رسائله (صلى الله علیه وآله) إلى ملوک العالم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
صلحُ الحدیبیة فتحٌ کبیرٌ وتقدمٌ للإسلام:تمهید :

وتعاظمت فی هذه الأثناء قدرة الإسلام وتوسع نفوذه فانتشر أول شعاع لشمسه خارج الجزیرة العربیة ، وقام الرسول بإرسال سفراء محملین برسائل إلى کسرى (ملک ایران) ، وقیصر (حاکم الروم) (1) ، والنجاشی ( حاکم الحبشة ) ، والمقوقس ( حاکم مصر )(2) وإلى عدّة اُخرى من الرؤساء والحکام أداءً لتکلیفه الإلهی ولدعوتهم إلى الإسلام فکان جواب بعضهم إیجابیاً، وسکت بعضهم الآخر ماعدا خسرو برویز (شاه ایران) وهذا دلیل على إمّ : أنّ التبلیغ الإسلامی الصحیح قد وصلهم فاطلعوا على حقائق الإسلام، أو أحسّوا بقدرته ووصلتهم أخباره فکان صلاحهم فی عدم المواجهة العسکریة مع المسلمین (3) .

ولم یبقَ من مراکز المؤامرات إلاّ خیبر مرکز الیهود(4) الذی یجب القضاء علیه .

لذلک فقد صمّم الرسول (صلى الله علیه وآله) فی السنة السابعة للهجرة على اخضاعه مع قبیلة یهودیة اُخرى کانت تقطن أرض فدک .

بعد ذلک تجاوز الإسلام کل الموانع والعقبات التی کانت أمامه وارتفعت رایته عالیة بالنصر المبین .

وفی هذه المرحلة وصل الإسلام فی الجزیرة العربیة إلى أوج العظمة والازدهار واستغل الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) فرصة الاستفادة من صلح الحدیبیة للذهاب إلى زیارة بیت الله لأداء فریضة حج العمرة .

وبعد أن رجع الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) من خیبر فی شهر ذی الحجة أعلن للمسلمین الذین ذهبوا معه العام الماضی للعمرة أن یتهیأوا إلى السفر فی العام الحالی (5) فلما سمع أهل مکة بهذا الخبر ترکوا بیوتهم وفروا لاجئین إلى الجبال ( وفقاً للصلح الذی اتفقوا علیه) ، ودخل المسلمون مکة رافعین رؤوسهم .

عند ذلک أعلن الرسول (صلى الله علیه وآله) بقوله : «رحم الله امرأً أراهم الیوم من نفسه قوّةً» وبهذا الاُسلوب استطاع المسلمون أن یحققوا آمالهم فی زیارة بیت الله سبحانه وهم یعرضون عظمة وقدرة الإسلام أمام أهل مکة(6) .

وعند حلول السنة الثامنة من الهجرة وسّع الرسول (صلى الله علیه وآله) دائرة نفوذ الإسلام ، فأرسل سریة ( غالب بن عبد الله اللیثی ) إلى ( بنی الملوح ) ، و( العلاء بن الحضرمی ) ، إلى(البحرین) ، وحسب أحد الأقوال أرسل سریة ( شجاع بن وهب ) إلى ( بنی عامر ) ، وسریة ( عمرو بن کعب الغفاری ) ، إلى ( ذات الاطلاح ) ، فی أحد نواحی الشام .

وفی هذه السنة بعث الرسول (صلى الله علیه وآله) ( عمرو بن العاص ) إلى أرض ( بلی وعُذْرة ) لیدعوهم إلى الإسلام ، فوقعت غزوة ( ذات السلاسل ) (7) .

وفی السنة نفسها أرسل(صلى الله علیه وآله) ( عمرو بن العاص ) نحو ( جیفر وعیاز ) إبنی الجلندی فی عمان لیدعوهم إلى الإیمان ، ویأخذ ( الجزیة) من المجوس .

کما أرسل جیشاً بقیادة ( أبی عبیدة الجراح ) فحدثت غزوة ( الخبط ) التی وافقت السنة الهجریة نفسها وأرسل(صلى الله علیه وآله) أیضاً سرای ( أبی قتادة ) للوقوف بوجه من جهز جیشاً لمحاربة الرسول (صلى الله علیه وآله) وحدثت أیضاً غزوة ( مؤتة ) (8) فی أرض مؤتة وهی إحدى القرى فی الشام .

وکان عدد المسلمین المشترکین فی هذه الغزوة ثلاثة آلاف مقاتل ، وقد استشهد فیها عدد من قادتهم فکان ذلک سبباً لشعور المسلمین بالضعف الذی یعدُ نصراً للأعداء ، غیر أنّه سرعان ما تهیأت أسباب فتح مکة حیث إنّ قبیلة ( خزاعة ) کانت حلیفة للرسول (صلى الله علیه وآله)وقبیلة ( بنی بکر ) حلیفة لقریش، فبغت قبیلة ( بنی بکر ) على ( خزاعة ) وساندتها قریش، أتاح للرسول (صلى الله علیه وآله) التدخل لنصرة ( خزاعة) فأمر (صلى الله علیه وآله) بتجهیز جیش لغزو مکة وتمکن بعشرة آلاف من المسلمین وبخطة عسکریة حکیمة من السیطرة على مکة وفتحها بدون قتال .

وبلغ المسلمون آمالهم فی الدخول إلى بیت الله الآمن مطهراً من دنس الجاهلیة والأوثان .

وعندما رأى ( أبو سفیان ) کثرة المسلمین وقدرتهم انبهر بعظمة الإسلام فصرح إلى ( العباس ) بقولهِ : « لقد أصبح ملک ابن أخیک عظیم » فأجابه العباس : « ویحک إنّها النبوّة »(9).

وصل الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) إلى الکعبة ووقف فی بابها بعمامته السوداء منادیاً بالشعار المعروف لنبذ آداب واعراف الجاهلیة بقوله (صلى الله علیه وآله) : «لا إله إلاّ الله وحدهُ صَدقَ وعدهُ ونَصرَ عبدَهُ ، وهَزمَ الأحزاب وحدهُ » ، ثم أضاف (صلى الله علیه وآله) : «ألا کُل دَم فی الجاهلیة ـ أو مأثرة أو مال یُدعى فَهو تحت قدمیّ هاتین إلاّ سدانة البیت وسَقایة الحاج » ، ثم قال : «یا معشر قریش ما تَرون أنّی فاعل بکم» ؟ قالو : «خیراً أخ کریمٌ وابن أخ کریم» ، قال :«اِذهَبوا فأنتُم الطُلَقاء»(10) .

ثم أرسل الرسول (صلى الله علیه وآله) مجموعة من الجیش لاطفاء الفتنة التی حدثت بین القبائل فی اطراف مکة(11) وللوقوف بوجه هوازن التی کانت مصرّة على قتال المسلمین واشتبک المسلمون مع هوازن فی ( حنین ) وردوا بغیهم إلى نحورهم (12) . وبعدها حاصروا الطائف واجبروهم على التسلیم (13) .

عندما حلت السنة التاسعة للهجرة تنفس المسلمون الصُعَداء بتدمیر کل مراکز المؤامرات التی کان یحوکها المشرکون والیهود والنصارى ، وبرزت قوة جدیدة إلى الوجود ، فأسلمت بعض القبائل المحیطة على یدیها وخضع لها بعضها الآخر .

وفی خضم هذه الحوادث جاء خبرٌ مفاده أن ( هرقل ) امبراطور الروم وعدداً من العرب الذین اعتنقوا النصرانیة یریدون الهجومَ على بلاد الإسلام ، فأعلن الرسول (صلى الله علیه وآله) أن یعدّ المسلمون أنفسهم للحرب مع الروم .

ونقل أرباب التاریخ أن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) أعلن عن مکان الحرب ولم یتکتم علیه خلافاً لعادته فی الحروب السابقة . ربّما لبُعد الطریق وأمثال ذلک ولکن یبدو أنّ هدفه کان بث الرعب فی قلوب الأعداء وقد جهز جیشاً بصعوبة بالغة وبمعدات قلیلة وسُمی ب ( جیش العسرة ) واتجهوا إلى ( تبوک )(14) وعند وصولهم إلیها ومرورهم ب ( میناء ایله ) فوافق حاکمها على اعطاء الجزیة وتعاهد مع المسلمین على الصلح (15) . ثم أرسل(صلى الله علیه وآله) خالد بن الولید إلى حاکم ( دومة الجندل ) فقبل الجزیة أیضاً (16) .

وظل رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی تبوک خمسة عشر یوماً تقریباً ولکن جیش الروم تخلف عن المجیء فرجع الرسول (صلى الله علیه وآله) إلى مکة (17) .

وفی هذه السنة جاءت مجموعة من ثقیف وأعلنت إسلامها بین یدی الرسول (صلى الله علیه وآله) (18) ، وأمر الإمام علی (علیه السلام) بتطهیر قبیلة ( طی ) من دنس الأوثان فحاربهم وانتصر علیهم وأسّر بنت حاتم الطائی وعلى أثر ذلک دخل الإسلام ( عدی بن حاتم و...) (19) .

إنّ فتح مکة ودخول بنی ثقیف الإسلام والفراغ من تبوک کانت مؤشرات على عظمة الإسلام وصدق هذا الدین فتوافد کثیر من القبائل على الرسول (صلى الله علیه وآله) واطلعوا تدریجیاً على معارف الإسلام وعظمته فاعتنق بعضهم الإسلام وبعض عقد صلحاً وترک الحرب مع الرسول فسُمی ذلک العام ( بعام الوفود ) (20) ، فجاء وفد ( بنی اسد ) إلى الرسول (صلى الله علیه وآله) قائلین : « أتیناک قبل أن تُرسل إلینا رسول » ووفد ( بلى ) ، ووفد ( زاریین ) ، ووفد ( بنی تمیم )(21) .

و وصلت رسائل کثیرة من ملوک وسلاطین ( حِمْیر ) تدل على قبول قدرة وحکومة الإسلام (22) .

وکذلک جاء وفد ( بهراء ) ووفدُ ( بنی البکاء ) ووفدُ ( بنی فزارة ) ، ووفد ( ثعلبة بن منقذ ) ، ووفد ( سعد بن بکر ) (23) .

ونزلت سورة البراءة وقرأها الإمام علی (علیه السلام) معلناً البراءة من الشرک وعبادة الأوثان ومنع المشرکین من الدخول إلى مکة للحج .

« فأقام الناس الحج وحجت العربُ الکفّار على عادتهم فی الجاهلیة وعلیُّ ](علیه السلام) [یؤذن ببراءة فنادى یوم الأضحى : لا یحجنَّ بعد العام مُشرِکٌ ولا یَطوفنّ بالبیت عُریانٌ ومن کان بینهُ وبین رسول اللهِ عهد فأجلُهُ إلى مدّتهِ » (24) .

وحَلَّ العام العاشر للهجرة وصوتُ الإسلام یدوی فی کل مکان ، فجاء نصارى ( نجران ) إلى المباهلة ، ثم قبلوا الصُلح بدونه : « وصالحوه على ألفی حُلّة ثمنُ کـل حُلّـة أربعون درهمـاً وعلـى أن یُضیّفوا رُسُـلَ رسـول الله ](صلى الله علیه وآله)[ وجعـل لهـم ذمَّـةَ الله تعالـى وعَهـدهُ ألاّ یفتنوا عـن دینِهم ولا یُعشِـروا وشـرط علیهـم أن لا یأکلوا الربا ولا یتعاملوا به»(25) .

وتوالت الوفود تلو الوفود إلى المدینة لتعلن وفاءها للاسلام والرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) ، فجاء وفد ( سلامان ) ، ووفد ( غبشان ) ، ووفد ( عامر ) ، ووفد ( ازد ) ، ووفد ( مراد ) ، ووفد ( زبید ) ، مع ( عمرو بن معدی کرب ) ، ووفد ( عبد قیس ) ، ووفد ( بنی حنیف ) ، ووفد ( کندة ) ، ووفد ( محارب ) ، ووفد ( رهاویین ) ، ووفد ( عبس ) ، ووفد ( صَدف ) ، ووفد ( خولان ) ، ووفد ( بنی عامر ) ، ووفد ( طی )(26) .

وقد تجلّت قوّة الإسلام فی حجة الوداع فبناءً على ماذکر فی بعض الروایات فإنّ مجموع المسلمین الذین ذهبوا لزیارة بیت الله الحرام وحضرو ( حجة الوداع ) کان أکثر من مائة الف شخص ، ویعد هذا الاجتماع من أکبر الاجتماعات الدینیة فی ذلک العصر ، کما تعکس ذلک أیضاً خطب الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی سفره سواء کانت فی مکة ، أم فی عرفات ، أم فی منى أم فی غدیر خُم ، لتعیین الخلیفة والوصی من بعده وقد جاء فی التاریخ مایلی : « فأرآهم مناسکهم وعلمهم سنن حجهم وخطب خطتبهُ التی بیّن فیها للناس ما بیّن وکان الذی یبلغ عنه بعرفة ( ربیعة بن اُمیة بن خلف ) لکثرة الناس ، فقال بعد حمد الله : « اَیّها الناس اسمعوا قولی فلعلی لا ألقاکم بعد عامی هذا بهذا الموقف أبد . أَیّها الناس إنّ دماءکم وأموالکم علیکم حرامٌ کحرمة یومکم هذا وکل ربا موضوع لکم رؤوس أموالکم وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضـوع کُلّـهُ وکـل دم کـان فـی الجاهلیة موضـوع أَیّها النّـاس إنّ الشیطـان قـد یئس أن یُعبـد بأرضِکـم هـذه أبداً ولکنّه یُطاع فیمـا سوى ذلک وقـد رضی بما تحقـرون من أعمالکم ... »(27) .

جاء فی تاریخ حجة الوداع : أنّه أثناء ذهاب الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) إلى الحج کان قد اجتمع خلق کثیر فی المدینة على الرغم من انتشار أحد الأمراض الذی منع حج کثیر منهم : « ومع ذلک کانت معهُ جموع لا یعلمها إلاّ الله ، وقد قیل إنّه خرج معهُ تسعون الف ، ویقال : مائة الف وأربعة عشر الفاً وقیل : مائة الف وعشرون الف ، وقیل : مائة الف وأربعة وعشرون الف ، ویقال أکثر من ذلک وهذه عدةُ من خرج معه وأمّا الذین حجوا معه فأکثر من ذلک کالمقیمین بمکة والذی اتوا من الیمن مع علی ](علیه السلام) [وأبی موسى »(28) .

ولو یمکن تقدیر عدد المسلمین الذین لم یستطیعوا الحجّ لتبین مقدار ما وصلت إلیه شوکة الإسلام .

وأخیراً جهّز الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) قبل وفاتهِ جیشاً بقیادة ( أُسامة ) لحرب دیار الشامات ( بصرى ) فتخلف بعضهم عن أمر رسول الله (صلى الله علیه وآله) .


1. تفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 288 .
2. الکامل، ج 1 ، ص 591 .
3. الکامل، ج 1 ، ص 591 ; تفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 298 ; وسیرة ابن هشام، ج 3 ، ص 342 .
4. تفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص390 ; وسیرة ابن هشام، ج 4 ، ص12 .
5. المصدر السابق.
6. الکامل، ج 1 ، ص 602 .
7. سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 272 .
8. سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 15 ; و تفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 318 .
9. الکامل، ج 1 ، ص 614 .
10. الکامل، ج 1 ، ص 620 .
11. الکامل، ج 1 ، ص 618 ; سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 70 .
12. الکامل، ج 1 ، ص 624 ; وسیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 80 ; وتفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 344 .
13. الکامل، ج 1 ، ص 628 ; وسیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 122 .
14. الکامل، ج 1 ، ص 635 ; سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 159 ; وتفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 373 .
15. الکامل، ج 1 ، ص 638 .
16. الکامل، ج 1، ص 638 .
17. الکامل، ج 1، ص 638.
18. المصدر السابق، ص 640 .
19. المصدر السابق.
20. الکامل، ج 1 ، ص 641 ; وسیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 205 .
21. الکامل، ج 1 ، ص 642 .
22. سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 235 .
23. الکامل، ج 1 ، ص 644 .
24. الکامل، ج 1 ، ص 644 ; سیرة ابن هشام، ج 4 ، ص 190 .
25. الکامل، ج 1 ، ص 646 .
26. الکامل، ج 1 ، ص 647 ـ 649 ; وللاطلاع على غزوات وسرایا الرسول (صلى الله علیه وآله)) یمکن الرجوع إلى سیرة ابن هشام ج 4 ، ص 256 ; الکامل، ج 1 ، ص 252 ; وتفسیر جامع البیان، ج 2 ، ص 404 .
27. الکامل، ج 1 ، ص 652 .
28. سیرة الحلبی، ج 3 ، ص 283 ; وتواریخ اُخرى نقلاً عن الغدیر، ج 1 ، ص9 وهو مصدر جامع لمن أراد أن یستزید .

 

صلحُ الحدیبیة فتحٌ کبیرٌ وتقدمٌ للإسلام:تمهید :
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma