أول : الشمولیة والسعة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
مزایا القوانین القرآنیة:ثانی : تقویة الروابط الاجتماعیة

بالرغم من أنّ القرآن نزل فی محیط مغلق من جهات مختلفة ، ومحدود فی ارتباطه مع عالم ما وراء شبه الجزیرة العربیة، وکان الطابع الذی یسود ارجاءه هو طابع القومیة والعنصریة والحیاة القبلیة، فکان من الطبیعی حتماً أن یصطبغ مثل هذا المحیط بصبغة القومیة العربیة ، بل بصبغة التعصب القبلی ممّا یلفت النظر إلى أنّ القوانین لم تصطبغ بهذه الصبغة بأی شکل من الأشکال حتى أنّه لم یرد الخطاب بـ (یا أیّها العرب) ولا مرّة واحدة فی القرآن، بل إنّ الخطاب کان موجهاً إلى عامة الناس فی کل المواضیع والخطابات حیث
ورد بصیغة یا بنی آدم(1) ویّا أیها الناس(2) ویا أیّها الذین آمنوا(3) ویاعبادی(4) ویا أیّها الإنسان(5) ـ فالمخاطبین فی القرآن هم جمیع أهل العالم، وقوانینه ناظرة إلى البشریة جمعاء .

وممّا یدل على هذا المدعى أیضاً هذه الآیة: (وَمَا اَرْسَلْنَاکَ اِلاَّ رَحمَةً لِلعَالَمِینَ). (الأنبیاء/107)

والآیة: (تَبَارَکَ الَّذِى نَزَّلَ الفُرقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلعَالَمِینَ نَذِیر). (الفرقان / 1)

والآیة: (اِنْ هُوَ اِلاَّ ذِکْرٌ لِّلعَالَمِینَ). ونظائرها. (یوسف / 104)

لقد نبذ القرآن التمییز العنصری ـ فی ذلک المحیط العنصری ـ بحیث أولى اهتماماً کبیراً وعنایة فائقة للأواصر الأخویة ولجمیع أبناء البشریة من خلال اطروحته الرائعة المتضمنة هذا المعنى «أنتم جمیعاً أبناء آدم وخلقتم من أب واحد واُم واحدة» فأنتم جمیعاً اُخوة لاُسرة واحدة ، یقول عزّ من قائل فی هذا المضمار : (یَا اَیُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقنَاکُم مِّن ذَکَر وَاُنثَى وَجَعَلْنَاکُم شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا اِنَّ اَکْرَمَکُم عِندَ اللَّهِ اَتْقَاکُم). (الحجرات / 13)

وفی موضع آخر ینفی کافة الارتباطات المحدودة ویبلور العلاقة القائمة بین المؤمنین فی إطار الاُخوة والصداقة التی هی من أقرب العلائق التی تقوم على أساس المساواة والمواساة، إذ یقول عز من قائل : (اِنَّمَا المُؤمِنونَ إخوَةٌ). (الحجرات / 10)

وممّا یدعو إلى الانتباه والالتفات إلى ما فی هذه الآیة هو مجیء کلمة «إنّما» التی تستعمل للحصر ، هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى أحاطت هذه القوانین بشمولیتها سائر أنحاء الحیاة البشریّة بدءاً بأهمّ المسائل الاعتقادیّة (کالتوحید) وانتهاءً بأبسط المسائل الأخلاقیّة والاجتماعیة ، (کالرد على السلام وعلى أی لون من ألوان التحیة والاستقبال) ، فعلى سبیل المثال یقول تعالى فی أحد المواضع : (وَاِذَا حُیِّیتُم بِتَحَّیة فَحَیُّوا بِاَحْسَنَ مِنْهَا اَوْ رُدُّوها اِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلَى کُلِّ شَىء حَسِیبَ). (النساء / 86)

وقد ضمَّ القرآن الکریم بین دفتیه آیةً تُعدُّ من أطول الآیات القرآنیة التی دار الحدیث فیها حول کتابة الدیون والحقوق ، فقد ذکر فیما یتعلق بهذه المسألة عشرین حکماً إلهی ، وهی (الآیة 282 من سورة البقرة) وهذا إن دل على شیء فإنّما یدل على أن تطرق القرآن للمسائل المرتبطة بالعقائد والمعارف الإسلامیة لایتنافى بتاتاً مع بیانه للأحکام الضروریة العملیة أیض ، ولا نقصد من ذلک أنّه قد تمّ بیان جمیع جزئیات الأحکام والقوانین على صعید الظواهر القرآنیة ، لأنّ ممّا لا یقبل الشک أنّ حجمها یعادل أضعاف حجم القرآن ، وإنّما المقصود أنّه تعالى قد بیَّن الاصول والقواعد الضروریة فی کل مورد من الموارد القرآنیة .

ولا یضیر فی هذا المجال أن نشیر إشارات مختصرة إلى مقتطفات من هذه الأصول :

1 ـ أکَّدَنا أنّ القرآن الکریم استند فی المسائل الاعتقادیة قبل کل شیء على (أصل التوحید) ، وقد ذکر هذا المفهوم مئات المرات فی الآیات القرآنیة ، بحیث رسم الخطوط العریضة لأدقّ المفاهیم التوحیدیة إلى أن یقول فی صدد الحدیث عن ماهیة الله تعالى : (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَىءٌ). (الشورى / 11)

وقد بین صفاته الجلالیة والجمالیة فی مئات الآیات، ویمکنکک فی هذا المجال مراجعة المجلد الثالث من هذا الکتاب (نفحات القرآن) ، ولا یقتصر الأمر عند تعریفه بوحدانیة الله من کل جهة ، بل یعتبر نبوة الأنبیاء دعوة واحدة أیض ، بحیث لا یرى وجود الاختلاف والتفرقة بینهم ، لذا یقول : (لاَ نُفَرِّقُ بَیْنَ اَحَد مِّن رُسُلِهِ). (البقرة / 285)

وبالرغم من حمل کل واحد منهم مسؤولیة خاصة به وفقاً للمتطلبات الزمنیة التی یعیش فیها کل نبی ، إلاّ أنّ حقیقة دعوتهم وجوهرها واحدة فی کل المواقع. بالإضافة إلى أن مسألةالتوحید تفرض سیطرتها على مرافق المجتمع الإنسانی أیض ، وکما قلنا سابق : یعتبر أفراد البشر أعضاء لأسرة واحدة ، ویعبّر عنهم بالأخوة المولودین من أب واحد وأم واحدة .

2 ـ «العدالة الاجتماعیة» وتعتبر من أهم تعالیم الأنبیاء یقول تعالى: (لَقَدْ اَرْسَلْنَا رُسُلَنا بِالبَیِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الکِتَابَ وَالمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالقِسطِ). (الحدید / 25)

وتعقیباً لهذه الغایة فقد حرّض الله تعالى کافة المؤمنین على هذا الأمر سواء کونهم کباراً أو صغار ، شیباً أو شباب ، وبغض النظر عن انتمائهم العنصری أو اللغوی ، فیقول : (یَااَیُّهَا الَّذینَ آمنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ بِالقِسطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى اَنْفُسِکُم اَوِ الوَالِدَینَ وَالأَقرَبِینَ). (النساء / 135)

3 ـ وأما على صعید «الروابط الاجتماعیة» والاتفاقیات وکل عهد ومیثاق فیدعو الله الجمیع إلى الالتزام بهذا الأصل ، ویقول : (یَااَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اَوْفُوا بِالعُقُودِ). (المائدة / 1)

ویقول أیض : (وَاَوفُوا بِالعَهْدِ اِنَّ العَهْدَ کَانَ مَسْؤُول). (الاسراء / 34)

إنّ امتداد وسعة هذه الآیات شملت حتى المعاهدة والمفاوضة مع غیر المسلمین ، وفرضت سیطرتها على العلاقات الاجتماعیة والفردیة والاتفاقیات الدولیة أیض .

4 ـ وعلى صعید «الوقوف بوجه الاعتداءات» ، وتفادی الاحباطات ، یقول تعالى فی عبارة مختصرة ودقیقة جدّ : (فَمَنِ اِعْتَدَى عَلَیکُم فَاعْتَدُوا عَلَیهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَیکُم وَاَتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا اَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِینَ). (البقرة / 194)

5 ـ وعلى صعید «الدفاع» یقدم اطروحة أصیلة ومتینة عامة متجسدة بقوله تعالى : (وَاَعِدُّوا لَهُم مَّااستَطعتُم مِّن قُوَّة وَمِن رِّبَاطِ الخَیلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّکُم). (الانفال / 60)

وفی هذا الصدد یوصی «بإعداد القوة وتعبئة القوى بصورة عامة» ، وتجهیز القدرة الحربیة لذلک العصر بصورة خاصة «بعنوان أحد المصادیق» وذلک من أجل الحد من وقوع الحرب ، والارهاب ، وإلقاء الرعب فی قلوب الأعداء ، وهذا من الأهداف المنطقیة الکبرى لتقویة البنیة العسکریة .

6 ـ وأما من ناحیة المناوشات الکلامیة والنزاعات التی تقع بین أصحاب المذاهب والرقباء الاجتماعیین فله وصیة اخرى یقول فیه : بدلاً من المقابلة بالمثل وإعداد القوى استخدموا أسلوب مقابلة الضد بالضد ، وردّوا القبیح بالحسن کی تُقتلع بذرة النفاق والعداوة من جذوره ، یقول عزّ من قائل : (ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ اَحْسَنُ فَاِذَا الَّذِى بَیْنَکَ وَبَیْنَهُ عَدَاوَةٌ کَاَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِیمٌ * وَمَا یُلَقَّهَا اِلاَّ الَّذِینَ صَبَرُوا وَمَایُلَقَّاهَا اِلاَّ ذُو حَظّ عَظِیم). (فصلت / 34 ـ 35)

7 ـ أما بصدد «المصیر الإنسانی» یقول بصراحة : إنّ مصیر کل شخص بیده ، وموقوف على جهده وسعیه : (کُلُّ نَفس بِمَا کَسَبَتْ رَهِینَةٌ). (المدثر / 38)

(وَاَن لَّیسَ لِلإِنَسانِ اِلاَّ مَا سَعَى * وَاَنَّ سَعیَهُ سَوفَ یُرَى). (النجم / 39 ـ 40)

8 ـ وحول «حریة العقیدة» وإنّه لا یمکن النفوذ فی الحیز الفکری لشخص معین إلاّ عن طریق الاستدلال وتوضیح معالم الدین یقول تعالى: (لاَ اِکرَاهَ فِى الدِّینِ قَدْ تَّبَیَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَىِّ). (البقرة / 256)

وفی مجال «حریة الإنسان» یقول : إنّ أحد الأهداف المهمّة لبعثة نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) هو اطلاق سراح الناس من قیود وسلاسل الأسر والعبودیة : (وَیَضَعُ عَنْهُمْ اِصْرَهُم وَالاَغْلاَلَ الَّتِى کَانَتْ عَلَیِهْم). (الأعراف / 157)

ولهذه الأغلال مفهوم واسع بحیث تشمل کافة أنواع سلب الحریة الإنسانیة .

9 ـ وفی صدد «عدم التدخل فی الأمور الشخصیة للآخرین» ، والمحافظة على کرامة الأفراد ، وعدم هتک حرمتهم یقول تعالى: (یَااَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اجتَنِبُوا کَثِیرَاً مِّنَ الَظَّنِّ اِنَّ بَعضَ الظَنِّ اِثمٌ وَلاَتَجَسَّسُوا وَلاَ یَغْتَبْ بَّعضُکُم بَعْض). (الحجرات / 12)

10 ـ ومن المبادیء التی أکد علیها القرآن الکریم هو مبدأ «التعایش السلمی» مع کافة الأفراد المسالمین الذین یعدونهم من أهل التفاهم والحوار فی الأهداف المشترکة ، أو على الأقل من الذین اتخذوا طریق الحیاد والاعتدال ، لذا یقول تعالى: (لاَّیَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَم یُقَاتِلُوکُم فِى الدِّینِ وَلَمْ یُخرِجُوکُم مِّن دِیَارِکُم اَنْ تَبَرُّوهُم وَتُقسِطِوُا إِلَیهِم اِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ المُقسِطِینَ) ، ثم یعقب على ذلک بقوله : (اِنَّمَا یَنَهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ قَاتَلوُکُم فِى الدِّینِوَأَخرجُوکُمْ مِّن دِیَارِکُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخرَاجِکُمْ اَنْ تَوَلَوْهُمْ وَمَن یَتَولَّهُمْ فَأُولَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (الممتحنة / 8 ـ 9)


1. وردت 5 مرات .
2. وردت 20 مرّة .
3. وردت 80 مرّة .
4. وردت 5 مرات .
5. وردت مرّتین .
مزایا القوانین القرآنیة:ثانی : تقویة الروابط الاجتماعیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma