وضعنا مجموع هذه القرائن إلى جنب بعضها البعض لأضحت المسألة أکثر سطوعا من الشمس .

وتعبیر ( المبطلون ) یدل على أنّه حتى لو کان النبی (صلى الله علیه وآله) قد تلقى التعلیم فلا مجال أیضاً إلى أنّ نعتبر هذا الکتاب هو من بناة أفکاره، لماذ ؟ لأنّه یقینا اسمى من فکر وعلم بنی البشر ، ولکن هذا الأمر بمفرده قد یشکل ذریعة للمفسدین والمبطلین .

ونقرأ فی قوله تعالى :

( قُلْ لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَیْکُمْ وَلاَ اَدرَاکُم بِهِ فَقَدْ لَبِثتُ فِیکُم عُمُراً مِّن قَبلِهِ اَفَلاَ تَعقِلُونَ ) . (یونس / 16)

وفی الحقیقة کان النبی (صلى الله علیه وآله) یعتمد على هذه القرینة عندما یقول: إننی عشت بینکم سنین طویلة ولم تسمعوا منی مطلقاً مثل هذا الکلام (الآیات القرآنیة)، ولو کانت هذه الآیات صادرة منی فلابدّ أن تجری على لسانی خلال هذه الاربعین سنة أو لسمعتم منی قسماً منها على الأقل .

وکما یقول بعض علماء النفس: فإنّ النبوغ الفکری، واکتشاف وإبداع المسائل المستحدثة یبدأ عادة عند الإنسان من سن العشرین، وتمتد على الأکثر إلى سن 30 أو 40 سنة ، أی أنّ الإنسان إذا لم یأت حتى ذلک العمر بابتکار جدید ففی الغالب ینتفی عنده بعد ذلک .

وهذا الموضوع الذی یُعدّ الیوم کاکتشاف نفسانی کان فی الماضی غیر واضح إلى هذا الحد ، ولکن غالبیة الناس کانوا یعرفون عادة بالهدایة الفطریة أن لیس بمقدور الإنسان أن تکون له أفکار خاصة متمثلة بدین جدید وهو یعیش بین قومه وشعبه مدّة أربعین سنة ولا یظهرها مطلق ، ولهذا یقول القرآن : کیف لا تدرکون استحالة هذا الأمر؟

إنّ استناد القرآن الکریم فی آیات متعددة على (اُمّیة) النبی(صلى الله علیه وآله) له دلالات ملیئة بالمعانی، وکذلک القرائن بأنّ کیف یستطیع شخص لم یتلقَّ تعلیماً أن یأتی بکتاب بهذا المحتوى الذی لیس له نظیر، وبهذا الشمول الاستثنائی، والحقائق التی تحتفظ بطراوتها تماما بعد مضی الف سنة أو أکثر ، والذی یعتبر وصفة راقیة وناجعة لحل المشاکل الحیاتیة لبنی البشر فی الجوانب المعنویة والمادیة ؟

وممّا قیل نستنتج أنّ للقرآن الکریم اهتماماً خاصاً بهذا الدلیل (أی تجمیع القرائن) .

والآن نعود إلى الشرح والبیان التفصیلی لهذه القرائن التی اختصّ بها النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ، ونخضع الاُمور التالیة للبحث والدراسة الدقیقین :

محیط دعوته والظروف السائدة هناک.

الخصائص الأخلاقیة والنفسیة لنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) وسوابقه .

زمان دعوته من ناحیة الوضع العام فی العالم وبالخصوص فی منطقة ظهوره (صلى الله علیه وآله) .

مضمون دعوته وأسس القضایا التی یدعو الناس إلیه .

الوسائل التی یستفید منها للوصول إلى أهدافه .

انسجامه وعدم انسجامه مع متطلبات البیئة المنحرفة وکیفیة تصدیه للخرافات .

ماهیة الأفراد الذین آمنوا ومن أی طبقة وأی نوع .

میزان اعتقاده بالاهداف التی یدعو الناس إلیه .

سرعة انتشار دعوته ومستوى الاثر الذی تترکه أحکامها وقوانینها فی المجتمع .

بالإضافة إلى علائم اُخرى .


1. فی تفسیر آخر للآیة المذکورة اُعتبر النبی (صلى الله علیه وآله) کشاهد على الأنبیاء قبله . أو شاهد على أعمال اُمته یوم القیامة . فی حین لا یوجد أی تنافض أو تعارض بین هذه التفاسیر الثلاثة ویمکن جمعها فی معنى الآیة .
2. من الذین قبلوا هذا المعنى أو نقلوه باعتباره تفسیر : المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان ، والعلاّمة الطباطبائی فی تفسیر المیزان ; والمراغی ; والقرطبی فی تفسیرهما (ذیل الآیة مورد البحث) .
3. فی تفسیر البرهان، ج ، 4 ص 466 توجد خمسة أحادیث حول هذا الموضوع ، ولیس فی هذا التفسیر تعارض مع التفاسیر الاُخرى للشمس ، ویمکن جمعها کلها فی معنى الآیة .
تمهید :1 ـ میحط دعوة النبی (صلى الله علیه وآله) والظروف السائدة هناک
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma