3 ـ منشأ اختلاف اللغات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
2 ـ لقاء إبراهیم (علیه السلام) بالملائکة4 ـ عباده العجل من قبل بنی اسرائیل

من المسائل المثیرة التی کانت تقع دائماً فی قائمة الأولویات الأساسیة هی مسألة اختلاف ألسنة شعوب العالم بالرغم من تولدهم جمیعاً من وأب واحد واُم واحدة ، یقول القرآن الکریم فی هذا الصدد : (و مِنْ آیَاتِهِ خَلْقُ السَّمــواتِ وَالاَرْضِ وَاخْتِلافُ اَلْسِنَتِکُمْ وَاَلْوانِکُمْ اِنَّ فِى ذَلِکَ لاَیَات لِّلعَالِمِینَ). (الروم / 22)

إنّنا الیوم نعلم أنّ منشأ اختلاف اللغات فی الواقع یکمن فی شیئین :

أول : وجود قدرة (الابتکار) والاختراع فی ذهن البشر فهم یعمدون إلى خلق لغات جدیدة وصیاغة جمل جدیدة فی سبیل تأمین حاجاتهم الذاتیة .

وثانی : الفواصل القائمة بین الملل والشعوب ، ففی العصور السابقة عندما کانت الأقوام والشعوب تتباعد عن إحداها عن الاُخرى ، کانت تتحقق تغیرات وتحولات فی ألفاظهم وعباراتهم القائمة شیئا فشیئ ، وذلک لعدم وجود وسائل الاعلام وأخذت هذه التغیرات تتضاعف عبر آلاف السنین فبدأت اللغات والألسنة تنفصل إحداها عن الاُخرى فکان ذلک سبباً لبدایة نشوء الاختلافات فی الألسنة واللغات .

وانطلاقاً من کون اختلاف اللغات هی أحد دعائم التعرف على الأقوام المختلفة واعتبر ذلک من العوامل المساعدة والمؤثرة فی مسألة التعرف على المجتمع البشری وإذا کان القرآن الکریم یعدّ اختلاف اللغات إلى جانب اختلاف الألوان من آیاته وعلائمه فهی إشارة إلى هذه الحکمة نفسه ، لأنّ کلاً من اختلاف الألوان واللغات وسیلة وأداة للتعارف، غایة ما فی الأمر أن الأول خارج عن اختیار البشر والثانی له ارتباط واضح بالإبتکار والإبداع البشری .

والآن لننظر إلى ما تقوله (التوراة) المحرفة على صعید اختلاف اللغات .

فقد ورد فی الفصل الحادی عشر من سفر التکوین مایلی :

«وکان اللسان والکلام واحد فی جمیع أنحاء الأرض ـ وحدث عندما أخذوا بالرحیل من الجانب الشرقی «إشارة إلى أبناء نوح وقبائلهم» أن وجدوا وادیاً فی أرض شنعار «الاسم القدیم لبابل» وسکنوا فیه ـ وقال بعضهم للآخر هلموا لنصنع الآجر وذلک بحرق اللبن بالنار ، وکان الآجر یستعمل بدلاً عن الحجر ، والطین اللازب بدلاً عن الجص ـ وقالوا هلموا لنبنی لنا بلدة وبرجاً یناطح السماء ، ولنختار لنا إسماً لئلا نتفرق على وجه الأرض ـ ولان الله تعالى أراد أن یرى مایصنعه بنو البشر من بلدة وبرج، نزل ـ وقال : إنّ هؤلاء القوم مجموعة واحدة وهم على حد سواء فی اللسان وشرعوا بالقیام بهذا العمل ، ولا شیء یمنعهم عما یریدون ـ بناءه ـ تعال لننزل إلى الأسفل وهناک نقوم بخلط ألسنتهم حتى لا یفهم أحدهم لسان الآخر ـ ومن هناک عمد الله إلى تفریقهم على وجه الأرض بأکمله ، وحال دون اتمام بناء البلدة وصار سبباً لتسمیتها ببابل ، لأنّ الله خلط کل الأرض فیه ، ومن هناک فرقهم على جمیع وجه الأرض»(1) .

ووفقاً لهذه الروایة الموجودة فی التوراة ، کانت لغة جمیع الناس واحدة على وجه الأرض فی البدایة إلى أن اجتمع أبناء نوح وقبائلهم فی (شنعار) بابل ، وصمموا على عمل مهم ، وهو بناء بلدة کبیرة وبرجاً عالی ، ولم یکن هذا العمل مرضیاً عند الله تعالى ، فکان قلقاً من تحرکهم ومایؤول ذلک من نتائج لذا قال لبعض الملائکة هیا اهبطوا إلى الأرض لایجاد الاختلاف فی السنتهم حتى یتفرقوا (فأوجد الاختلاف بینهم حتى افرض هیمنتی الإلهیة) ووقع هذا الأمر ، ونظرا لعدم فهم أحدهم للغة الآخر انتشروا فی البقاع المختلفة ، وحال دون اتمام بناء البرج العظیم .

وقد أشیر فی کتاب (أعلام القرآن) إلى وجه تسمیة «بابل» بهذا الاسم بالقول :

(رواة القصة ظنوا أنّ لفظة «بابل» مأخوذة من بلبل وقالوا إنّ الناس اجتمعوا فی هذه المدینة بعد طوفان نوح وشیدوا فیها برجاً لتصبح علامة على مرکزیتهم وشکلوا فیها المجامیع الرسمیة ولکنهم عندما ناموا فی اللیل واستیقظوا فی الصباح اختلفت ألسنتهم واخذ کل منهم یتکلم بلغة جدیدة، وعلى أثر عدم حصول التفاهم بینهم افترقوا فی أنحاء العالم ونشأ من کل واحد منهم شعب من الشعوب(2) .

هذه الاسطورة تنطبق تماماً مع مانقلناه سابقاً فی متن التوراة التی دلت على أنّ الاختلاف فی اللغات تحقق من قبل الله تعالى من أجل مقارعة قدرة المجتمع البابلی .

إلاّ أنّ السید «هاکس» مؤلف کتاب «القاموس المقدس» له کلام آخر لتبریر ما ورد من جمل فی التوراة إذ یقول : «کانت الدنیا بأجمعها تمتلک لهجة ولغة واحدة إلى حدود الألفین عام تقریباً... لکن بعد مائة سنة من الطوفان ، أی فی زمن عصیان الکوشیون(3) فی بابل ، أوجد الله تعالى بشکل خارق للعادة الاختلاف فی لغاتهم ، وبسط ولایته على وجه الأرض مع هذه الأقوام المختلفة والألسنة المتنوعة»(4).

وفی موضع آخر یقول :

«بناء على عدم کون هذه المسألة وهی (بناء البرج العالی) موافقة للإرادة الإلهیة أوجد الله تعالى الاختلاف فی ألسنتهم بحیث لم یکن بمقدور أحدهم أن یفهم کلام الآخر ولهذا السبب انتشروا فی جمیع بقاع المعمورة وتحققت على إثر ذلک اُمنیة الله تعالى وتعمرت الأرض»(5) .

هذه التعابیر توحی إلى أنّ الغایة الإلهیّة من ایجاد هذا التبعثر فی لغة مجتمع بابل ، هی العمران والتشیید ، والحال أنّ التوراة فی العبارة التی نقلناه تقول بصراحة: إنّ الهدف من ذلک لم یکن سوى إضعاف مجتمع بابل وکسر قدرتهم ووحدتهم وشوکتهم ، إلاّ أننا نعلم على کل حال بأنّ منشأ اختلاف اللغات لم یکن مثل هذا الأمر على الاطلاق ، وأنّ العامل الأساسی لهذا الأمر هو مرور الزمان وتباعد الأقوام فیما بینهم ، ولازال الحدیث فی المطلب متواصلاً أیض .


1. التوراة، سفر التکوین، الفصل 11 ، من الجملة 1 إلى 9 .
2. اعلام القرآن، ص 238 .
3. «کوشیان»، هو اسم والد نمرود .
4. القاموس المقدس، مادة (اللغة) .
5. المصدر السابق، مادة (بابل) .
2 ـ لقاء إبراهیم (علیه السلام) بالملائکة4 ـ عباده العجل من قبل بنی اسرائیل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma