إنَّ السنة الأخیرة من حیاة الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) هی السنة التی کانت فیها (حجة الوداع) ونزلت بها آخر سورة من سور القرآن یعنی سورة (المائدة) ، ومع نزول آخر رسالة للوحی على الرسول (صلى الله علیه وآله) أمر الله سبحانه وتعالى نبیه الکریم (صلى الله علیه وآله) أن یعین أمیر المؤمنین علی (علیه السلام)وصیاً له وخلیفة من بعده کما فی قوله تعالى: (یَااَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنْزِلَ اِلَیکَ مِن رَّبِّکَ وَاِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ اِنَّ اللَّهَ لایَهْدِى القَوْمَ الکَافِرِینَ) .(المائدة / 67)

وفی ( غدیر خُم ) ذلک المعبر الکبیر الذی کان مُفتَرقَ طرق للمجامیع التی جاءت مع الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی ( حجة الوداع ) وأمام الجمع الکبیر أدّى الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) حق الرسالة بإظهار هذا الأمر (1) .

وحلت الحادثة الکبیرة المؤلمة وهی رحیل الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) من الدنیا فی وقت کان الإسلام ثابت الأرکان من جمیع النواحی . وله أرضیة مهیأة للانتشار فی جمیع أنحاء العالم . ولذا فقد کانت توقعات الأعداء هی ذهاب الإسلام مع رحلة الرسول (صلى الله علیه وآله) ولکن خابت ظنونهم وذهبت أدراج الریاح : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَر مِّن قَبْلِکَ الخُلْدَ أَفَایْن مِّتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ ). (الأنبیاء / 34)

وقوله تعالى : (اِنَّکَ مَیِّتٌ وَاِنَّهُم مَّیِّتُونَ). (الزمر/ 30)

وقال:( کُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ المَوتِ ). (الأنبیاء/ 35)

إنّ هذا القانون شامل وعام لعالم الخلقةِ أجمع: (وَخَسِرَ هُنالِکَ المُبطِلُون). (الغافر/ 78)

وتحقق وعدالله کما ورد فی الآیة : (یُرِیدُون اَنْ یُطفِؤا نُورَ اللَّهِ بِاَفوَاهِهِم وَیَأبَى اللَّهُ اِلاَّ اَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَلَو کَرِهَ الکَافِرُونَ). (التوبة / 32)

وهکذا فإنّ هذا النور الإلهی یتألقُ یوماً بعد یوم ، وهو الآن یُنیر اُفقاً واسعاً من آفاق البشریة ، وفی کل سنة تتنور آفاق اُخرى بنور الإسلام لیزیح الظلام والظُلم عن العالم أجمع .

کان هذا شرحاً مختصراً عن المراحل المختلفة لحیاة الرسول (صلى الله علیه وآله) فی القرآن المجید ، وشرح کل مرحلة منها یحتاج إلى کتاب خاصّ ومفصّل .

الأدلة التی تثبتُ صدق دعوة رسول الإسلام / 1ـ اعجاز القرآن

1. ویمکن مراجعة تفصیل ذلک فی التفسیر الأمثل، ذیل الآیة مورد البحث.