7 ـ السّیاسة المالیّة للدّولة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الربا و البنک الإسلامی
6 ـ إعطاء التّسهیلات المالیّة المصرفیّة لأرباب الأعمال(14) خدمات البنوک ـ من وجهة نظر الفقه الاسلامی ـ

وأخیراً، فإنّ السابع الأغراض من الأغراض المهمّة لتشکیل البنوک، هو مسألة تخطیط ورسم السّیاسة المالیّة للدّولة، والسّیطرة على التضخم المالی ومعالجة القفزات الاقتصادیّة عند الضرورة، فمن الواضح أنّ وجود الفائض النّقدی فی أیدی النّاس یؤدی الى بروز عوارض التضخم الاقتصادی(1)، لأنّ وفرة الأموال توجب زیادة القدرة الشّرائیة للأفراد، وحینئذ یزداد الطلب وتتنوّع الحاجات للأجناس والبضائع المختلفة، فینهار التعادل بین العرض والطلب، فیؤدی ذلک الى غلاء الأسعار وإرتفاع القیمة، ویؤدی ذلک بدوره الى الاضرار بمختلف الفئات الاجتماعیّة، وخاصّةً الفئة المستضعفة والمحرومة فی المجتمع، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإنّ نقصات الأموال وفتور السیولة النّقدیّة لدى النّاس یؤدی الى الاضرار بمجمل الانتاج الاقتصادی وعرقلة تقدیم الخدمات لأفراد المجتمع، لأنّ الطلب سوف یتناقص، وفی مقابل ذلک یزداد العرض، لتوفر الأجناس والخدمات الفائضة على الطلب الفعلی، وهذا الأمر یؤدی الى إنخفاض القیمة، ویرخص الأسعار أکثر من الّلازم، ویترتب على ذلک إلحاق الضّرر بالمنتجین والشرائح المولّدة والمنتجة فی المجتمع، ممّا یبعث على انتکاس الأشخاص المنتجین إقتصادیاً والاعلان عن إفلاسهم.
وهنا لابدّ من وجود مؤسسة تأخذ على عاتقها إیجاد حالة من التعادل والمحافظة على التّوازن الاقتصادی فی المجتمع، وهذا هو معنى أنّ البنوک تسهم فی إتخاذ السیاسة المالیّة والاقتصادیّة للدّولة، فعندما تزداد النّقود والأموال من أیدی النّاس، یقوم البنک بأتّباع سیاسة خاصّة لجذب هذه الأموال، وإمتصاص الفائض منها، وعندما تتناقص الثّروة ورؤوس الأموال عند الأفراد، یقوم البنک بتزریق المال فی شرایین وروافد المجتمع الاقتصادیّة، وهی الأسواق التّجاریة وهکذا یستطیع البنک أن یلعب دوراً مهمّاً فی حفظ منافع المشتری من جهة، وحفظ رؤوس أموال المنتجین من جهة أخرى.
والخلاصة: إنّ فلسفة تشکیل البنوک متعدّدة، وقد ذکرنا سبعة موارد منها بالتّفصیل المتقدّم، وکلّ واحد منها یمکن أن یکون سبباً کافیاً لتشکیل البنک. 

سؤال هام: هل أنّ الغایات السبع لتشکیل البنوک المذکورة مشروعة أساساً؟ ألیس هناک بعض الموارد تخالف أحکام الشّرع ودساتیره؟
الجواب:
لو دققنا النّظر فی کلّ واحد منها من هذه الموارد السبعة، وأعدنا النّظر فیها مرّة أخرى، لأمکن الحکم بأمکانیّة رعایة الأحکام الاسلامیّة فی کلّ منها، فالغایات المذکورة لا تتنافى مع الأحکام الإسلامیّة ذاتاً، وحینئذ لا إشکال فی تأسیس وتشکیل البنوک الاسلامیّة مع مراعاة الأهداف المتقدّمة والشرائط التی سوف تأتی لاحقاً، مضافاً الى عدم مخالفته للشّریعة المقدّسة، حیث یکون مصداقاً للآیة الشریفة:(وتعاونوا على البرّ والتّقوى)(2).
وعلى هذا الأساس، فإنّ من یقول إنّ المؤسس الأول للبنوک هم الغربیون، وأنها من إفرازات الحضارة الغربیّة، وأنّها تقوم على أساس غیر مشروع ، یکون قد أخطأ فی رأیه لأنّ هؤلاء یرون بأنّ البنک یستخدم فی إستعباد النّاس والشّعوب بواسطة المستعمرین والمترفین، ولهذا فإنّ البنوک فی حد ذاتها تفتقد الى الشّرعیّة اللازمة.
ولکنّ الجواب على هذا المدّعى واضحٌ جداً، لأنّه بالرغم من أنّ الاستفادة غیر المشروعة من البنوک المتداولة والسائدة فی عالمنا الیوم لا شک فی حرمتها، إلاّ أنّ ذلک لا یلزم أن یکون أصل تشکیل البنوک وحقیقتها غیر مشروعة وفاسدة.
وعلى سبیل المثال: فإنّ الطائرة وسیلة نافعة ومریحة للمسافرین وزوّار بیت الله الحرام، فإنّها تنقل الحجّاج والمسافرین فی أقصر مدّة ممکنة وبطریقة مریحة الى أرض الوحی، فی حین أنّ السّفر فی قدیم الأزمان لم یکن یخلو من المشقّة الشّدیدة، والصعوبات الکبیرة، والأخطار المحیطة بمثل هذه الأسفار، فلو أنّ البعض أخذ یسی الاستفادة من هذه الوسیلة المفیدة والنّافعة، ویحولها الى آلة حربیّة قتّالة وقاذفة قنابل تدمّر المدن على رؤوس أهلها، وتهدم المدارس والمستشفیات والمکتبات والمساجد والمعابد وتقتل الأبریاء، فهذا لا یکون دلیلا على بطلان هذا الإختراع من الأساس، ولا أحد یقول: إنّ الطائرة بسبب هذه المعطیات السلبیة تفتقد الى المشروعیّة.
فعلى هذا، لا یکون الاستفادة السلبیّة من البنوک وتبدیلها فی عالمنا الیوم الى وسیلة لإستثمار الشعوب واستغلالها، سبباً فی إستحالة ماهیّة البنوک وصیرورتها غیر شرعیّة.
وخلاصة الکلام، أنّه لو تمّت الاستفادة من البنوک والانتفاع بها بالشّکل الصحیح، وأضحت البنوک سلیمة وإسلامیة، فإنّها ستکون من ضروریّات المجتمع البشری فی العصر الحاضر، ومصداق قوله تعالى: ( وتعاونوا على البرّ والتّقوى).
أجل، إذا لم یکن البنک إسلامیّاً، ولم یقم على أسس إقتصادیّة سلیمة، فإنّه سیغدو خطراً جداً، ویشکل أحد المعضلات الاقتصادیّة والاجتماعیّة، وسبباً لبروز المصائب فی المجتمعات البشریّة الحدیثة، کما نرى ذلک فی البنوک الرّبویّة التی تستثمر أموالها فی بعض دول العالم الثّالث، حیث تمتص جمیع خیرات وثروات هذه الشّعوب على أساس أنّها أرباح ربویّة تصبّ فی خزانة البنوک الرّبویّة للدّول الکبرى، ومن الواضح أنّ هکذا بنوک ربویّة هی مصداق أولئک المرابین الذین (یأکلون الرِّبا أضعافاً مضاعفة)الواردة فی الآیة الکریمة، بل أنّ المرابین العادیین یحصلون على الأرباح الرّبویّة بواسطة أموالهم الشّخصیّة، أمّا البنوک الرّبویّة فإنّها تمتص خیرات النّاس بواسطة أمواهم وثرواتهم، لأنّ أغلب ثروات البنوک ورؤوس الأموال المتراکمة فیها هی بمثابة ودائع لأصحابها من أفراد المجتمع، بل تارةً لا تکون للبنک ثروة ومال سوى المبنى، وأحد برکات الثّورة الاسلامیّة هو أنّهاخطت خطوات من أجل إصلاح هذه البنوک الرّبویّة، والتی سوف یأتی بیان ذلک لاحقاً.
وبالرغم من أنّنا تفصّلنا فاصلة کبیرة عن تحقیق وإجراء البنک الاسلامی الکامل، ونحتاج فی ذلک الى وقت ومجال متّسع، فإنّ النّظارة الدّقیقة والجدّیّة والمتواصلة من قبل المسؤولین ضروریّة، وهم بحاجة الى تعلیم أکثر وسعی متواصل فی هذا السّبیل، وعلى أیّ حال فإنّ خطوات إیجابیّة قد تحققت فعلا.


(1) من المعلوم أن أحد عوامل التضخم المالی هو الکمیة النقدیة فی أیدی الناس، وهناک عوامل اُخرى ما ذکر أعلاه.
(2) سورة المائدة: الآیة، 3.
6 ـ إعطاء التّسهیلات المالیّة المصرفیّة لأرباب الأعمال(14) خدمات البنوک ـ من وجهة نظر الفقه الاسلامی ـ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma