8 ـ إنّا أعطیناک الخیر الکثیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
7 ـ لن ینال الإیمان أبداً9 و 10 ـ أولئک لن یضروکم بشیء

نطَّلع فی المقطع الثامن من الآیات وهی «سورة الکوثر» على ثلاث نبوءات هامة ، لأنّه تعالى یقول : (اِنَّا اَعْطَیْنَاکَ الکَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَاَنْحَر * اِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الاَبْتَرُ) .

ذکر معظم المفسرین شأن نزول هذه الآیة ، وهی متقاربة مع بعضها البعض ومن جملتها ما قاله «البرسوی» فی روح البیان : «وذلک أنّهم (أی المشرکون) زعموا حین مات أولاده القاسم وعبد الله بمکة ، وإبراهیم بالمدینة ، أن محمد (صلى الله علیه وآله) ینقطع ذکره إذا ما مات وذلک لفقدان نسله ، فنبّه الله سبحانه الى : إنّ الذی ینقطع ذکره هو الذی یشنأه ، فأمّا هو فکما وصفه الله تعالى : (ورفعنا لک ذکرک) ، وذلک أنّه أعطاه نسلاً باقیاً على مر الزمان ، فانظر کم قتل من أهل البیت والعالم ممتلیء منهم»(1) .

وقال «الطبرسی» فی «مجمع البیان» : «قیل: نزلت السورة فی العاص بن وائل السهمی وذلک أنّه رأى رسول الله (صلى الله علیه وآله) یخرج من المسجد فالتقیا عند باب بنی سهم وتحدثا، واُناس من صنادید قریش جلوس فی المسجد ، فلما دخل العاص قالو : مع من کنت تتحدث؟ قال : مع الأبتر ، وکان قد توفى قبل ذلک عبد الله ابن رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهو من خدیجة ، وکانوا یسمون من لیس له ابن أبتراً فسمته قریش عند موت ابنه أبتراً»(2) .

ونقل الفخر الرازی ستة أقوال فی شأن نزول هذه الآیة بأنّ عدّة أفراد قالوا للنبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) : إنّک «ابتر» ، وهذه السورة ناظرة إلى هؤلاء الأشخاص(3) .

وعلى الرغم من أنّه قد ذکر افراداً متعددین ، إلاّ أنّ المحتوى والمضمون واحد فی جمیعه ، وأنّ جمیعهم کانوا یسمون النبی (صلى الله علیه وآله) «بالأبتر» حقداً وعداوة ، وقد رد علیهم القرآن بأجمعهم ، لأنّ هذه الأقوال الستة لا تتنافى مع بعضها البعض ، فمن المحتمل أنّ هذا التعبیر صدر من جمیعهم ، والرد القرآنی ناظر إلیهم جمیع .

وعلى أیّة حال فإنّ لفظة «الأبتر» فی الأصل ، تعنی قطع عضو من أعضاء جسم الحیوان ، ومن المتعارف أنّها تطلق على قطع الذنب ، ثم اطلقت بعد ذلک على الأشخاص المقطوعی النسل ، وکذلک على الذین ینقطع ذکرهم الحسن ، أو یمحى من الخواطر ، والخطبة «البتراء» أیضاً تقال للخطبة التی لا تبدأ باسم الله (أو أنّها لا تشتمل على ذکر الله) .

وورد فی المقاییس أیضاً أنّ «البتر» هو القطع ، و«السیف الباتر» هو السیف القاطع ، ویقال لمن لا عقب له : «ابتر». أمّا «الکوثر» فهی مأخوذة من مادة الکثرة(4) ، وهی نفس هذا المعنى ، ولها هنا فی هذا المقام معنى واسع وشامل ، وهو عبارة عن الخیر الکثیر والبرکة الکثیرة ، واحد مصادیقها البارزة هم الأبناء الصالحون والسلالة الطیبة ، واجلى مصداق لذلک هی بنت نبیِّ الإسلام و«سیدة نساء العالمین من الأولین والآخرین» فاطمة الزهراء (علیها السلام) .

وذکر المفسرون احتمالات کثیرة لمعنى «الکوثر» بحیث نقل الفخر الرازی خمسة عشر قول ، ونقل صاحب تفسیر روح المعانی عن بعض المفسرین ستة وعشرین قول ، وأشار إلیه المرحوم العلاّمة الطباطبائی فی «المیزان» أیض ، ومن جملة التفاسیر المشهورة له هو نفس «حوض الکوثر» المتعلق بالنبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) والذی یرتوی منه المؤمنون عند دخولهم إلى الجنّة(5) .

وفسره البعض أیضاً بأنّه مقام النبوة ، أو القرآن ، أو نهر فی الجنّة ، أو الشفاعة . وکما قلن : إنّ لهذه الکلمة معنى واسعاً وشاملاً لکل هذه المعانی وغیره ، ولا یمنع من جامعیة المفهوم تعدد مصادیق هذا المفهوم ، فلیس ثمّة تضاد وتنافر بین هذه التفاسیر المتعددة .

وعلى أی حال یستکشف من هذه السورة ثلاث نبوءات هامة :

أول : إنّه یقول : (اِنّا أعطیناک الخیر الکثیر) .

إنّ کلمة «اعطیناک» وإن خرجت بهیئة الفعل الماضی إلاّ أنّها من الممکن أن تکون من قبیل المضارع القطعی المبین بصیغة الفعل الماضی .

وهذا الخیر الکثیر فی الحقیقة یستوعب کل الانتصارات التی حظی بها النبی (صلى الله علیه وآله) ، والتی لم تکن متوقعة حین نزول هذه السورة .

هذا مع الأخذ بنظر الاعتبار شأن النزول وکلمة «الأبتر» التی اطلقها الأعداء على النبی (صلى الله علیه وآله) ، فیکون أحد المصادیق الجلیة لهذا الخیر الکثیر هم «الأبناء» ، والسلالة الخیرة التی تفرعت من ابنته الوحیدة «فاطمة الزهراء(علیها السلام)» ، وانتشرت فی سائر أنحاء الکرة الأرضیة ، وعلى حد قول البعض : إنّهم ملأوا العالم فی یومنا هذ ، وهذا هو الذی لم یکن متوقعا فی ذلک العصر .

وأشار إلى هذا الموضوع ـ بصراحة ـ جماعة من مفسری أهل السنّة أیض ، من ضمنهم الفخر الرازی ، فالقول الثالث الذی ینقله فی تفسیر «الکوثر» هم نفس أولاده وأبنائه وهذه السورة إنّما نزلت رداً على من عابه (صلى الله علیه وآله) بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه یعطیه الله تعالى نسلاً یبقون على مر الزمان ، فانظرکم قتل من أهل البیت ، والعالم ممتلیء منهم ، ولم یبق من بنی اُمیة فی الدنیا أحد یعبأ به ، ثم انظرکم من الأکابر من العلماء: کالباقر والصادق والکاظم والرض (علیهم السلام) والنفس الزکیة وأمثالهم(6) .

وجاء هذا المعنى فی تفسیر روح المعانی أیض : وقیل : هو أولاده (صلى الله علیه وآله) لأنّ السورة نزلت رداً على من عابه (صلى الله علیه وآله) وهم والحمد لله کثیرون قد ملأوا البسیطة(7) .

من جهة ثانیة یخبر أنّ أعداءه سیکونون «مبتورین» ، وبلا عقب ، وتحققت هذه النبوءة أیض ، ووصلت حالة التشرذم والتشتت بأعداء الرسول بحیث لم یبق لهم أثر فی هذا الیوم .

إنّ «أبو سفیان» وأبناءه وعشیرة بنی اُمیة الذین کانوا من الأعداء الشرسین للإسلام قد وقف بعضهم بوجه النبی والبعض الآخر بوجه أبنائه، کانوا فی یوم من الأیّام جمعاً غفیر ، بحیث تجاوز عدد ذویهم وأبنائهم وأرحامهم عن حد الاحصاء ، لکن لم یبق لهم شیء یذکر فی یومنا هذا فکل شیء عنهم انطوى فی صفحة النسیان .

یقول الآلوسی فی روح المعانی : «الأبتر، هو الذی لا عقب له ، حیث لا یبقى منه نسل ولا حسن ذکر ، وأما أنت فتبقى ذریتک وحسن صیتک وآثار فضلک إلى یوم القیامة»(8) .

إنّ هذه السورة وإن دلّ شأن نزولها وفقاً للروایة المشهورة على أنّ القائل لهذا الکلام هو «العاص بن وائل» الذی کان من الأعداء الألداء للنبی (صلى الله علیه وآله) إلاّ أنّه من البدیهی أنّ هذه السورة لیست ناظرة إلى الشخص فقط ، بل إنّ کلمة «شانىء» المأخوذة من مادة «شنآن» التی هی بمعنى البغض والعداوة ، لها مفهوم واسع وشامل لکل الأعداء ، وهذا التنبؤ صادق فی حقهم جمیع ، لأنّه لم یبق لهم ذکر یؤثر ، ولا أبناء معروفون ولم یکن التکهن بهذا المعنى ممکنا فی ذلک الیوم الذی کان النبی(صلى الله علیه وآله) یعیش فی مکة ، والمسلمون فی منتهى القلة .


1. تفسیر روح البیان، ج 10 ، ص 525 .
2. تفسیر مجمع البیان، ج30 ، ص 549 .
3. تفسیر الکبیر، ج 32 ، ص 132 .
4. یقول الآلوسی فی تفسیر روح المعانی، ج 30، ص 245: الکوثر صیغة مبالغة ، بمعنى الکثرة التی تجاوزت حداً معیناً، وفی لسان العرب ; الکوثر هو الکثیر من کل شیء .
5. تفسیر مجمع البیان، ج 30 ، ص 549 .
6. تفسیر الکبیر، ج 32 ، ص 124 .
7. تفسیر روح المعانی ، ج 30 ، ص 245 .
8. تفسیر روح المعانی، ج 30 ، ص 247 .
7 ـ لن ینال الإیمان أبداً9 و 10 ـ أولئک لن یضروکم بشیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma