المراد هو القرض الحسن(1) الذی یعتبر من أوضح وأجلى مظاهر العواطف الإنسانیة، وأسمى أشکال التفاعل الاجتماعی فی المجتمع البشری، بل أنّه أفضل من الصدقة أیضاً، ولذا جاء فی الرّوایات الشریفة أنّ الصدقة فیها عشرة حسنات والقرض فیه ثمانیة عشرة(2).ولعلّ الحکمة فی ذلک أنّ القرض الحسن له جانبان فی هذه العملیّة الاجتماعیة، فهو من جهة یقضی حاجة المحتاج فیشترک من هذه الجهة مع الصدقة، ومن جهة اُخرى یحفظ ماء الوجه للأفراد المحتاجین، وأصحاب الشرف وعلو الهمّة، حیث لا یتقبّلون الصدقة، فیکون القرض باعثاً على قضاء حاجتهم مع حفظ ماء وجههم، وأمّا بالنسبة إلى تخصیص هذا العدد وهذا الرقم من الحسنات والثواب، فانّ الصدقة تکون بعشرة أضعاف وذلک للمبدأ القرآنی القائل بأنّ: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثاله)(3) وبما أنّ القرض له جانبان من الفائدة والنفع (رفع الاحتیاج، وحفظ ماء الوجه) فلذا إستحقّ عشرین حسنة، ولکن بما أنّ رأس المال سوف یعود إلى المقرض وصاحب المال، فسوف ینقص منه حسنتان، ولذا أصبح ناتج القرض (18) حسنة، والصدقة بعشر حسنات، لأنّ الصدقة لیس فیها أکثر من عمل خیری واحد (فتأمل).
فتحصّل من ذلک أنّ الحکمة والغایة الرابعة فی تحریم الرِّبا أنّ أکل الرِّبا یمیت فی الإنسان العواطف النبیلة ومکارم الأخلاق.