رأینا فی الأبحاث السّابقة أنّ هناک أفراداً فی المجتمع یمتلکون القدرة الکافیة فی إدارة الأمور الإقتصادیّة على مختلف المستویات والموارد، ولکنّهم یفتقدون الى رأس المال (على عکس الفرض السّابق وهم الأفراد المتموّلین الذین یفتقدون الى المدیریّة والتّدبیر اللازم) هنا یقوم البنک بأسلاف هؤلاء الأفراد مبالغ من رؤوس الأموال ویعقد معهم عقوداً شرعیّة، نظیر المضاربة والجعالة والمشارکة والإجارة بشرط التّملیک وغیرها، وبهذه الوسیلة یستطیع البنک الحدّ من هدر الطّاقات البشریّة وتعطیل هذه القدرات الانسانیّة، وتشغیلها فی ما ینفع النّاس.
 هنا لا نواجه أیّة مشکلة شرعیّة فی هذا المجال، إذا قام البنک بواجبه وتمّ تنفیذ العقود والمعاملات بصورة شرعیّة، یعنی أنّ البنک والمستثمرین یقومون بالاستفادة من رؤوس الأموال هذه فی مسیر الانتاج والاستفادة منها وفقاً للعقود الممضات بینهم، ویقوم البنک بالاشتراک معهم فی هذا السّبیل.
 ولکن مع الأسف نجد أنّ الکثیر من النّاس لا یلتزمون بمفاد العقود ولا یستعملون رؤوس الأموال التی إستلموها من البنک على وجهها الصّحیح ومسارها السّلیم، وتکون نتیجة ذلک أن تبقى العقود والمعاملات هذه لها جنبة صوریّة وشکلیّة فحسب، فتکون القروض هذه فی النّتیجة وقروضاً ربویّة، وبدلا من أن تبعث على سعادة النّاس وتنمیة إقتصادهم، تمسی سبباً فی الاضرار بهم وتدمیر معیشتهم.
 وعلى هذا الأساس، فأنّه لو عمل هؤلاء الأفراد بمضمون العقود والمعاملات التی أجروها مع البنک، فإنّ هذه الخدمة من البنوک لا تواجه إشکالا شرعیّاً.
 وفی الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن یوفق مسؤولی البنوک الاسلامیّة والمستثمرین لرؤوس الأموال هذه على العمل بالعقود الشّرعیّة وجمیع الأحکام الاسلامیّة کیما یتم تنفیذ وإجراء العقود والمعاملات الشّرعیّة فی البنوک بصورة کاملة، ونتخلص جمیعاً من آثام الرِّبا وعواقبه المشؤومة.
 وهنا لابدّ من توجه الأخوة الرّوحانیین والمبلغین الأعزاء وإدراکهم لضرورة تبین هذه المسائل، وإرشاد النّاس لهذه الأحکام الشّرعیّة، وأن لا یترکوا هذه السّنة الحسنة ولا ینسوا تذکیر النّاس بها من خلال المنابر والمساجد، لأنّ هذه الأعمال مهما کانت صغیرة وبسیطة، فإنّها تؤثر بصورة کبیرة على ثقافة النّاس وإنقاذهم من مشکلات عدیدة وکبیرة، الى الحد الذی بإمکانها أن تزلزل دعائم المجتمع والأسرة، ولیس هنا مجال لشرح ذلک.